أجمع خبراء في الولايات المتحدة على أن الإعلام الإلكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي كانت الوقود المحرك للثورات العربية. إيلاف التقت جيمس زغبي ومحمد الخشاب وأدموند غريب وراي حنينيَّة للإضاءة على الموضوع.


لم يكن الإعلام الإلكتروني بمنأى عمّا يحدث في العالم العربي وقد ساهم بشكل أو بآخر في إعادة رسم المشهد السياسي والإجتماعي للبلاد العربية من خلال الثورات المطالبة بالتغيير والديمقراطية سواء بقصد أو من دون قصد. فقد ساهمت وسائل الإعلام الإلكتروني المتمثلة بالصحف الإلكترونية أو الشبكات الاجتماعية والمدونات في خلق المحفز للتغيير داخل نفوس الناس والإستعداد له من خلال النقل السريع وغير المقنن للمعلومات لحظة بلحظة والتغطيات المكثفة، فكلّها عوامل ساعدت في تحريك الشارع ليتحوّل بذلك الحلم المستحيل إلى واقع يعاش. خاصة وأن وسائل الاعلام التقليدية لم تسهم في نقل الصورة الحقيقية كاملة، وإنما بضعة أجزاء منها بما يخدم مصالح وأهداف الدول المعينة كونه الإعلام الرسمي الناطق بلسانها وهو ما أفقدها جزءاً من مصداقيتها وخفت بريقها اللامع لفترة وجيزة.


جيمس زغبي: الإعلام الإلكتروني لن يحلّ محلّ الإعلام التقليدي

الدكتور جميس زغبى، مدير المعهد العربي الأميركي في واشنطن

ويرى الدكتور جميس زغبي، مدير المعهد العربي الأميركي في واشنطن أن الإعلام الإجتماعي وأدوات الإتصال مثل(فايسبوك، وتويتر، والمدونات والرسائل القصيرة والصحف الالكترونية ) لعبت دورا كبيرا وبارزا في إثارة الشارع العربي وذلك من خلال نقل المعلومات السريعة ونشرها على المواقع الإلكترونية واليوتيوب وفايسبوك من دون التأكد من مصداقيتها فسهولة التواصل بين الناس وتبادل الأفكارمن خلال تلك المواقع، ساهم كثيرا في تأليب الشارع العربي وأهله نفسيا للتغيير.

وأوضح أن مركز الحوار العربي الاميركي يقوم بإجراء دراسة استقصائية من خلال مسح ميداني حول مدى تأثير الإعلام الإلكتروني وأدوات الإتصال في صنع الثورات العربية والنتائج سوف تظهر خلال شهر.

ويؤكد مدير مركز الحوار العربي أن أدوات الإعلام الإلكتروني تمتلك حرية أكبر فهي تتجاوز الرقابة ومن دون ضوابط تكبحها. قائلا :rdquo; من دون رقابة وكما أن الشبكات الاجتماعية من دون محررينquot;أيّ كان يستطيع أن يكون صحيفة ، وأن يصنع برنامجا تلفزيونيا من خلال اليوتيوب ، وأن يكتب ما يريد في مدونته ويقوم بفتح صفحة على الشبكات الإجتماعية وذلك لانعدام الرقابة وعدم وجود ضوابط. معتبرا أن هذه الانفتاحية هي أحد أسباب ضعف هذه الأدوات. وعلى الرغم من النجاح الذي حققه الاعلام الالكتروني وتلك الشبكات في ظل التقدم التقني، إلا أنه من وجهة نظر الدكتور زغبي لا يمكن بأن يحل بديلا من الإعلام القديم quot;الجيد بكل أدواتهquot; ذلك وفقا للضوابط والمعايير الفنية والأدبية التي تتمتع بها الصحافة المطبوعة والمرئية.

الخشاب: الإعلام الإلكتروني نجح في إخراج الثورة

محمد الخشاب مدير شركة ريتش ميديا
فيما يرى محمد الخشاب مدير شركة ريتش ميديا ومدير قنوات آرت الفضائية في أميركا أنه على الرغم من تأثير الإعلام الإلكتروني القوي والنجاح الذي حققه من خلال الدور الفعّال الذي لعبته الثورات العربية،إلا أنّ الإعلام التقليدي وخاصة المرئي لا يزال الأكثر متابعة من قبل المشاهدين في العالم وخاصة العالم العربي وذلك يعود إلى سببين، أولا إرتفاع نسبة الأمية والفقر في العالم العربي والتي تقارب 40 ٪، والثاني يعود إلى أن معظم المواقع الإلكترونية الجيدة هي مواقع لقنوات معروفة في العالم (السي آن آن، والعربية، والجزيرة، والبي بي سي) وغيرها من المواقع التابعة لقنوات تلفزيونيةأو المواقع التابعة لصحف عربية آو عالمية (الشرق الاوسط ، والاهرام) وغيرها من الصحف العالمية الجيدة.

