نصيحة بسيطة سجّلها الأجداد على ألواح حجرية لأجيال المستقبل كانت كفيلة بتفادي قرية يابانية صغيرة نوع الدمار والخسائر التي عانت منها بلدات ومدن بأكملها.


لوح حجري لا يزيد ارتفاعه عن 120 سنتمترا (أربعة أقدام) هو الذي أنقذ قرية من التسونامي الذي عصف بشرق اليابان في 11 مارس / اذار الماضي وقلب الحياة رأسا على عقب في عموم البلاد.

القرية هي أنيوشي الشمالية الشرقية ويعود الفضل في إنقاذ أرواح أهلها من الموت الجماعي قطعة الحجر القديمة لأنها تحمل الكلمات التالية: laquo;لا تبن منزلك على ارتفاع يقل عن هذه النقطةraquo;. وقد استجاب أهل المكان، وعددهم لا يزيد عن 34 شخصا يعيشون في 11 منزلا فقط، لهذه النصيحة فنجوا من إحدى أفدح الكوارث العصر الحديث الطبيعية التي دمرت مدنا وبلدات بأكملها في اقليم ايوات الذي توجد فيه القرية وعانى أكثر من غيره من الغضبة المائية.

واللوح الحجري واحد من ألواح أخرى مشتتة هنا وهناك على الأراضي اليابانية وتقف شاهدا على تاريخ البلاد الحافل بهذا النوع من الكوارث الطبيعية. وواضح أن الأجداد أرادوا بها تحذير الأجيال المقبلة الى هذا الخطر وكيفية النجاة من ويلاته فنحتوا كلماتهم الخالدة عليها وأنقذوا ربما ملايين الأرواح على مر العصور. ويقال إن بعضها يعود الى أكثر من ستة قرون.

هذا على الأقل هو ما نقلته laquo;نيويورك تايمزraquo; عن البروفيسير ايتوكو كيتاهارا، من جامعة كيوتو، الذي يضيف قوله إن أهالي قرية أنيوشي اقتنعوا بالسكن في المناطق الجبلية العليا بعد تسونامي ضري المنطقة في العام 1896 وقتل 22 ألف شخص.
لكنهم عادوا الى مكانهم السابق قرب الساحل بعد ذلك بزمن. على أن تسونامي آخر في 1933 لم يُبق من سكانها غير أربعة فقط. فهضموا الدرس وأقاموا اللوح الحجري ذا الكلمات laquo;لا تبن منزلك على ارتفاع يقل عن هذه النقطةraquo;. وكان لهذا العمل الفضل في إنقاذ السكان من تسونامي العام 1960، وها هو ينقذهم مجددا في 2011.

على أن الكثير من قرى وبلدات أخرى لم تتمتع بحظوظ أنيوشي رغم أنها تضم ألواحا حجرية مماثلة. وقد اجتمع عاملان لكتابة هذا المصير المحزن: الأول، هو أن الزلزال الذي تسبب في تسونامي مارس الماضي كان بقوة 9 درجات، العالية على مقياس ريختر، ولذا فقد قتل التسونامي الذي تبعه 29 ألف شخص تبعا للتقديرات الرسمية. والثاني، الأهم ربما، هو أن السكان لم يستجيبوا للنصيحة الواردة في الألواح باعتبارها laquo;كانت صالحة في وقتها فقطraquo;.

ويقول فوميو ياماشيتا، الكاتب والخبير في ظاهرة التسونامي: laquo;للأسف فإن الناس ينسون الدمار والخسائر بمرور الزمن ولا يتنبهون لتحذيرات كتبها سابقون على ألواح حجرية الى أن يأتي تسونامي آخر فيندم الناجون على تجاهلهم النصح. ورغم أن أهالي أنيوشي كانوا هم الاستثناء وحصدوا خيرا، فللأسف لا يمكن قول الشيء عن نفسه عن قرى وبلدات كثيرة كان يمكن تقلل خسائرها كثيرا فقط إذا استجابت لنصيحة بسيطةraquo;.