شهد سجن بغداد اشتباكات دامية، شكّل رئيس الوزراء نوري المالكي على إثرها لجنة تحقيق لمعرفة ملابسات الحادث، فيما قرر مجلس النواب استجواب قادة أمنيين حول خلفيات الخروقات الأمنية الأخيرة، واعترفت قيادة بغداد بوجود خلل في التعامل مع المعتقلين الخطرين.

سجن بغداد المركزي

لندن: فيما شكل رئيس الوزراء نوري المالكي لجنة تحقيق في حادث اشتباكات شهدها سجن في بغداد اليوم، استمرت ست ساعات، وادت الى مقتل 8 مسؤولين امنيين، و11 عنصرا لتنظيم القاعدة، فقد اعترقت قيادة بغداد بوجود خلل واضح في عمليات إقتياد والتحقيق مع المعتقلين الخطرين للتنظيم، بينما قرر مجلس النواب استجواب قادة أمنيين واستخباراتيين لمعرفة أسباب الخروقات الأمنية التي تشهدها العاصمة حاليًا.

المالكي سارع الى مبنى وزارة الداخلية

فور الاعلان عن الاشتباكات، سارع رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي إلى مبنى وزارة الداخلية، حيث اجرى نقاشات مع كبار المسؤولين فيها حول الحادث. وقد اعطى المالكي تعليماته بتشكيل لجنة لمعرفة ملابسات الحادث وكيفية وقوعه داخل مبنى الوزارة.

وشدد المالكي على ضرورة عدم السماح بحصول أي تراجع او اختراق امني والحفاظ على الامن وبشكل تصاعدي من خلال التشخيص الواقعي والدقيق وعدم الاعتماد على التقييمات الجاهزة وغير الميدانية. واكد على ضرورة تحلي القوات الامنية بالمهنية العالية والضبط العسكري ومنع تكرار مثل حوادث كهذه.

وحثّ القائد العام للقوات المسلحةالاجهزة الامنية على مواصلة العمل والتحلي بأقصى حالات اليقظة والحذر لإفشال مخططات الارهاب، داعيًا قوى الامن الداخلي الى تحديد المستلزمات الضرورية التي تمكنهم من تأدية المهام بشكل فعال وصحيح.

أما الناطق باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا فقد اقرّ بوجود خلل واضح في عمليات اصطحاب والتحقيق مع عناصر القاعدة الخطرين. وابلغ الصحافيين ان حادث سجن بغداد اليوم يؤكد وجود مخطط للقاعدة لتهريب معتقلين خطرين في القاعدة يجري التحقيق معهم. واشار الى ان والي بغداد المعتقل هو الذي بدأ تنفيذ العملية اثر استيلائه على مسدس ضابط كلف بأقتياده من زنزانته الى غرفة التحقيق. واضاف ان اجراءات امنية قد اتخذت لمالجة هذا الخلل وعدم تكرار مثل هذه الحوادث.

إستجواب قادة أمنيين وإستخباراتيين

من جهته، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي حاكم الزاملي إن اللجنتهستقوم باستدعاء ضباط الاستخبارات في وزارات الداخلية والدفاع والأمن الوطني وفي جهاز المخابرات للتباحث معهم لتحديد الجهة المقصرة بحدوث الخروق الأمنية في بغداد.

وأضاف الزاملي أن ملف الاغتيالات اصبح أمراً مقلقاً ومؤثراً، وقد حصد الكثير من أرواح الأبرياء، سواء من منتسبي الأجهزة الأمنية او الأساتذة الجامعيين، وبقية الموظفين في مؤسسات الدولة. وأكد ان هذه الظاهرة خطرة جدًا،خصوصاً انها تصاعدت في الآونة الأخيرة.

وشدد الزاملي على أن هناك مندسين في الأجهزة الأمنية وراء عمليات الاغتيال، اضافة إلى وجود خلايا تابعة لتنظيم القاعدة، ما زالت تمارس الإرهاب كذلك الخلافات السياسية، الأمر الذي يستدعي وقفة جادة من قبل قادة الأجهزة الأمنية، لا سيما أن الموضوع بدأ يشكل مصدر قلق للشارع العراقي. وقد اغتال مسلحون حوالي 626 مسؤولاً رسميًا وعسكريًا عراقيًا خلال الاشهر الثانية عشر الاخيرة في انحاء العراق بأسلحة كاتمة.

وفي وقت سابق اليوم، اعلنت السلطات العراقية عن مقتل ثمانية شرطة عراقيين، بينهم اربعة ضباط و11 سجيناً ينتمون الى تنظيم القاعدة، متهمين بتنفيذ هجوم دموي على كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في بغداد في 31 تشرين الاول (أكتوبر) الماضي، وذلك خلال اشتباكات وقعت ليل السبت الاحد داخل في موقف مديرية مكافحة الإرهاب.

