طرابلس: نفى رئيس الوزراء الليبي، البغدادي علي المحمودي، صحة التقارير المتزايد حول استخدام قوات العقيد معمر القذافي للاغتصاب كسلاح في المعركة ضد الثوار، قائلاً إنها quot;من أكاذيب المرتزقة،quot; في إشارة لأنصار المعارضة، في حين دعا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى فتح تحقيق في قضية غرق مراكب تحمل لاجئين ليبيين بالبحر المتوسط.

وقال المحمودي، في رده على سؤال خلال مؤتمر صحفي كان يعقده بالعاصمة الليبية طرابلس: quot;جميع الليبيات شقيقات لنا ولا يمكن لجنود ليبيا أن يقوموا بارتكاب مثل هذا العمل الفظيع... هذه إدعاءات كاذبة تماماً، كما كل مزاعم أولئك المرتزقة،quot; في إشارة إلى الثوار.

وكانت الحكومة الليبية قد رفضت مؤخراً طلبات تقدمت بها CNN للحصول على تعليق رسمي حول فيديوهات تُظهر عمليات اغتصاب، وصلت للشبكة من خلال مجموعات الثوار الذين عثروا عليها في هواتف صادروها من عناصر الجيش الليبي.

وتشير عدة تقارير دولية إلى احتمال أن يكون الاغتصاب قد تحول إلى وسيلة لإرهاب وإخضاع السكان في المناطق المتمردة على حكم القذافي، وسبق لمدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، لويس مورينو أوكامبو، أن قال لـCNN بالعربية إن لديه أدلة على أن هذه العمليات كانت تجري بأوامر من أعلى الهرم في النظام الليبي.

من جانبه، دعا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى فتح تحقيق رسمي في التقارير التي أشارت إلى أن سفناً كانت موجودة في البحر المتوسط تجاهلت نداءات استغاثة وجهتها قوارب تحمل مهاجرين ليبيين فارين من بلادهم، وتركت المهاجرين يغرقون في المياه.

وقال المجلس إن هناك مجموعة من التقارير المقلقة في هذا الصدد، بينها تجاهل متعمد لنداءات استغاثة من مركب كان يقل قرابة 600 مهاجر، تعرض للانشطار في عرض البحر قبالة السواحل الليبية، وأضاف أن عائلات مهاجرين أفارقة أبلغت خلال الأشهر الماضية عن عدم قدرتها على الاتصال بأبنائها البالغ عددهم 1200 شخص.

وكانت عدة صحف عالمية، بينها quot;غارديانquot; البريطانية قد نشرت تقارير ومقابلات مع ناجين قالوا إن قوات بحرية تابعة لحلف شمال الأطلسي تركتهم يواجهون الموت بعد غرق مراكبهم خلال محاولتهم الإبحار من ليبيا إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية طلباً للجوء.

وذكرت الصحيفة أن الناجين، ومعظم من المهاجرين الأفارقة وكذلك الليبيين الفارين من المعارك في بلادهم، أكدوا توجيه نداءات استغاثة للسفن الأطلسية التي quot;تجاهلتهمquot; وتركتهم في عرض البحر على حد تعبيرهم.

الثورة الليبية تواجه اختبار الوقت فيما القذافي متمسك بالحكم

وتواجه الثورة الليبية اختبار الوقت خلافا لثورتي تونس ومصر اللتين نجحتا في اطاحة النظام. وبالرغم من ان القذافي بات محاصرا مع اشتداد غارات الائتلاف الدولي وتزايد عزلته على الساحة الدبلوماسية، الا انه ما زال ممسكا بزمام السلطة في طرابلس فيما المتمردون في الشرق يجدون صعوبة منذ اسابيع في تحقيق اي تقدم عسكري في الصحراء.

وقال احد المقربين من المجلس الوطني الانتقالي، الهيئة السياسية للثوار، جالسا في حانة احد فنادق بنغازي quot;ان الثورة تراوح مكانهاquot;.

