شنّ رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي خلال مؤتمر لدور منظمات المجتمع المدني في ترسيخ الحقوق والحريات، اختتم في بغداد اليوم، شنّ هجومًا غير مسبوق على المحاصصة الطائفية، قائلاً إنها استولدت محاصصة حزبية وطائفية، غيّبت غالبية الشعب، ودفعت شخصيات فاشلة وفاسدة إلى مراكز القرار، مما أضاع فرصاً نادرة لاستعادة مقومات الدولة الحقيقية. فيما أوصى المؤتمر باتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية حقوق الإنسان في البلاد، والحدّ من الانتهاكات التي تستهدف حرية المواطن.


جانب من مؤتمر منظمات المجتمع المدني وحماية حقوق الإنسان في بغداد

أسامة مهدي من لندن: قال رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي خلال مؤتمر دور منظمات المجتمع المدني في ترسيخ الحقوق والحريات عقد تحت شعار quot;بين المشرّع والمجتمع المدني .. شراكة حقيقية.. ومُدافع حرّquot; إنّ الشعب العراقي هو الواضع الأول لباكورة لوائح حقوق الإنسان عرفتها البشرية، وإنه منتج للوائح، وليس مستهلكاً للوائح غيره، وإنه مؤهل أكثر من سواه لتطويرها والحفاظ عليها واحترامها وإشاعتها ثقافةً وسلوكاًquot;.

وأضاف quot;أن الدين الإسلامي قد وفّر للبشرية كلها لوحاً لحقوق الإنسان نادر المثال، وهذه الحقيقة تمنح شعبنا، كونه شعباً مسلماً بغالبيته، خاصية أخرى ترجّح كفته في التعاطي الإيجابي مع حقوق الإنسان، بما يفوق تعاطي سواهquot;. وأشار إلى quot;أنّ حقوق الإنسان تبقى مدوّنات ونيّات وأحلاماً مجرّدة إن لم يسعَ الفرد في المجتمعquot;quot;. ورأى quot;أن حقوق الإنسان كائن نامٍ متحرك متغير بتغير نواميس الحياة ومعطياتها، فما قد يعدّ اليوم حقاً مترفاً قد يكون غداً حقاً حتمياً، ونمو هذا الكائن لن يكون صحيحاً وسليماً، إن لم يكن في بيئة صحيحة وسليمةquot;.

وأشار الى quot;أن هذا الاجتماع أمام تحدٍّ خطر هو كيفية إيجاد هذه البيئة في ظل دوامات بعض مسارات العملية السياسية كالمحاصصة الطائفية التي استولدت محاصصة حزبية، وتمخّضت هذه عن محاصصات شللية وشخصية، وما نجم منها من تغييب للسواد الأعظم من الشعب وكفاءاته ونخبه لمصلحته quot;الأناوياتquot; الشخصية والحزبية والفئوية والطائفية التي دفعت شخصيات ضعيفة وفاشلة وفاسدة إلى مراكز القرار والإدارة في بعض مفاصل الدولة، مما أضاع فرصاً نادرة للإعمار والبناء وإستعادة مقومات الدولة الحقيقية، وزمناً لا يعوّض ومالاً لا يسترجع.

ولفت إلى أن هذا القياس يصحّ مع ظاهرات انتشار السلاح والميليشيات، ما أُعلن منها وما أُستتر، وشيوع التصفيات الجسدية والاغتيالات لأسباب سياسية وثأرية وغيرها والصراعات السياسية لأسباب غير وطنية، واستشراء الفساد المحمي من بعض مراكز القرار واستفحال الرشوة في منح الفرص وغياب العدالة المبرم. وشدد على أن هذا تحديًا جدّ خطر، وقال quot;قد رأينا جميعاً بعض صوره متمثلاً في الغضب الشعبي والشبابي، الذي عمّ ومازال الكثير من مدننا مطالباً بحقوقه التي غيّبها التهاتر الفجّ بين الكتل السياسية، ورغم ذلك فإننا نتعشّم بأن توضع حقوق الإنسان على بوصلتها الحقيقية في بيئة صحيحة سليمة معافاة، وما ذلك بصعب على العراقيينquot;.

