تبدو زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جفري فيلتمان إلى لبنان هذه المرة في أجواء خاصّة، حيث يبدو التعثّر الحاصل في تشكيل حكومة جديدة بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على تولي نجيب ميقاتي هذه المهمة، إضافة إلى ما تشهده المنطقة العربية من انتفاضات في اكثر من دولة ومدى تأثر لبنان بها.


مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جفري فيلتمان خلال لقائه مع الرئيس اللبنانيّ

بيروت: انشغلت الأوساط الرسمية والسياسية وحتى الشعبية بمتابعة الزيارة التي يقوم بها مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط السفير جفري فيلتمان الى بيروت، وما يحمله في جعبته من توجيهات ومعلومات زودته بها ادارته لعرضها على المسؤولين اللبنانيين الذين يلتقيهم اليوم وغدًا حيث استهل برنامجه بزيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على ان يلتقي تباعًا الرئيس نجيب ميقاتي المكلف تشكيل الحكومة على مائدة غداء يقيمها الآخير على شرفه ، ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة ورئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط والمستشار السياسي لرئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري الدكتور محمد شطح.

وبات مؤكدًا إحجام رئيس مجلس النواب عن استقبال فيلتمان كما فعل في المرة السابقة قبل ثلاثة أشهر، بعد أن أبلغت دوائر الرئاسة الثانية الأميركية ازدحام جدول أعمال رئيس المجلس وتعذر تحديد موعد للمسؤول الأميركي، علمًا ان السفارة المذكورة اصدرت بيانًا نفت فيه امتناع بري عن لقاء فيلتمان.

وتأتي زيارة فيلتمان الى لبنان هذه المرة في اجواء مختلفة تمامًا عن سابقتها حيث يبدو جليًا التعثر الحاصل في تشكيل حكومة جديدة بعد مرور اكثر من ثلاثة اشهر على تولي الرئيس نجيب ميقاتي هذه المهمة، بالإضافة إلى ما تشهده المنطقة العربية من انتفاضات في اكثر من دولة ومدى تأثر لبنان بها خصوصًا بعد ان بلغت الاهتزازات حدوده الشمالية بفعل الاحداث الجارية في سوريا التي يتابع اللبنانيون تطوراتها لحظة بلحظة لمعرفتهم بانعكاساتها المباشرة على اوضاعهم عملًا بالمقولة الشهيرة quot;وحدة المسار والمصيرquot; وشقيقتها quot;أمن لبنان من امن سورياquot; التي طالما طبعت حركة العلاقات بين البلدين خصوصًا في زمن الوجود السوري في لبنان.

كذلك يحط فيلتمان في لبنان على وقع الخطاب quot;التأنيبيquot; الذي وجهه الرئيس الاميركي باراك اوباما أمس الى النظام السوري ورئيسه بشار الأسد بعد أن خيره باعتماد الإصلاح او التنحي.

كما يطل السفير الأميركي السابق في لبنان وصاحب التقارير السياسية الفاضحة المعروفة بـ quot;ويكيليكسquot;، والتي لم توفر قيادات في 14 و 8 آذار من مصيدتها بعد الاحتفال بذكرى النكبة في الخامس عشر من الشهر الجاري وما شهده ذلك اليوم من انتفاضات في قطاع غزة وعلى الحدود مع اسرائيل في كل من لبنان وسوريا التي غضت الطرف وللمرة الاولى بعد حرب العام 1973 ونشر القوات الدولية عن اقتحام مجموعة من ابنائها للحاجز الشائك الذي نصبته القوات الاسرائيلية في بلدة quot;مجدل شمسquot; المحاذية للجولان.

واذا كان الإفصاح عن الهدف الاساس من مجيء فيلتمان الى بيروت سيتولاه الاخير في حديث تلفزيوني يذاع عند الثامنة من مساء الجمعة، فان المؤشرات الأولى للغرض من الزيارة بدأت بالظهور خصوصًا بعد مغادرته القصر الجمهوري قبل ظهر اليوم حيث ذكرت المعلومات ان الجانب الابرز في المحادثات التي اجراها المسؤول الاميركي مع الرئيس اللبناني تركز حول الخطاب الذي القاه اوباما أمس وما تضمنه من مواقف لجهة التعاطي المتشدد مع النظام السوري، وما طرحه من افكار لتحريك عملية السلام الراكدة منذ مدة بعد تعيين مبعوث جديد خاص بها إثر استقالة المبعوث السابق جورج ميتشل.

هذا فيما ذكر البيان الرسمي الصادر عن دوائر القصر الجمهوري بان الرئيس سليمان ابلغ زائره ضرورة قيام واشنطن بعمل جدي لاحلال السلام في المنطقة وشدد على اهمية المحافظة على الاستقرار في سوريا وضرورة القيام بالخطوات الاصلاحية التي اعلن عنها الرئيس الاسد مع ما يتطلبه ذلك من بعض الوقت.

وعلمت quot;إيلافquot; أن مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى تحدث عن الوضع السوري من منطلق اخفاق المسؤولين في دمشق عن تنفيذ ما وعدوا به من اصلاحات واعتمادهم العنف المفرط لقمع المتظاهرين لافتًا الى ان ادارته بلغت مرحلة quot;فقدان الاملquot; بتبدل سلوك النظام السوري الذي لم يعد له التأثير السابق على الداخل اللبناني من وجهة نظره ومن هنا يرى ان الفرصة سانحة امام اللبنانيين للتحرر مما اسماه quot;العقدة السوريةquot; التي كانت تتحكم بمفاصل الحياة السياسية اللبنانية.

وعلى صعيد عملية تشكيل الحكومة بدا ان كلًا من فريقي 8 و 14 آذار متفقان على ان زيارة السفير فيلتمان الى بيروت ستطيل في أمد التأليف وقد تزيده تعقيدًا، وهذا ما عبر عنه صراحة نائب رئيس حزب الكتائب سجعان قزي في حديث تلفزيوني لينضم بذلك الى تصريحات واحاديث ادلى بها اقطاب في 8 آذار رأوا في اطلالة فيلتمان عليهم quot;نذير شؤمquot; (كما ذكر عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب نبيل نقولا).

ولم يستبعدوا أن يذهب في مطالبه هذه المرة الى حد التحذير من اشراك ممثلين عن quot;حزب اللهquot; في الحكومة المقبلة رابطًا هذا التحذير بقرب صدور القرار الظني عن المحكمة الدولية الناظرة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري والذي سيتضمن كما يتردد اتهامات لعناصر من الحزب بالضلوع في هذه الجريمة والتي يظهر جديد التحقيقات فيها العودة عن تبرئة سوريا منها وفقًا لمعلومات رسمية واردة من باريس.