اما على الصعيد الدبلوماسي، فان الاسابيع الماضية كانت مثمرة جدا حيث حضر عدد من وزراء الخارجية الاوروبيين الى quot;عاصمةquot; المتمردين لتقديم دعم واضح للمجلس الوطني الانتقالي من خلال الاعتراف به quot;ممثلا شرعيا للشعب الليبيquot;، حتى ان رئيس السنغال عبدالله واد زار بنغازي ودعا منها القذافي الى التخلي عن السلطة.

وقال عبدالله واد متوجها الى الزعيم الليبي quot;كلما اسرعت في الرحيل، كان الامر افضلquot;، رغم انه كان قبل اندلاع الثورة يقيم علاقات جيدة مع نظام طرابلس شأنه في ذلك شأن العديد من الرؤساء الافارقة الاخرين الذين تلقوا في الكثير من الاحيان مساعدات من طرابلس سواء مالية او عسكرية.

غير ان الوضع العسكري في الشرق يعاني من الجمود خلافا لغرب البلاد حيث يحقق المتمردون تقدما بطيئا على الارض.

وتهيمن المراوحة على خط الجبهة بين اجدابيا والبريقة، المدينة الاستراتيجية النفطية الواقعة على مسافة 240 كلم غرب بنغازي على طريق سرت.

ويتواجه الطرفان بالصواريخ ومدافع الهاون، فيتقدم احدهما بضعة كيلومترات قبل ان يتراجع ليتقدم الاخر، في مساحة تتراوح بين 18 و49 كلم من اجدابيا.

وفي كل يوم تقريبا ينقل ضحايا سواء جرحى او قتلى الى مستشفى اجدابيا، فيما تنقل الاصابات الاكثر خطورة الى بنغازي.

والامر الثابت وسط كل هذه المراوحة هو خط احمر رسمه طيران الحلف الاطلسي لقوات القذافي محظرا عليها تخطي اجدابيا.

وقد ضربت مروحيات اباتشي بريطانية الاربعاء ثلاث شاحنات صغيرة لقوات القذافي نجحت في اختراق الثوار والالتفاف على اجدابيا من الغرب لتظهر على طريق بنغازي.

وقال دبلوماسي غربي يعمل في بنغازي quot;يبدو واضحا اننا ننتظر تطورا في طرابلس من اجل التقدم عسكريا نحو الشرقquot;.

وهو ما يعبر عنه الثوار ميدانيا باعلانهم quot;اننا مستعدون، ننتظر الضوء الاخضر من الحلف الاطلسيquot;.

ويظهر في الواقع ان الحلف الاطلسي الذي يعبئ وسائل مالية ضخمة لعمليته العسكرية، لا يريد حاليا توسيع نطاق تحركه على مساحة مئات الكيلومترات حتى الطريق المؤدية من اجدابيا الى سرت وصولا الى طرابلس، بل يفضل التدخل في الغرب القريب من العاصمة.

ودعا الامام خلال صلاة الجمعة في ساحة الثورة في بنغازي المؤمنين الى quot;الصبرquot; قائلا quot;القذافي سيرحل في نهاية المطاف ان شاء اللهquot;.

ورد المصلون هاتفين quot;ليبيا واحدة ليبيا واحدةquot;، وان كانوا اقل عددا منهم في ايام الثورة الاولى، الا انهم يبدون اكثر تصميما على الانتقال الى مرحلة quot;ما بعد القذافيquot;.

النظام الليبي quot;مستعد للسلام وللقتالquot;

واكد وزير الخارجية الليبي عبد العاطي العبيدي الاحد ان النظام quot;مستعد للسلام وللقتالquot; ولن يتخلى عن العقيد معمر القذافي.

وقال العبيدي quot;اكدنا رغبتنا في السلام في ليبيا منذ البداية. لم يصغ احد. لن نغفر ابدا، لن ننسى ابدا، نحن هنا، على ارضنا الواحدة مع زعيمنا (القذافي). نحن مستعدون للسلام ومستعدون للقتال من اجل حريتنا وشرفناquot;.

