عارض رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي طلبًا بعث به الرئيس طالباني إلى مجلس النواب بنقض قرار مجلس النواب إلغاء مادة توفر الحصانة للموظفين والمديرين العامين من جرائم الفساد المالي، مشيراً إلى أن صلاحيات الرئيس في هذه الدورة التشريعية لا تعطيه حق الإعتراض على القوانين وإعادتها الى مجلس النواب.

النجيفي مصافحاً طالباني

لندن: أكد رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي طلبًا للمالكي الى الرئيس طالباني لنقض قرار اتخذه المجلس بإلغاء مادة في قانون أصول المحاكمات الجزائية تحمي المسؤولين عن جرائم الفساد المالي والاداري في الوزارات .. فيما أبلغ الناطق باسم حركة 15 شباط لناشطي تظاهرات الاحتجاج اعتقال السلطات اليوم للأمين العام للحركة حسن جمعة خلال تظاهرات شهدها وسط بغداد اليوم، حيث تعرض الى سيل من الاهانات والسباب.

وأصرّ النجيفي على صواب موافقة مجلس النواب أخيرًا على الغاء المادة 136/ب من قانون اصول المحاكمات الجزائية. وقال إن هذه المادة قد وفّرت حصانة للموظفين والمديرين العامين، ومن هم في درجة خاصة في الوزارات من الاحالة الى القضاء بتهم الفساد. واوضح ان هيئة النزاهة واللجان ذات الصلة قد عانت طويلاً من هذه المادة خلال عملها طوال السنوات الماضية، على اعتبار ان هذه المادة تعوق عملها في محاسبة مرتكبي جرائم الفساد المالي والاداري.

وشدد النجيفي في تصريح صحافي مكتوب تلقته quot;إيلافquot; اليوم على انه يعارض طلبًا بعث به الرئيس طالباني الى مجلس النواب بنقض قرار مجلس النواب الغاء تلك المادة في خطابه المرقم م.ر.ج/1/5/774 والمؤرخ في 2/5/2011 بناء على طلب رفعه الى الرئاسة رئيس الوزراء نوري المالكي.

واشار النجيفي الى ان صلاحيات رئيس الجمهورية في هذه الدورة التشريعية المنصوص عليها في المادة 73 من الدستور لا تعطيه حق الاعتراض على القوانين واعادتها الى مجلس النواب،كما هو الحال في نص المادة 138/خامسًا من الدستور، لأن هذا من اختصاص مجلس الرئاسة السابق، كما إن مجلس النواب هو صاحب الاختصاص لتشريع القوانين، ويملك أيضًا سلطة إعداد مقترحات القوانين، وعليه يتعذر على رئيس الجمهورية في الدورة الحالية نقض مشروع الغاء المادة 136/ب من أصول المحاكمات الجزائية، التي صوّت على الغائها مجلس النواب في جلسات سابقة. وقال المجيفي انه سيبعث الى طالباني الرد الدستوري والقانوني في غضون اليومين المقبلين.

وكان المالكي دعا طالباني في الاسبوع الماضي الى نقض المادة 136 ب من قانون أصول المحاكمات الجزائية الذي شرّعه مجلس النوابquot;. وفي الثامن عشر من الشهر الماضي، صوّت مجلس النواب العراقي بالموافقة على مقترح تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 المادة (136)، التي توفر حصانة للموظفين والمديرين العامين، ومن هم في درجة خاصة في الوزارات من الإحالة إلى القضاء بتهم الفساد.

وقد وصف النائب المستقل صباح الساعدي طلب مجلس الوزراء بنقض المادة بأنه تستر على الفاسدين وحمايتهم، مضيفًا أن الطلب من رئيس الجهورية بنقض هذه المادة معناه أن رئيس الوزراء ومجلس الوزراء يحاولان قدر الإمكان الإبقاء على حصانة للفاسدين والتستر عليهمquot;بحسب قوله. واتهم الساعدي مجلس الوزراء بأنه quot;يرغب في الإبقاء على الفاسدين وتحقيق حصانة لهمquot;. واوضح أن quot;الطلب بنقض المادة 136 كشفت عن عمق الخلاف بين السلطة التنفيذية والشعب العراقي الذي يريد فضح الفاسدينquot;.

من جهتها، أكدت الخبيرة القانونية بشرى العبيدي أن قانون اصول المحاكمات الجزائية أصبح نافذًا. وقالت في تصريح صحافي اليوم quot;ليس من حق رئاسة الوزراء أن تطلب من رئيس الجمهورية نقض المادة 136 من قانون أصول المحاكمات الجزائية لأنه ليس من حقهم ذلكquot;.