من جانبه، قال النائب سليم عبدالله الجبوري رئيس لجنة حقوق الإنسان إنّ تقدّم الأمم ورقيّها يتركز وبدرجة كبيرة على مقدار احترامها حقوق الإنسان لأن الحقوق والحريات في المجتمع هي انعكاس للفهم الديمقراطي الصحيح. واشار الى أن البعد الثقافي لحقوق الإنسان يمثل القاسم المشترك لإنجازات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتحدياته أو التنبؤ بمستقبله، وأن ثقافة حقوق الإنسان هي من القضايا الجوهرية التي تؤثر في الوعي الجماهيري. وأضاف إن إقرار حقوق الإنسان والاعتراف بها لم يحقق لها الاحترام والفعالية المطلوبة، ما لم تكن هناك ضمانات حقيقية تعمل على حمايتها من العبث والانتقاص، وأول هذه الضمانات أن تكون الدولة نفسها خاضعة للقانونquot;.

وأشار الجبوري إلى أن الهيئات والمنظمات الخاصة المستقلة عن الحكومة مارست دوراً مهماً في مجال حقوق الإنسان في العراق من خلال الدفاع عن الحقوق والحريات ضد انتهاكات صادرة من أطراف عدة، والعمل على رفد العملية التشريعية بمقترحات قوانين أو وجهات نظر والتعاون مع المؤسسات المتعددة والمنظمات الدولية على دفع مسيرة حقوق الإنسان إلى الأمام، والعمل على احترام تلك الحقوق.

وأبدى استعداده من خلال مجلس النواب ورئاسته للجنة حقوق الانسان لعقد شراكة حقيقية مع مؤسسات المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان في تنسيق المواقف وتقاسم الأدوار وتحقيق التكامل، بما يحقق مصلحة المواطن العراقي ويحمي حقوقه وحرياته.

أما النائب علي التميمي فقد أشار إلى معاناة الشعب العراقي في ما يتعلق بإنتهاكات حقوق الإنسان قبل وبعد عام 2003، وتطرق إلى كيفية إنشاء آلية قانونية للتعامل مع منظمات المجتمع المدني، مبيناً أهمية دور منظمات المجتمع المدني في بناء العراق.

ثم ناقش المؤتمر أوراق عمل، بدأها النائب سامي شاتي، حول تحديات الحريات العامة في العراق، حيث أشار إلى أن هناك تحديات بعد 2003 متمثلة في استمرار التشريعات السابقة التي تتعارض مع حقوق الإنسان والتلكؤ في إصدار المؤسسات الضامنة للحريات العامة ومدى التزام دوائر الدولة بالحقوق والتمييز على الأساس الطائفي والديني.

من جهته طالب محمد عبدالله رئيس منظمة قابيل لحقوق الإنسان بأن يخصص مجلس النواب بعض جلساته لموضوع منظمات المجتمع المدني وتطوير مكتب شكاوى المواطنين التابع للمجلس إلى مديرية لرفد المجلس بكافة شكاوى المواطنين. أما هوكر جتو رئيس التحالف العراقي لحقوق الإنسان فقد دعا مجلس النواب إلى إعادة النظر في بعض بنود الدستور التي تقيد الحريات وحقوق الإنسان، وأن تكون تشريعات الحقوق هي الأصل والتقييد هو الاستثناء، وأن يكون الإعلان العالمي لحقوق الإنسان رافداً أساسياً في التشريعات والممارسات وتوسيع دائرة مشاركة منظمات المجتمع المدني، والاستمرار في عقد ندوات كهذه وتجاوز المحاصصة في إنشاء مفوضية حقوق الإنسان.