وندد الوزير الذي كان يتلو بيانا امام الصحافيين الاجانب في طرابلس، بغارة جوية quot;غير مبررةquot; على حي سكني اسفرت عن مقتل تسعة مدنيين بينهم طفلان واصابة 18 اخرين، وفق النظام.

واعتبر ان quot;القصف المتعمدquot; للمواقع المدنية يشكل quot;نداء مباشرا الى جميع الشعوب الحرة في العالم والى جميع المسلمين لاطلاق جهاد شامل ضد الغرب الظالم والمجرم ولعدم السماح للمنظمات الاجرامية مثل الحلف الاطلسي بتحديد مستقبل دول اخرى مستقلة وسيدةquot;.

ولاحقا، حرص المتحدث باسم الحكومة موسى ابراهيم على ان يوضح للصحافيين ان كلمة quot;جهاد لم تستخدم في المعنى الاسلاميquot;، مؤكدا ان quot;الجهاد هنا يعني النضالquot;.

تسعة قتلى في غارة للحلف الاطلسي على طرابلس

واعلنت السلطات الليبية مقتل تسعة اشخاص على الاقل بينهم طفلان ليل السبت الاحد في غارة لحلف شمال الاطلسي على طرابلس، متهمة الحلف بارتكاب quot;اعمال وحشيةquot; باستهدافه quot;مدنيين عمداquot;.

وقال مسؤول في الحلف الاطلسي لوكالة فرانس برس رافضا كشف هويته quot;لقد علمنا بتاكيدات النظام الليبي ونحن في صدد التحقق من الامرquot;.

واوضح مصدر اخر في الحلف الاطلسي الذي تولى في 31 اذار/مارس قيادة العمليات العسكرية الدولية في ليبيا لحماية المدنيين، ان طائرات الحلف شنت فعلا غارات على طرابلس في الساعات ال24 الاخيرة.

وقال المتحدث موسى ابراهيم quot;ارتفعت الحصيلة الان الى تسعة شهداء، بينهم خمسة افراد من عائلة واحدة و18 جريحا.

وكانت حصيلة سابقة تحدثت عن مقتل خمسة اشخاص في قصف منزلهم.

واوضح ابراهيم ان quot;الاربعة الاخرين قتلوا فيما كانوا يمرون امام المنزل لحظة الغارةquot;.

من جهته، اكد وزير الخارجية الليبي عبد العاطي العبيدي الاحد ان النظام quot;مستعد للسلام وللقتالquot; ولن يتخلى عن العقيد معمر القذافي.

وقال العبيدي quot;اكدنا رغبتنا في السلام في ليبيا منذ البداية. لم يصغ احد. لن نغفر ابدا، لن ننسى ابدا، نحن هنا، على ارضنا الواحدة مع زعيمنا (القذافي). نحن مستعدون للسلام ومستعدون للقتال من اجل حريتنا وشرفناquot;.

واوضحت السلطات ان مبنى من طابقين تقيم فيه خمس عائلات دمر بفعل القصف في حي العراضة شرق طرابلس. وافاد مراسل لوكالة فرانس برس ان اضرارا لحقت ايضا بمنزلين مجاورين اخرين على الاقل.

وقد تم انتشال جثتين من بين الانقاض امام مراسلي الصحافة الدولية ونقلتهما السلطات في المكان حيث تجمع عشرات من السكان والفضوليين.

وفي مستشفى طرابلس تمكن الصحافيون من رؤية جثث طفلين على الاقل لا يتجاوز عمرها السنتين وكذلك سيدة من عائلة واحدة بحسب السلطات.

واتهم المتحدث باسم النظام الليبي الحلف الاطلسي بارتكاب اعمال quot;وحشيةquot; مستهدفا quot;عن عمد المدنيينquot;.

وتابع quot;انها ليلة اخرى من المجزرة والرعب والترويع يتسبب بها الحلف الاطلسيquot;، مؤكدا انه لا توجد اي منشآت او اليات عسكرية بالقرب من الحي.

واكد المتحدث نفسه ان القادة الاميركي والفرنسي والبريطاني والايطالي الذين يقودون العمليات العسكرية في ليبيا quot;مسؤولون اخلاقيا وقانونيا عن عمليات القتل هذهquot;.