ويرصد الخشاب نقاط التلاقي والاختلاف ما بين الاعلام الالكتروني والتقليدي فيقول:rdquo; الشبكات الاجتماعية استطاعت خلق حراك وتفاعل اجتماعي بين جمهور الناس بعضها البعض، واستطاعت أن تكون الصوت القوي والأجرأ في التعبير عن الرأي وذلك لمساحة الحرية التي تتمتع بها. كما ونقلت صورًا لأحداث ومجريات تمت في فترات زمنية فشل الاعلام التقليدي في الوصول إليها ونقلها لظروف قد تكون خاصة، مستدلا على ذلك بحدوث بعض التجاوزات في أماكن في العالم وأوقات قد لا تصل إلى مسامع الاعلام التقليدي كما حدث مع الشاب بوعزيزي في تونس ولكنها في ظل وجود الاعلام الالكتروني فمن السهل تسجيلها وتصويرها وتدوينها وهو ما يسهلّ عملية انتشارها بين الناس في وقت قصير جدا. في حين أن الاعلام التقليدي فشل في رصد الحدث سريعا كما أنه يفصل الناس قليلا عمّن حولهم فهو يجعلهم يجلسون امام الشاشات لساعات طويلة لمتابعة الأحداث وتطور المجريات على الساحة. في حين أن الشبكات الاجتماعية والمدونات أعطت الفرصة لمستخدميها بتجميع عدد كبير من الناس لنشر أفكارهم وتنظيم حملات احتجاجية واعتراضات مستشهدا على ذلك بالأحداث الاخيرة في مصر والتي بدأت بالتجمع على فايسبوك للخروج في احتجاجات يومية للمطالبة بالتغيير.

ويعتقد الخشاب أن الاعلام الإلكتروني وأدوات الاتصال هي المحرض في الثورات . فهو من ساهم في تسخين الناس للخروج في ثورات من خلال النقل المكثف والحي بطريقة عشوائية. لذلك فهو نجح في تحريك الشعوب وتهيّجها للخروج في ثورات..

وينوّه مدير قنوات آرت بمكانة موقع إيلاف المتميز بين الصحف والمواقع الإعلامية والرائد في عالم الصحافة الالكترونية لما يتمتع به من مصداقية في نقل واقعي وصحيح للمعلومات، لا يعتمد فيه على الاثارة والفبركة لجـذب أكبر عدد من جمهور.


حنينيه: نجاح الإعلام الإلكتروني بسبب سيطرة الحكومات العربية على الإعلام التقليدي

الإعلامي راي حنينيه
ويشيد الإعلامي راي حنينيه بدور الإعلام الإلكتروني في نقل الأحداث قائلا:quot; التغطية المستمرة والنقل السريع لحظة بلحظة أسهم كثيرا في التعبئة العامة للجماهير.quot; ويؤكد أن نجاح الإعلام الإلكتروني يعود إلى سيطرة الحكومات والأنظمة العربية على وسائل الإعلام التقليدية وفرض الرقابة بشكل روتيني عليها. لم يكن بالإمكان الحديث في كل المواضيع وعلى الرغم من الإقرار بوجود حرية في طرح مواضيع كثيرة، إلا أن هنالك قضايا وموضوعات يمنع مناقشتها أو حتى الإبلاغ عنها وهو ما أفل من شعبيتها قليلا وجعل الناس تتوجه للمدونات وفايسبوكللتنفيس عمّا تراه وللتعبير من دون قيود.


ويعتقد مذيع راديو بلادي في ولاية شيكاغو أن مساحة الحرية التي توفرها وسائل الإعلام الإجتماعية في العالم العربي سوف يجعلها تتفوق على الإعلام التقليدي المحكوم بالرقابة من قبل الحكومات العربية وقد تحل بديلا للشباب في تناول المعلومات والتواصل الإجتماعي. ولكنها لن تحل محله كبديل دائم.


آدموند غريب : الإعلام الإلكتروني أشعل فتيل الثورات العربية

الدكتور إدموند غريب أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية
ويتناول الدكتور إدموند غريّب أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية في ولاية واشنطن دي سي والمتخصص في قضايا الإعلام وشؤون الشرق الأوسط تنامي ظاهرة التوجه نحو الإعلام الإلكتروني في ظل الثورات قائلا :rdquo; إن الإعلام الإلكتروني خلق تفاعلا جماهيريا على مستوى العالمquot; مستشهدا بذلك على ما حدث في مصر وتونس.فكان الصوت البديل في نقل الأحداث والمجريات على الساحة ونقل الصور الحقيقة لحظة بلحظة. كما أعطى الفرصة لمستخدميه لتنظيم احتجاجات والقيام بحملات اجتماعية مستشهدا بقوائم العار التي ظهرت بعد الثورة.

وعلى الرغم من النجاح الذي حصده الإعلام الإلكتروني إلا أنه يواجه تحديات كغياب المهنية والتنظيم خاصة في الشبكات الإجتماعية والمدونات فأي كان يستطيع أن ينشئ موقعا ويقوم بنقل معلومات قد تكون مغلوطة مع عدم القدرة على تحديد شخصية المتعامل معها ما يسهل عملية الإحتيال.

وفي ظل التغيير الحاصل في عالمنا العربي يتوقع أستاذ العلاقات الدولية أن يشهد الإعلام الإلكتروني انفتاحا مع وجود حرية في التعبير . كما يتوقع أن يشهد العالم العربي تطورا في الإعلام التقليدي مصاحبا للتطور التقني الحاصل في العالم الآن.