تغرق تونس التي تشهد بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي اضطرابات متزايدة، في مرحلة من التشكيك في الوقت الذي تحدث فيه رئيس الحكومة الانتقالية الباجي قائد السبسي للمرة الاولى عن احتمال تأجيل انتخابات المجلس التأسيسي.
تونس: في خطاب متلفز الى الامة مساء الاحد، القى رئيس الوزراء التونسي الباجي قائد السبسي، الذي كلفت حكومته ادارة شؤون البلاد حتى ذلك الاستحقاق، بظلال من الشك حول احترام الموعد المقرر في 24 تموز/يوليو، بحجة quot;التأخيرquot; في الاعمال التحضيرية.
وقال إن quot;الحكومة اختارت موعد 24 تموز/يوليو. نحن متمسكون بهذا التاريخ، لكن اذا قالت الهيئة العليا انه هناك مشاكل فنية او لوجستية، فعندها يمكن النظر في تاريخ آخرquot;. واضاف quot;صحيح ان هناك بعض التاخير (...) لكن الهيئة العليا لحماية اهداف الثورة مستقلة عن الحكومة التي تكتفي بتقديم الدعم المادي واللوجستي لهاquot;.
وانتخب مجلس الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديموقراطي، ابرز هيئات الانتقال الديموقراطي في تونس، اعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي ستشرف على انتخاب مجلس وطني تأسيسي في 14 تموز/يوليو المقبل.
وستشرف هذه الهيئة على العملية الانتخابية العامة التي ستجري في 24 تموز/يوليو المقبل لانتخاب مجلس وطني تأسيسي يتولى صياغة دستور للجمهورية الثانية في تونس المستقلة ليحل محل دستور سنة 1959.
وتشهد الساحة السياسية في تونس انقسامًا بين الاحزاب السياسية التي يدعو بعضها الحكومة الى اجراء انتخابات المجلس التاسيسي في موعدها المحدد، وبين هذه الاحزاب بالخصوص حزب التجديد (الشيوعي سابقًا) والحزب الديموقراطي التقدمي اللذان كانا شاركا في حكومة رئيس الوزراء السابق محمد الغنوشي.
ومن الاحزاب الداعية الى تاجيل انتخابات المجلس التاسيسي الى الخريف هناك بالخصوص حزب الوحدة الشعبية وحزب العمال الشيوعي التونسي، الذي كان دعا إلى تنظيم الانتخابات في تشرين الاول/اكتوبر. اما رئيس حزب النهضة الاسلامي راشد الغنوشي فقال في مقابلة مع وكالة فرانس برس ان quot;الوضع في تونس خطرquot;، وان التونسيين quot;يشكون في مصداقية الحكومةquot; الانتقالية.
وقال ايضا ان quot;رد فعل الحكومة حيال ما حدث (...) خلال التظاهرات كان وحشيًا، والشرطة ردت بقسوة شديدة (...)انهم يرفضون ادراك ما حدث من تغييرات، وان من حق التونسيين التظاهرquot;، في وقت تجري تظاهرات مناهضة للحكومة بشكل منتظم في تونس العاصمة منذ الخامس من ايار/مايو.
ومنذ ثلاثة ايام، تشهد احياء فقيرة في العاصمة التونسية اعمال عنف ونهب. ودعا السبسي الاحد الى انهاء اعمال العنف، قاطعًا بذلك صمت السلطات بشأن هذه الاحداث. وشهد حي التضامن الفقير الواقع في احدى ضواحي تونس العاصمة ليل الاحد الاثنين اعمال شغب جديدة، كما افاد شاهد عيان، بالرغم من حظر التجول الذي فرض السبت في العاصمة لفترة غير محددة.
وروى عبد الرزاق حويني، احد سكان هذا الحي، في اتصال هاتفي مع فرانس برس، quot;لقد تكرر هذا الليل ما حصل في الليل السابق (ليل السبت الاحد)، واستمر الامر حتى الخامسة صباحًا، وكان بمثابة لعبة الهر والفأرquot; بين قوات الامن ومجموعات من الشبان quot;في حال سكر شديد رغم حظر التجولquot;.
واضاف حويني ان quot;احد الشبان صعد الى سطح احد المنازل هربًا من الشرطة التي تلاحقه وسقطquot;، مضيفا انه quot;سمع ان الشاب ماتquot;. وتعذر تأكيد الخبر على الفور. ومضى يقول quot;هؤلاء الشبان الفقراء كانوا يشربون كميات كبيرة من البيرة، ولا ادري من الذي يمدهم بالمال، لذلك لا اعلم من يقف وراء كل هذاquot;.
واندلعت اعمال عنف السبت اثناء مباراة ضمن دوري ابطال افريقيا قرب العاصمة التونسية، احرق خلالها مناصرون تونسيون مقاعد في الملعب، والقوا زجاجات مياه على عناصر الشرطة، وضربوا الحكم وبعض اللاعبين، ما تسبب بحركة ذعر وتعليق المباراة.
واليوم الاثنين، تظاهر عشرات الصحافيين في جادة الحبيب بورقيبة في وسط العاصمة تنديدًا باعمال العنف الاخيرة التي تعرض لها خمسة عشر منهم اثناء تغطيتهم التظاهرات.
من جهة اخرى، اعتقلت الشرطة 12 شابًا ضالعين في اعمال عنف وتخريب في ضاحية تونس، وفق ما نقلت وكالة الانباء التونسية الرسمية، عن مصادر امنية. وفي هذه الاجواء المضطربة، دعت احزاب سياسية عدة الاثنين الحكومة الانتقالية الى التحلي بالشفافية لاستعادة ثقة الشعب والعمل من اجل استقرار الوضع في البلاد.
التعليقات