واضاف quot;انها ليست دعاية. انه ليس امرا يمكنquot; فبركته.

ويسعى النظام الليبي للدفاع عن مصداقيته بعد ان شكك صحافيون قبل اسبوعين في اسباب اصابة طفلة قدمت على انها ضحية غارات الحلف الاطلسي فيما كانت قد اصيبت اثناء حادث سير بحسب احد اعضاء طاقم المستشفى حيث كانت تعالج.

ودعا موسى ابراهيم الاسرة الدولية الى وقف quot;الاعتداءquot; على ليبيا وتشجيع الحوار بين كل الاطراف لانهاء النزاع الذي يمزق البلاد منذ بدء التمرد في منتصف شباط/فبراير الماضي.

واذا تأكدت الغارة، فستكون اول خطأ للحلف في طرابلس منذ بدء عملية حماية المدنيين في ليبيا.

وكان الحلف نفى الخميس تأكيدات النظام الليبي التي تفيد ان 12 شخصا قتلوا الاربعاء في غارة للحلف في ككلة جنوب طرابلس، موضحا انه لم يشن اي غارة على هذه المنطقة.

والسبت، وصلت عشر شاحنات بيك-آب تابعة لقوات القذافي الى هذه القرية التي يقطنها 12 الف شخص ويسيطر عليها الثوار. وابدى سكانها خشيتهم من مواجهات جديدة.

ويسيطر الثوار على الطريق المؤدية من ككلة الى الحدود التونسية، والتحدي بالنسبة الى هؤلاء يكمن في الوصول الى مدينة بئر الغانم الواقعة على بعد 60 كلم شمال شرق ككلة على طريق طرابلس.

وفي منطقة مصراتة بغرب ليبيا، تحدثت مصادر الثوار عن مقتل تسعة اشخاص من الثوار والمدنيين واصابة 51 بجروح في معارك عنيفة الاحد بين قوات القذافي والثوار.

سياسيا، توقع المندوب الليبي السابق لدى الامم المتحدة عبد الرحمن شلقم هروب العقيد معمر القذافي وسقوط طرابلس تحت ضغط ثوار الجبل الغربي، مؤكدا ان quot;الامور ستتسارع خلال الاسبوع المقبلquot; بعد تخلي معظم الشخصيات عن الزعيم الليبي.

ومنذ منتصف شباط/فبراير، اسفر النزاع في ليبيا عن سقوط ما بين عشرة الاف وخمسة عشر الف قتيل واجبر نحو 952 الفا اخرين على الفرار، وفق منظمات دولية.

حلف الاطلسي يحقق في مزاعم طرابلس عن مقتل مدنيين

ومن جهته، اعلن الحلف الاطلسي الاحد انه يحقق في عملية القصف التيشنها وادت الى قتل المدنيين التسعة مؤكدا انه سيكون quot;شديد الاسفquot; اذا ما ثبتت صحة ذلك.

وقال المتحدث باسم الحلف مايك براكن ان quot;حلف الاطلسي يحقق في الامر .. لقد قام الحلف بعمليات في طرابلس الليلة الماضية حيث شن غارات جوية ضد هدف عسكري شرعيquot;.

وجاء في بيان للحلف تلاه المتحدث باسمه ان الحلف quot;ياخذ جميع الانباء بشان مقتل مدنيين بجدية وسيواصل التحقيق في المزاعم للتحقق من صحتهاquot;.

وقال ان quot;الحلف ياسف بشدة لاية خسارة في ارواح المدنيين خلال هذه العملية، وسيكون شديد الاسف اذا ما خلص التحقيق في هذا الحادث الى ان (القتلى سقطوا) بنيران الحلفquot;.

واتهم موسى ابراهيم الحلف الاطلسي بارتكاب اعمال quot;وحشيةquot; مستهدفا quot;عن عمد المدنيينquot;.

واذا ما ثبت سقوط القتلى المدنيين فان ذلك سيسبب احراجا للحلف الذي يقود حملة عسكرية جوية على ليبيا.