كما اكدت اللجنة القانونية في مجلس النواب عدم امكانية رئيس الجمهورية نقض تعديل قانون اصول المحاكمات الجزائية. وقال عضو اللجنة النائب عن ائتلاف الكتل الكردستانية محسن السعدون في تصريح صحافي إن quot;صلاحيات هذه الدورة المنصوص عليها في المادة (73) من الدستور لاتعطي لرئيس الجمهورية حق نقض القوانين والقرارات الصادرة من مجلس النواب، وانما المصادقة فقطquot;.

يذكر أن المادة 136 كانت تعوق هيئة النزاهة من استدعاء المتورطين في الفساد، إلا بعد أخذ موافقة الوزير المعني او رئيس الوزراء، واصبح بإمكان هيئة النزاهة حاليًا أن تستدعي أي مسؤول دون الرجوع الى وزيره او رئيس الوزراء.

وكان التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2009 أظهر أن العراق والسودان وبورما احتلوا المرتبة الثالثة من حيث الفساد في العالم، واحتل الصومال المرتبة الأولى، وتبعته أفغانستان. وأشار التقرير إلى أن الدول التي تشهد نزاعات داخلية تعيش حالة فلتان في معدل الفساد من دون أي رقابة، وزيادة في نهب ثرواتها الطبيعية وانعدام الأمن والقانون، في حين أكد التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية في عام 2006 أن العراق وهاييتي وبورما احتلوا المراكز الأولى من بين أكثر الدول فساداً في العالم.

يذكر أن مجلس الوزراء وافق في كانون الثاني (يناير) الماضي على الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد للسنوات 2010-2014 التي تقدم بها المجلس المشترك لمكافحة الفساد في العراق والعمل بها من قبل الوزارات والمحافظات والجهات المعنية الواردة في الاستراتيجية بعدما صادق مجلس النواب على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في العراق في آب (أغسطس) عام 2007.

السلطات تعتقل الأمين العام لحركة ناشطي الاحتجاجات

في المقابل أكد الناطق الرسمي باسم حركة 15 شباط لناشطي تظاهرات الاحتجاج العراقية ناصر الياسري ان السلطات العراقية اعتقلت اليوم الامين العام للحركة حسن جمعة خلال تظاهرات الاحتجاج التي شهدتها ساحة التحرير في وسط بغداد.

وابلغ الياسري quot;أيلافquot; في اتصال هاتفي من بغداد ان السلطات قد اعتقلت جمعة وأقتادته الى مقر وزارة الدفاع القديم، حيث مركز مديرية الاستخبارات، وقام بعض الضباط باستجوابه وتوجيه اسئلة له عن اسباب مشاركتة في التظاهرات، وطلبوا منة اسماء القيادات التي تقف خلف الاحتجاجات او التي تدعمها. واوضح ان السلطات قد اطلقت سراح جمعة بعد ساعات من الاعتقال تعرض خلالها الى سيل من الاهانات والسباب.

من جهتها قالت حركة 15 شباط في بيان quot;يومًا بعد يوم، يؤكد القابق في المنطقة الخضراء بحماية ودعمعصابات الباسيح والجزمة الاميركية مدى الخوف الذي يعتريه من رجال وشباب حركة 15 شباط، والذين كانوا وما زالوا يحجونصباح كل يوم جمعة لمزارهم في ساحة التحرير، رافعين شعارهم الأثير الى قلوب المتظاهرين (كذاب ... كذاب ... نوري المالكي) ليعبر هذا الصوت الهادر من فوق مياة دجلة الخالدة ويصل اسماع المرتجفين هلعًا من صوت الجماهيرquot;.

واضافت قائلة quot;اليوم صباحاً اقدمت بلطجية هذا الخانع باعتقال الزميل حسن جمعة أمين عام حركة 15 شباط اثناء مشاركته أعضاء الحركة في تظاهرات ساحة التحرير، وأقتادته الى مقر مديرية الاستخبارات، احد الأذرع الارهابية والقمعية للمالكي، والتي تأتمر بأمرته، حيث قام بعض الضباط باستجوابه وسؤاله عن اسباب مشاركتة في التظاهرات، وطلبوا منة اسماء القيادات التي تقف خلف تلك الاحتجاجات او التي تدعمها، وتوعدوه بعواقب الامور في حالة مشاركتة في اي احتجاجات مقبلةquot;.

واكدت الحركة تعرض جمعة الى سيل من الاهانات والسباب والاعتداء بعدما تم تقييده، ووضعكيس اسود على رأسه طيلة فترة التحقيق، التي استمرت اكثر من ساعتين، وبعدهاأطلق سراحه، بعد تدخل نقيب الصحافيين العراقيين مؤيد اللآمي، واتصاله بأعلى الجهات الرسمية والعسكريةquot;.

