رسومات توضيحية للمبنى الذي تحصّن فيه أسامة بن لادن

تحدث نائب مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جون برينان بلغة متفائلة عقب الاعلان عن مقتل اسامة بن لادن، قائلاً ان زعيم تنظيم القاعدة مات، وخطاب التنظيم آيل الى الإفلاس.

ويرى مراقبون ان تنظيم القاعدة يسير نحو الإفلاس ماليا ايضا.فالتنظيم تلقى ضربة مزدوجة بمقتل زعيمه الكاريزمي، ومجيء الربيع العربي، الذي ازدهرت فيه انتفاضات شعبية ديمقراطية ضد طغاة غاشمين.

ولم يعد تنظيم القاعدة وفروعه قادرة على تسويق نفسها بين المسلمين، بوصفها البديل الأوحد عن الأنظمة الاستبدادية.

ويؤكد محللون ان ادارة جماعة ارهابية لا تكلف كثيرًا، بل بضع مئات الدولارات لشراء حزام ناسف، فيما تقول لجنة التحقيق في اعتداءات 11 ايلول ـ سبتمبر إن تنظيم القاعدة انفق 500 الف دولار فقط لتدمير البرجين ومركز التجارة العالمي وضرب مبنى البنتاغون.

لكن خبراء في مكافحة الارهاب يلفتون الى ان تنظيم القاعدة ما زال بحاجة الى المال لشراء السلاح ورشوة الجماعات المسلحة الباكستانية الجشعة التي تحمي مئات من عناصره ومؤازريه المختبئين على امتداد الحدود الافغانية ـ الباكستانية، وتطعمهم وتؤويهم.

وما زال التنظيم بحاجة الى المال لإدارة ذراعه الدعائية التي تضم العديد من المواقع الالكترونية مثل السحاب، وشركة لانتاج افلام الفيديو، يُعتقد انها تعمل من باكستان.

لكن هذه التكاليف لا تُقارن بما يقرب من 30 مليون دولار، كان تنظيم القاعدة يجمعها وينفقها سنويًا، قبل 11 ايلول ـ سبتمبر، بحسب وكالة المخابرات المركزية الاميركية، رغم ان حجم التكاليف الحالية ما زال يُقدَّر ببضعة ملايين.

وتنقل مجلة تايم عن خبراء ان المصدر الرئيس لتمويل نشاطات القاعدة لا يأتي من تجارة الافيون الافغاني التي تحتفظ حركة طالبان بإيراداتها لنفسها، ولا من ثروة بن لادن الشخصية.فهو حُرم من ملايين عائلته منذ منتصف التسعينات.

كما إن المحققين في شؤون الارهاب لم يعثروا على أي صلات مالية تربط القاعدة بدولة مثل العراق أو العربية السعودية.ومنذ اعتداءات 11 ايلول ـ سبتمبر، كان تنظيم القاعدة يموّل نفسه من متبرعين، كبارًا وصغارًا. الكبار هم افراد اثرياء متعاطفون في منطقة الخليج.اما الصغار فهو كثر ينتشرون في سائر انحاء العالم الاسلامي.

ويختار بعض المسلمين المتأثرين بخطابية بن لادن المعادية للغرب ان يؤدوا فريضة الزكاة بدعم مالي لجماعات تربطها صلة فضفاضة بتنظيم القاعدة.

وكانت شخصية بن لادن الكاريزمية دائمًا قوة الجذب الرئيسة في استدراج هذه التبرعات.فان الأسطورة التي نُسجت عنه محاربًا عملاقًا يتحدث بصوت خافت، هجر حياة الترف في القصور من اجل الجهاد في المغارات، كان لها أثرها في الكثير من شيوخ الخليج الذين يبحثون عن راحة الضمير بتقديم المال.وكان ذلك اسهل عليهم من حمل الكلاشنكوف والسير وراء بن لادن في براري افغانستان، التي تكسوها الثلوج.ومن الدار البيضاء الى بشاور، يحمل مسلمون شبان صور بن لادن على هواتفهم الخلوية، ويفرغون خطاباته من المواقع الالكترونية المتطرفة كلما تمكن من تهريبها.

لكن بن لادن مات، ومساعده المربوع أيمن الظواهري قد يتفوق على بن لادن في التنظير الفقهي، لكنه بالتأكيد يفتقد جاذبية زعيمه.وتنقل مجلة تايم عن مصادر مطلعة ان الظواهري معروف بغطرسته وسلوكه المشاكس والاستطراد في خطابات مملة، وهو ليس من نوع الارهابي الذي ينال اعجاب اتباع محتملين، ويشجعهم على التبرع للتنظيم.

وحين كان بن لادن أسير قصره في ابوت آباد، وقعت مهمة التعبئة وجمع المال على عاتق الظواهري.لكن النتيجة لم تكن باهرة.وفي شريط فيديو بُث في آب ـ اغسطس 2009، توسل الظواهري أنصار القاعدة في باكستان ان يدعموا الجهاد والمجاهدين بأشخاصهم وثرواتهم وآرائهم وخبراتهم ومعلوماتهم وصلواتهم.

وفي العام الماضي، ظهر القيادي في تنظيم القاعدة مصطفى ابو اليزيد على احد المواقع، يناشد الأنصار والمؤيدين ان يتبرعوا بالمال، قائلاً ان المجاهد لا يستطيع ان يجاهد من دون مال يشتري به السلاح والطعام والشراب.وتذهب تقارير صحايفة الى ان رسومًا قدرها 1200 دولار فُرضت على جهاديين اوروبيين تدربوا في معسكرات القاعدة في باكستان.

كما قُصم ظهر تنظيم القاعدة مالًيا بحملة عالمية ضد المصارف والمؤسسات المالية التي يُشتبه بمساعدتها الشبكة الارهابية.ولجأ التنظيم الى الاعتماد على سعاة يحملون النقود، كثير منهم باشتون من المناطق القبلية.وتنقل مجلة تايم عن زعيم قبلي في جنوب وزيرستان ان تدابير كانت تُتخذ لقيام هؤلاء السعاة الباشتون بنقل حقائب محشوة بالنقود من متعاطفين خليجيين خلال موسم الحج الى مكة وإيصالها الى القاعدة.

لكن هذه تبقى قطرات بالمقارنة مع الملايين التي كانت تتدفق على تنظيم القاعدة، قبل ان تقطع المصارف قنوات التمويل.بكلمات اخرى فإن تنظيم القاعدة يواجه ضائقة مالية، وقع فيها حتى قبل ان يفقد بن لادن، الذي كان قوة الجذب الرئيسة لتبرعات المتعاطفين.