كان لتجريد زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، الذي قتل اليوم، من الجنسية السعودية سبب في غيابه عن قوائم المطلوبين الأمنيين، التي تعلنها الأجهزة الأمنية في المملكة، خصوصًا بعد 2003، الذي شهد ملاحقة أمنية لعناصر التنظيم الذي استوطن في اليمن أخيرًا، مع أنباء تفيد بعدم إقامة أسرته أي مراسم عزاء له.


بن لادن الذي قتل اليوم غاب اسمه عن قائمة المطلوبين سعوديًا

الرياض: جاء إعلان واشنطن اليوم نبأ quot;قتلquot; الرجل الأكثر خطورة في العالم، والملاحق منذ العام 1996، مفاجئًا، ورحّب به المجتمع الدولي، خصوصًا تلك الدول التي ذاقت مرارة quot;قتالياتquot; تنظيم القاعدة.

ففي الوقت الذي انشغل العالم بأسره بربيع عربي إقصائي في غالبية جمهورياته، أعاد خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما دفة الأحداث من ثورات وخلافها إلى عالم الاستقصائية عن الإرهاب ورجالها، عبر إعلانه عن quot;مقتلquot; زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في عملية عسكرية في العاصمة الباكستانية إسلام آباد.

أسامة بن لادن هو سعودي quot;جُرِّدquot; من جنسيته في العام 1994، بأمر من الحكومة السعودية، بعدما أكدت الرياض خطورته عالميًا، بعد تفجيرات لتنظيم quot;القاعدةquot; في العام 1992 في فندق quot;غولد مورquot; في مدينة عدن اليمنية، وكذلك بعد هجوم تنظيمه المتفرع في فرع في مدينة مقديشو الصومالية على القوات الجوية الأميركية في العام 1993.

تجلت المطالبة السعودية بالقبض على quot;بن لادنquot; بعد تفجير الرياض، الذي وقع في العام 1995، بإسكان يتبع لشركة تطويرية للحرس الوطني السعودي، قتل خلال التفجير أربعة أميركيين، مما زاد غضب الحكومة السعودية، التي بدأت في التفاوض quot;استخباراتيًاquot; مع الحكومة السودانية، إذ إن أراضي الأخيرة كانت مرتعًا وملاذًا لأسامة قبل هروبه نحو أفغانستان.

لم يكفّ تنظيم القاعدة، الذي كان يختم باسمه أي عمل إرهابي، لم يكفّ عن استهداف كل ما هو أميركي، من أفراد أو منظمات أو حتى أجزاء من دولة، ولعل الحدث الذي حرّك ضد quot;بن لادنquot; القوات الأميركية وتحالفات عدة، أبرزها قوات حلف quot;الناتوquot;، كانت أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001، حيث كانت هي الهزّة الكبرى، التي غيّرت خريطة التعامل والسياسة الخارجية للحكومة الأميركية.

فبدأت مع هذه الحادثة تقسيمات ما بين دول حليفة ودول غير متعاونة في مجال محاربة الإرهاب، كانت السعودية فيها هي الحليف الاستراتيجي لمحاربة الإرهاب، خصوصًا وأن quot;القاعدةquot; بتنظيمها وفكرها القتالي، وأسامة الذي أدار ظهره للسعودية، هما نقطة التحالف والتعاون لكونها تجرّعت مرارة تلك القسوة الإرهابية.

وفي الوقت الذي كان فيه أسامة بن لادن، يحرّك مدافع الدم نحو وجهات مختلفة من العالم، قتل فيها العديد من المدنيين، كان محل إعجاب وارتباط عاطفي من قبل بعض من الشارع السعودي، خصوصًا وأنهم يرونه quot;سلفيَquot; العقيدة، وهي العقيدة التي يتبعها غالبية السعوديين، إلا أن أسامة بن لادن ابتدع لها خطًا قتاليًا منظمًا، وخارجًا على الدولة، وهو الأمر الذي لم يكن موجودًا من قبل داخل المجتمع المحافظ.

الإعجاب الشديد سعوديًا بـquot;بن لادنquot; سرعان ما تغير، وانطفأت نفوذيته لدى البعض من المتعاطفين السابقين له، بعد تفجيرات العاصمة السعودية الرياض في الثاني عشر من أيار/ مايو من العام 2003، حيث كانت فيها السعودية أرضًا خصبة لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، قبل انتفاضة أمنية شتت كل أركان وأشكال الإرهاب، جعلت التنظيم يختار quot;كرهًاquot; اليمن منبرًا لتوجيه الخطابات وإعداد الخطط من وراء سور مؤرق للحكومة السعودية.

ما بعد العام 2003 وتبنّي quot;القاعدةquot; تلك التفجيرات بتخطيط من زعيمها أسامة بن لادن، وتنفيذ quot;وطنيquot; على يد أبناء السعودية، الذين يشّكلون قرابة الـ(70%) من قوة التنظيم، جاءت الضربات الاستباقية من الأجهزة الأمنية السعودية، حيث أعلنت بشكل متكرر قوائم لمطلوبين خططوا أو ساهموا في التخطيط الماضي والتخطيط المستقبلي لعمليات إرهابية يستهدفون فيها المملكة.

على الرغم من كل القوائم المتلاحقة لأعضاء أو متعاطفين مع أسامة بن لادن وتنظيمه، لم يكن أسامة بينهم لكونه المجرد كراهية من quot;سعوديتهquot;، وهو الرجل الأكثر خطورة ضمن قوائم الإرهاب على مستوى العالم، في ظل تهديدات كان يطلقها برفقة نائبه والقائد المرتقب في التنظيم أيمن الظواهري، الذي يعدّ هو من أعاد تشكيل فكر أسامة نحو استهداف برامج أخرى صوب السياسة، في ظل زعامة quot;لادنيةquot; باعتباره الأقدر على التمويل المالي للتنظيم.

وفي خضم الأحداث المتلاحقة من استهداف للأمن السعودي، وما قبلها من استهداف وقتل المقيمين quot;الغربيينquot; في السعودية، اتجه أسامة بن لادن نحو فكرة جديدة من خطابه القتالي، تمثل في التخطيط للهجوم على منشآت نفطية باءت كلها بالفشل، كان يسعى خلالها إلى إضعاف الرياض في كل خططها، وهي الدولة التي مرّت في حالة تحول وانفتاح بعد تفجيرات العاصمة.

وبحسب ما تتناقله الأنباء محليًا، فإن quot;بن لادنquot; العائلة؛ لن تقيم أي مراسم عزاء لابنها، ارتبط اسمها شعبيًا في السعودية بجانب إرهابي مثله شخصيًا أسامة، كذلك ارتبط اسمها بجانب اقتصادي، نظرًا إلى كونها من أكبر الشركات السعودية في مجال البناء والتعمير، وهو المجال الذي كان فيه أسامة سفيرًا ممثلاً لعائلته في استثماراتها في عدد من الدول العربية، على رأسها السودان، التي كانت ملاذًا له، ومقرًا في تخطيط إيديولوجيا quot;القاعدةquot;، تحت إطار إسلامي يسمّى بـquot;الجهادquot;.