المصريون أمام تحديات لإنجاح ثورتهم

تسبّبت quot;جمعة الغضب الثانيةquot; في مصر في إثارة مخاوف استراتيجية تتعلق بالطريقة التي يَنظر من خلالها الشعب إلى تلك القوى الثورية، وبإمكانية تعمّق الانقسامات بين تلك القوى.


اهتمّت اليوم تقارير صحافية أميركية بإلقاء الضوء على ما وصفتها بـ quot;المرحلة المقبلة للثورة المصريةquot;، في إشارة من جهتها إلى المطالب الثورية والديمقراطية التي عرضتها جماعات سياسية وحركات شبابية يوم الجمعة، الموافق 27 من شهر أيار/ مايو الماضي، فيما عُرِفت بـ quot;جمعة الغضب الثانيةquot;.

وهي المطالب التي تمثلت في تشكيل مجلس رئاسي جديد بدلاً من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حتى إجراء الانتخابات الرئاسية نهاية العام الجاري، ووضع دستور جديد الآن، وليس بعد الانتخابات، والبدء في محاكمة مبارك وزمرته، وكبح جماح المؤسسة العسكرية ضد أولئك الذين قرروا الاحتجاج ووضع حد للمحاكمات العسكرية.

ومع مرور هذا اليوم من دون أعمال عنف، وانصراف معظم المشاركين من ميدان التحرير في المساء بعد عرض مطالبهم، رأت اليوم مجلة فورين بوليسي الأميركية أن هذا اليوم تسبب في إثارة مخاوف إستراتيجية رئيسة بالنسبة إلى مستقبل القوى الثورية ومدى نجاحها في تغيير مصر. أولها يتعلق بالطريقة التي يَنظر من خلالها الشعب إلى تلك القوى الثورية، وثانيها يتعلق بإمكانية تعمق الانقسامات بين تلك القوى.

ثم مضت المجلة تشير إلى نجاح الثورة في توحيد صف كثير من قطاعات المجتمع المصري من أجل قضية مشتركة، ما اعتبرته من أبرز انجازات الثورة، التي يستهدفها أنصار الثورة المضادة، بسعيهم إلى جانب الذين يشعرون بتردد تجاه الثورة، أن يكرسوا انطباعاً يتحدث عن أن الثوار والشعب بعيدان تماماً عن بعضهما بعضًا.

وهم إذ يقومون بذلك إما عن طريق تصوير الأقليات داخل المعسكر الثوري على أنهم أغلبية، أو عن طريق تشويههم تماماً. وهناك تصويرات أخرى مضللة على أساس التركيز على الأقليات الموجودة بداخل المعسكر الثوري. ثم تابعت المجلة بقولها إن قضية التصور الأكثر خطورة قد لا تكون المتعلقة بمطالب الثوار، وإنما بالأولوية التي يُنظر إليهم من خلالها لتصنيفهم.

ورغم المطالب التي يعرضها المعسكر الثوري، فإنه يتفهم، على العموم، أن الجيش مؤسسة حيوية بالنسبة إلى الاستقرار العام في مصر، وأن الجيش يتمتع بشعبية كبيرة لدى المصريين عموماً. وهم إذا يحاولون بتلك الطريقة مثلاً أن يفرِّقوا بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة والجيش.

وبعيداً عن هذا كله، أكدت المجلة الأميركية أن الشغل الشاغل للغالبية العظمى من المصريين الآن هو الانتعاش الاقتصادي (حيث يعيش أكثر من 40 % منهم حول خط الفقر، وتزداد أوضاعهم المعيشية صعوبة مع مرور الوقت ) وكذلك الناحية الأمنية ( حيث لم تقم الشرطة بعد بجميع مهامها، رغم عودتها إلى الشارع بصورة جزئية).

وهناك تصور بأن هذين المطلبين غير مدرجين على رأس قائمة مطالب المتظاهرين، رغم أنها قد تكون مدرجة. كما أن معظم المواطنين في مصر يؤيدون فكرة وضع حد أدنى للأجور، لكن هذا الأمر غير مدرج على رأس اهتمامات المحتجين.

ثم ختمت المجلة بإشارتها إلى أن معارضة جماعة الإخوان المسلمين المُنظَّمة على جمعة الغضب الثانية (يوم 27 أيار/ مايو الماضي) قد تسفر عن مشكلة أكثر خطورة للثورة، تتمثل في حدوث شقاق، رغم إعلانها عن رزمة مطالب مشابهة لأغلبية مطالب القوى الثورية. وأكدت المجلة في الإطار عينه أن جمعة الغضب الثانية لم تفشل، لكنها لم تنجح أيضاً.

وقالت إن كان سيقدر النجاح للتظاهرة الاحتجاجية المقبلة، فإنها ستكون بحاجة للتأكيد على وحدة الثورة، ووحدة الثوار مع القاعدة الشعبية ووحدة الليبراليين مع الإخوان المسلمين ضد قوى الثورة المضادة.