ثم قدم طارق العادلي رئيس المركز الإعلامي لمنظمات المجتمع المدني اقتراحات عدة، منها تبني رئيس البرلمان لاقامة ندوات توعية بمفهوم منظمات المجتمع المدني ونقل آراء وتصورات وبحوث كوادر منظمات المجتمع المدني إلى اللجان المختصة في المجلس وتسمية موظف كمنسق بين منظمات المجتمع المدني ولجان المجلس.

رئيس منظمة حقوق الطفل وحماية الإنسان ماهر عبدالله العبيدي أشار بدوره إلى الانتهاكات الكثيرة التي حدثت في محافظة نينوى الشمالية من خلال التعذيب في المعتقلات والتعسف في إلقاء القبض العشوائي وعدم الاعتراف بحقوق الإنسان من قبل الأجهزة الأمنية والتأكيد على حق التظاهر السلمي لكونه حقاً طبيعياً كفله الدستور. ثم تحدث أثير محمد سليم الخشاب عن تحديات ومشاكل التنمية المستدامة في العراق.

وتطرقت نسرين العميدي إلى معاناة المرأة العراقية من انتهاك حقوقها بسبب العادات والتقاليد والتشريعات والقوانين، مقترحةً وضع إستراتيجية وطنية لحقوق الإنسان، والاستفادة من التجارب الدولية ومراجعة التشريعات وموائمتها مع الاتفاقات الدولية وإجراء إصلاحات مؤسساتية. وطالب عايد صاحب الهلالي رئيس منظمة الحوار المتمدن بخارطة طريق للاعتراف المتبادل بين منظمات المجتمع المدني والحكومة وبناء منظمات المجتمع الدولي وفق أسس دولية، ودعا إلى إنشاء برلمان منظمات المجتمع المدني وحكومة ظل منظمات المجتمع المدني.

أما ياسر صالح مجيد من منتدى الحوار المدني فأشار إلى التوصل إلى حزمة من آليات الشراكة يمكن إضافتها إلى النظام الداخلي لمجلس النواب. بينما طالبت هناء إدور رئيس جمعية الأمل العراقية بالتركيز على إصدار القوانين الخاصة بمجال حقوق الإنسان والتأكيد أيضاً على ضرورة وضع ضمانات لحرية التظاهر وإحالة منتهكي حقوق الإنسان إلى القضاء، كما أشارت إلى معاناة عوائل المفقودين والمعتقلين.

وقد اختتم المؤتمر بتوصيات دعت الى العمل على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية حقوق الإنسان في العراق والحدّ من الانتهاكات التي تستهدف حرية المواطن العراقي وتعزيز الشراكة ما بين مجلس النواب ومنظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان. اضافة الى الإسراع بتشريع القوانين الداعمة حقوق الإنسان.

جاء المؤتمر انطلاقًا من دور منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الانسان فى مجال تدعيم الحريات التي كفلها الدستور العراقي للمواطن لأنها تقوم بمراقبة الانتهاكات الحاصلة في مجال حقوق الإنسان، فهى تقوم برصد حقوق المجتمع وأفراده من تصرفات ظالمة، وتسعى إلى الدفاع عن كل فرد فى المجتمع ليتمتع بحقوقه المعترف بها. كما هدف الى تعزيز واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة التي كفلها الدستور العراقي والمواثيق الدولية .. وعقد شراكة فعالة بين مجلس النواب ومنظمات المجتمع المدني.

هذا ويشهد العراق منذ الخامس والعشرين من شباط (فبراير) الماضي تظاهرات تعمّ أنحاء البلاد، تطالب بالإصلاح والتغيير والقضاء على الفساد المستشري في مفاصل الدولة، ينظمها شباب من طلبة الجامعات ومثقفون مستقلون عبر مواقع التواصل الاجتماعي في شبكة الإنترنت، وهي تشهد بين الحين والآخر تضييقاً من قبل الأجهزة الأمنية، وفرض حظر للتجول لمنع وصول المتظاهرين الى اماكن تجمعاتهم، كما شهدت إطلاق نار من قبل هذه الأجهزة، مما أسفر عن سقوط العديد من القتلى والجرحى في صفوف المتظاهرين.