يبدأ في الأول من شهر نيسان/أبريل المقبل البحريني عبداللطيف الزياني قيادة أمانة مجلس التعاون الخليجي، خلفًا للقطري عبدالرحمن العطية، الذي أجهضت بلاده تعيين المرشح البحريني السابق للزياني الدكتور محمد المطوع؛ بدواع إساءات تجاه الدوحة في فترة ماضية.
عبداللطيف الزياني (يمين) الى جانب عبدالرحمن العطية |
الرياض: بعد أقل من عقد شهد فيه العالم تغيرا كبيرا، خصوصا ما بعد عام 2001، يغادر القطري أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية منصبه بعد ثلاث دورات استلم فيها دفة الأمانة لأكثر مناطق العالم غنى، وتقع تحت صفيح ساخن من الأحداث والمستجدات يومًا تلو آخر.
تأتي مغادرة العطية بعد استلامه أمانة المجلس خلفًا للسعودي جميل الحجيلان، في وقت سياسي عصيب جاء بعد اعتداءات أيلول/ سبتمبر العاصفة بأشهر قليلة، كانت أمانة المجلس بحاجة رجل كشخصية العطية يستطيع التعامل بحذق ومهارة مع معطيات عالمية، وكانت موجهة أصابع الاتهام إلى منطقة الخليج عمومًا والسعودية على وجه التحديد.
ومع أن مجلس التعاون، الذي يعرف في الأوساط الشعبية بمجلس quot;عدم التعاونquot;، كناية عن عدم الرضى على منجزاته خلال ثلاثين عامًا منذ تأسيسه، إلا أن تحديات العمل المشترك تعتري كل مؤسساته في طريق التعاون والشراكة بين قطاعات المجلس كافة.
فشعوب دول المجلس الست التي تنطق عادة بعدم الرضى؛ كانت راضية في حقلين فقط في عهد العطية، أحدهما اجتماعي وآخر اقتصادي، تمثل الأولفي قرار التنقل بالبطاقة الشخصية بين دول المجلس الست، رغم عدم جدية بعض الدول في تطبيقه حينا والخلافات الدبلوماسية حينا آخر.
وتمثل القرار الاقتصادي في الربط الكهربائي الخليجي بين الدول الست الذي سيمكنها من دعم الاقتصاد والصناعات وتطوير البنية التحتية فيها، إضافة إلى قرار مشروع الربط البري بين دول المجلس عبر quot;قطار التعاونquot; الذي أقرت الدول الأعضاء كلها على القبول به في اجتماع القادة في كانون الأول/ديسمبر 2009، في وقت تم quot;ترحيلquot; مناقشة السوق المشترك والاتحاد الجمركي إلى أكثر من جلسة تشاورية واعتيادية.
قطر ترفض المطوع..!
في العام الماضي 2010 كانت قطر مترقبة للترشيح البحريني؛ الذي سيخلف مواطنها عبدالرحمن العطية الذي تجاوز ترشيح البحرين في العام 2001 ونال منصب الأمين العام للمجلس رغم أحقية المنامة بترشيح مندوبها؛ إلا أن الأخيرة تنازلت عن ذلك، على أن يبدأ مرشحها quot;المجهولquot; المهمة التالية للعطية.
مجهول البجرين محمد المطوع اتضح انه الرجل الذي تستاء منه قطر، إذ انه صاحب الحملة الإعلامية عليها إبان النزاع quot;الأخويquot; بين الجزيرتين الصغيرتين في مياه الخليج على جزيرة حوار إبان تسلمه مهام وزارة الإعلام، وانتهت قضيتها قضيتها في أروقة محكمة العدل الدولية في العام 2001؛ وقضت فيه المحكمة بملكية البحرين لها.
ورغم أن القطريين أكدوا على لسان أميرهم الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني quot;انتهاء الخلاف بين الدولتين بعد قرار المحكمة، وان هذا الخلاف سيكون بين ظهورناquot;، إلا جلسة قادة مجلس التعاون الخليجي التي أقيمت في دولة الكويت في أوائل العام 2010 حملت بين ظهرانيها غير المعلن احتجاجًا قطريًا على تسمية المرشح البحريني محمد المطوع.
الخلاف غير الظرفي على اسم المطوع حدا بقطر في الجلسة الخليجية في الكويت على القبول بأحقية المنامة في تسلم أحد مواطنيها كرسي quot;الأمانةquot;؛ من دون أن تبدي أي قبول تجاه طرح اسم المطوع الممقوت قطريا، بينما وافقت عليهكل دول المجلس، وعلى رأسها السعودية.
الأرق المستمر من البحرين وقطر اللتان اعتادتانشر القلق فيالخليج بكامله لم تستطيعا أن تنهيا الخلاف المترسب منذ عقود، وزادته قضية الحدود quot;قشاتquot;؛ كادت تقصم الظهر الخليجي للدول الطامحة للعمل المشترك؛ إلا أن تدخل السعودية بشخص ملكها عبدالله بن عبدالعزيز ساهم في تهدئة جذرية لصداع كاد يستمر، حيث جعل الملك مقعد الأمانة بحرينيًا مع تغيير لاسم المرشح المطوع، وهو ما وافقت عليه الدولتان الجارتان بقبول اسم اللواء عبداللطيف الزياني الآتي من قيادة الأمن العام البحرينية.
ويعد الزياني، الذي سيستلم دفة القيادة لأمانة التعاون، الأمين الخامس بعد الكويتي عبدالله بشارة، والإماراتي فاهم القاسمي، والسعودي جميل الحجيلان، وسلفه القطري عبدالرحمن العطية الذي بدأ بحزم حقائبه صوب بلاده، التي ستكافئه بعد تسع سنوات قضاها في الرياض، حيث مقر الأمانة العامة لدول الخليج.
والزياني صاحب السجل العسكري البحت يحمل أمانة التعاون في ظروف ليست بأفضل من سلفه العطية، بل في ظروف استثنائية جديدة تتصل بشكل مباشر مع الأمن الخليجي، حيث تعيش مملكته اشتعالاً بين فينة وأخرى من محتجين يطالبون بلاده بإصلاحات عديدة، في ظل انتشار عسكري خليجي بقيادة قوات درع الجزيرة.
ويحيط بالزياني الذي سيخلع البزة العسكرية لقيادة مدنية للمرة الأولى؛ هما مع تنقلات لشعلة الثورات العربية التي بدأت في كانون الثاني/يناير من العام الحالي من تونس إلى مصر، وحالياً في سوريا وليبيا واليمن، حيث الأخيرة تتهاوى أمام أعين رقيبة من دول المجلس التي تحاول تهدئة الأوضاع حتى لا تجر فيه دول الخليج إلى تبعات سيظهر أذاها على المدى القريب ndash; البعيد.
التعليقات