وقالت quot;نحن في حركة 15 شباط نعلن وبكل وضوح أن هذه الممارسات الدنيئة لم ولن ترهبنا، وإن دلت على شيء فإنهاتدل على ما وصل اليه هذا الذليل القابع في المنطقة الخضراء، لهذا كله فإننا اعضاء ومناصري هذه الحركة سنكون في المرصاد لأي محاولة تستهدف اياً من أعضائها الآن أو في المستقبل، وتحتفظ بحقها في إقامة الدعوى ضد مكتب القائد العام للقوات المسلحة على ارتكابه هذه الجريمه بحق صحافي عراقي منتم الى نقابة الصحافيين العراقيين ويحمل هويتهاquot;.

وقد شهدت العاصمة العراقية اليوم تظاهرات احتجاج تطالب بإصلاحات شاملة، ومحاربة الفساد، وتوفير الخدمات الاساسية، وإطلاق سراح المعتقلين ورفض التمديد لبقاء القوات الاميركية في البلاد.

فقد تجمع المئات من العراقيين في ساحة التحرير في وسط بغداد، برغم الحظر الذي فرضته السلطات على التظاهر في الساحات العامة، وتخصيصها ثلاثة ملاعب لكرة القدم في العاصمة لهذا الغرض. وقد احتشد المتظاهرون في الساحة وسط اجراءات أمنية مشددة، لكن الطرقات حولها لم تغلق، رافعين الاعلام العراقية وصور المعتقلين ولافتات تدعو إلى اطلاق سراحهم، والى اصلاحات شاملة سياسية واقتصادية وأمنية، وتطالب بإنصاف المواطنين الفقراء وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية.

من جهتهم، قال شباب نصب الحرية، إحدى مجموعات الناشطين التي تنظم التظاهرات، quot;مع اقتراب انتهاء عدة المائة يوم التي الزمت الحكومة نفسها بها كعهد للشعب ووعد بتقديم الخدمات وفرض الامن ومعاقبة المفسدين سراق المال العام وتقديم المسؤولين عنكل الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب العراقي الى العدالة، نود ان نبين نحن شباب نصب الحرية ان العدّة هي ليست حكم على حكومة المالكي فقط، والتي ستواجه قرار الشعب لا محالة بسحب الثقة عنها، ولكنها حكم على جميع اعضاء البرلمان ورؤساء كتلهم، فالعلة هي ليست وعود المالكي التي يعرفها الشعب انها تندرج ضمن وعود كل النخب الحاكمة والمشاركة في العملية السياسية التي لاتخرج عن كونها اكاذيب ووسائل للاستحواذ على المزيد من الامتيازات وتقاسم السلطة بهذا الشكل الذي انجب حكومة سياسية، وليست حكومة مهنيةتخدم العراق وتعيد اعماره وفق المواصفات العالميةquot;.

وقالوا في بيان تلقته quot;إيلافquot; انهم كنشطاء ومعهم جميع الناشطين وحركاتهم الشعبية والمجتمعية quot;نعرف اننا لن نرى ولن نلمس أي شيء مذكور من هذه الوعود سوى مشهد الابتزاز السياسي الذي اعتاده المواطن العراقي بين الكتل من اجل التحاصص، وكأن العراق سوق بورصة، وارواحنا واعمارنا ومستقبلنا ودماؤنا هي الاثمان، وهي الوسيلة في ظل هذا الصراع الخفي والمعلن منه بين السياسيينquot;.

واكد انه لذلك يجب الاستمرار بالخروج وتحويل المظاهرات بعد يوم القرار يوم 10 حزيران/يونيو، التي تنتهي فيها مهلة المائة اليوم، التي وعد المالكي بانجاز اصلاحات خلالها، او اقالة الوزراء الفاشلين الى اعتصامات مفتوحة، اذا لم يكشف للشعب العراقي: مصير المفقودين الابرياء ومصير اموال الشعب العراقي ومشروع الخدمات ومشروع الامن واستببابه، اضافة الى انتهاء وجود المليشيات على ارض العراق، مهما كانت عناوينها وارتباطاتها، quot;فنحن نريد دولة سيادتها القانون... عمود ودستور اية دولة متحضرةquot;.

وشددوا على القول quot;سنستمر، ولن نعود الى منازلنا، سنتظاهر رغمًا عن ارهاب الحكومة ومندسيها ومخبريها، سواء العاملين في الاجهزة الامنية او الذين سوّلت لهم انفسهم من بعض الاعلاميين والمثقفين الذين حصلنا على القائمة الاولى بأسماء هؤلاء الذين ستلعنهم ساحة التحرير وتلفظهم قامة سماء نصب الحريةquot;.

وتشهد محافظات العراق منذ 25 شباط (فبراير) الماضي تظاهرات احتجاج تطالب بالإصلاح والتغيير والقضاء على الفساد المستشري في مفاصل الدولة وتوفير الخدمات العامة ينظمها ناشطون وشباب من طلبة الجامعات ومثقفون مستقلون عبر مواقع التواصل الاجتماعي في شبكة الإنترنت.