وقالت ان بين الضباط القتلى عميد يدعى مؤيد الصالح، هو مدير مكافحة الارهاب في منطقة الكرادة في وسط بغداد، موضحة ان المعتقلين الذين قتلوا المدعو حذيفة البطاوي ومجموعة من المتمردين المتهمين بالوقوف وراء الهجوم ضد الكنيسة، والذي ادى الى قتل 44 مصليًا، معظمهم من النساء والاطفال وكاهنان، وتبناه فرع تنظيم القاعدة quot;دولة العراق الاسلاميةquot;.

واشارت الى ان العملية التي قادها البطاوي، واستمرت ست ساعات، بدأت عند قيام ضابط برتبة ملازم بمحاولة استجوابه حول سلسلة الاغتيالات الاخيرة، وامكانية قيام القاعدة بعمليات انتقامية لمقتل اسامة بن لادن، ولدى فتح باب الزنزانة الخاصة بالمجموعة، تمكن البطاوي من الاستيلاء على مسدس الضابط والاحتفاظ به كرهينة، قبل ان يتمكن الاخرون من مغادرة الزنزانة الى باحة السجن.

واضافت ان المجموعة تمكنت بعدها من الوصول الى مكتب العميد مؤيد الصالح وقتله باطلاق رصاصة في رأسه، وقتل ضابط اخر برتبة مقدم، فيما اصيب مقدم اخر بجروح، كما تم قتل الملازم الرهينة وملازم آخر. واشار الى ان المجموعة تمكنت من الاستيلاء على اسلحة مختلفة وقنابل يدوية داخل السجن وقعت بعدها اشتباكات مع حراس السجن قتل فيها اربعة عناصر من الشرطة، فيما تمكن خمسة من السجناء من التسلل الى سيارة عسكرية في محاولة للفرار، لكن قوات التدخل السريع قتلتهم جميعهم.

وكانت وزارة الداخلية العراقية اعلنت في السابع والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضيعن اعتقال هذه المجموعة، متهمة اياها بارتكاب مجزرة كنيسة سيدة النجاة، اضافة الى مهاجمة قناة quot;العربيةquot; والمصرف المركزي ووزارة الدفاع القديمة وسرقة محال صاغة واعمال عنف اخرى. وتضم المجموعة 13 شخصًا، بينهم البطاوي، الذي قالت عنه الوزارة إنه quot;خليفة والي بغداد السابق مناف الراويquot;.

إشتباكات وسط بغداد واعتقال سائق صدام

على الصعيد الامني، فقد اعتقلت قوة عراقية اليوم سبعة أشخاص، بينهم مقدم في الشرطة وسائق كان يعمل لدى أسرة رئيس النظام السابق صدام حسين بعملية دهم شرق بعقوبة (65 كم شمال شرق بغداد). فقد داهمت قوة أمنية خاصة من بغداد عدداً من المنازل السكنية في منطقة دلي عباس ومنطقة سراجق ومنطقة شيروين في محافظة ديالى، واعتقلت سبعة أشخاص، بينهم ضابط في الشرطة برتبة مقدم ومنتسب في الجيش العراقي السابق كان يعمل سائقًا لدى عائلة رئيس النظام السابق صدام، واثنين من عناصر الشرطة، وعضو في مجلس الإسناد العشائري. وقد اقتادت القوة المعتقلين معها من دون بيان ملابسات الاعتقال أو التهم الموجهة الى المعتقلين.

كما شهدت منطقة باب المعظم في وسط بغداد اليوم اشتباكات بين مسلحين والقوات الامنية، في محاولة كانت تهدف على مايبدو اقتحام مركز عمليات الرصافة، حيث انلعت الاشتباكات بالقرب من مبنى وزارة الدفاع القديمة. وأمس، اقر وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري بوجود خلايا لتنظيمquot;القاعدةquot; مازالت ناشطة في العراق، ولم يستبعد إمكانية أن يثأر أتباع التنظيم لمقتل زعيمهم أسامة بن لادن.

وقال زيباري في تصريح للصحافيين في أعقاب محادثات أجراها في تونس مع رئيس الحكومة التونسية المؤقتة الباجي قائد السبسي إن تنظيم quot;القاعدةquot; موجود في العراق، ومازال يقوم ببعض العمليات المسلحة. ووصف تنظيم quot;القاعدةquot; في العراق بأنه quot;خلايا معزولة ومطاردة من قبل الأجهزة الأمنيةquot;، ذلك أن quot;قدرات هذا التنظيم في العراق بدأت في التراجع، ولم يعد يملك الإمكانيات والقدرات التي كانت لديه سابقًاquot;. وقال quot;لا نستبعد إطلاقًا قيام خلايا القاعدة، ليس في العراق فحسب، ولكن في العديد من الدول التي تنشط فيها بالثأر لمقتل بن لادنquot;.

وكانت قوات الأمن العراقية قد وضعت في حالة تأهب قصوى تحسبًا لهجمات انتقامية من تنظيم القاعدة منذ أن قتلت قوات كوماندوز أميركية زعيمه بن لادن في باكستان مساء الأحد الماضي خلال هجوم على منزله في باكستان.