انقرة: يرى المراقبون ان شريحة كبيرة من الناخبين الاتراك لم تعد تعطي اصواتها لاعتبارات ايديولوجية بل على اساس النتائج في الاداء الحكومي ونزاهة الشخصية السياسية المرشحة بغض النظر عن الخلفية الفكرية للمرشح وهو الامر الذي يعد من اهم مزايا هذه الانتخابات.
وفي خضم المعركة الانتخابية الجارية حاليا يتعهد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بالتنحي عن رئاسة حزبه (العدالة والتنمية) الحاكم اذا ما حل حزبه في المركز الثاني في الانتخابات على اعتبار ان الارادة الشعبية التي ستفرزها صناديق الاقتراع هي مقياس الرضا الشعبي على اداء الحزب في السلطة.
وتحدى اردوغان زعماء احزاب المعارضة في ان يحذوا حذوه مطالبا زعيمي (حزب الشعب الجمهوري) و(الحركة القومية) بالتنحي اذا ما فاز هو في الانتخابات.
ومن الملاحظ ان شعبية حزب (العدالة والتنمية) بزعامة اردوغان تزداد ثقلا يوما بعد يوم وذلك من خلال الجولات المكثفة التي اجراها رئيس الوزراء في العديد من محافظات تركيا ولقاءه مع الجماهير عارضا برنامجه الجديد وصابا جام غضبه على زعماء احزاب المعارضة وعلى اكاذيبهم خصوصا زعيم (حزب الشعب الجمهوري) كمال كلجدار اوغلو.
ويعطي قانون الانتخابات التركية للاحزاب السياسية المشاركة بالانتخابات الحق في مخاطبة الجماهير عبر الاذاعة والتلفزيون الرسمي للدولة بأوقات زمنية متساوية كما يفرض على وسائل الاعلام المرئية والمسموعة الخاصة الالتزام بالحياد في عرض اخبار الاحزاب خلال الانتخابات بالاضافة الى اعطائه الحق ل (الهيئة العليا للانتخابات) في توقيع جزاء اداري باغلاق مؤقت بين يوم و15 يوميا لمن يخالف هذا القانون.
ولكون العاصمة اسطنبول تضم لوحدها سبعة ملايين ناخب يشكلون نسبة سدس عدد الناخبين في تركيا فان الحزب الذي يفوز بأصوات المدينة يكون قد فاز بالانتخابات ومهد الطريق للوصول الى السلطة بتشكيل الحكومة.
ووفقا للمراقبين السياسيين فان الاحتمالات القوية لفوز حزب اردوغان تعود الى quot;النجاحات التي حققها داخليا وخارجيا على الصعيدين الاقتصادي والسياسي بعدما انتشل اقتصاد تركيا في عام 2001 من ازمة طاحنة كادت ستودي به الى الافلاس وكذلك ادخاله اصلاحات تشريعية ودستورية حققت استقرارا سياسيا واجتماعياquot;.
ويعول حزب (العدالة والتنمية) الحاكم على هذه الانتخابات ويرمي بكل ثقله لكي يخرج بأكبر عدد من الاصوات الشعبية لا تقل عن 50 في المئة اذ انه سيعتبر ان هذه النسبة العالية هي بمثابة استفتاء على التعديل الشامل الذي ينوي اجراءه على الدستور التركي وخصوصا quot;النظام شبه الجمهوريquot; ويعزز طموحاته في الوصول الى سدة رئاسة الحكم في البلاد.
من جهته قال الكاتب الصحفي عمر كليج في تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) quot;اذا ما نجح حزب (العدالة والتنمية) في الحصول على ثلثي مقاعد البرلمان اي ( 367) مقعدا فانه سيستطيع اجراء كافة التعديلات الدستورية التي يريدها ويسعى اليها والتي من اهمها جعل نظام الحكم رئاسي قريب من الحالة الفرنسية بحيث يلائم اردوغان لكي يقود شخصيا المرحلة القادمةquot;.
واضاف كليج quot;اما اذا فاز الحزب ب (330) مقعدا فانه سيضطر في حالة عدم حصول التعديلات الدستورية على ثلثي الاصوات الى عرضها على الاستفتاء العامquot;.
وخلص الى القول ان quot;حزب اردوغان يبذل جهودا حثيثة حتى لا يحصل (حزب الحركة القومية) على 10 في المئة من الاصواتquot; لافتا الى انه في هذه الحالة quot;سيستحوذ حزب (العدالة والتنمية) على معظم اصوات غريمه (حزب الحركة القومية) ويضمن الحصول على ثلثي عدد مقاعد البرلمان.
وما يتحتم قوله هو ان هذه الانتخابات تحتل وضعا خاصا لكونها تمثل اختبارا لسياسات حزب (العدالة والتنمية) ولشعبيته فهو كحزب في فترته الثانية في السلطة نفذ الكثير من السياسات التي نالت رضا وسخطا داخليا على حد سواء واكتسب اصدقاء بالقدر الذي جلب فيه اعداء له.
وتمثل ايضا بالون اختبار للحكم على مزاجية الشارع التركي وتفضيلاته بين اطروحات (العدالة والتنمية) ذات الصبغة الاسلامية و(حزب الشعب الجمهوري) ذي التوجه العلماني الصريح.
التعليقات