عبر علماء دين لبنانيون عن استنكارهم للفتوى التي أطلقها رجل دين كويتي قال فيها إنه لا يجوز إطلاق مصطلح laquo;شهداءraquo; على قتلى الثورة المصرية لأنهم ماتوا من أجل الدنيا، ومطالبهم كانت دنيوية وللمطالبة بالديمقراطية.


الأمين العام لمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في الدار الفتوى اللبنانية خلدون عريّمط

ربيع دمجمن بيروت: أثارت تصريحات الداعية الكويتيعثمان خميس، ردود فعل كبيرة في أوساط العديد من المفكرين وعلماء الدين والمواطنين. والتي تمحورت حول مسألة عدم جواز إطلاق مصطلح quot;شهداءquot; على الضحايا الذين سقطوا خلال التظاهرات والإحتجاجات برصاص قوات الأمن المصري وبحرمة الخروج على الحاكم أو التظاهر لعزله، والذي اعتبره خميس أنه سلوك فساد عظيم، مشدداً على أن قتلى وضحايا الثورة المصرية ليسوا quot;شهداءquot;.

وكان خميس قد ذكر في حديث مصور على موقع quot;يوتيوبquot; يعود لفترة سابقة quot;إن الثورة المصرية، التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك، لم تكن ثورة إسلامية ولكن ثورة من أجل الدنيا، فالثوار لم يخرجوا من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية أو من أجل الدينquot;.

ومضى في حديثه قائلاً quot;إن الثوار كانوا يطالبون بحكم ديمقراطي و هذا ليس مسألة دينية، وبالتالي لا يجوز أن تلبس تلك الثورة أو غيرها لباسا شرعياquot;.
فتوى quot;خميسquot; أصابت عدداً كبيراً من مؤيدي الثورة وبعض رجال الدين بحالة من الإحباط، فتسارعت ردود الفعل المنددة بفتواه التي اعتبروها هراء وغير مستندة إلى أي نص شرعي أو حديث نبوي صحيح.

أما الشارع اللبناني الذي بمعظمه كان ولا يزال مؤيداً للثورات العربية المطالبة بالتغيير والديمقراطية، فقد استقبل تلك الفتوى بكثير من الإستغراب والإزدراء.
لا سيما رجال الدين الذين أكّدوا بمجملهم أنهم ضد هذه الفتاوى وغيرها، والتي أصبحت مؤخراً ظاهرة لا تخضع لأدنى معايير الشرع والدين.

فجاء الرد جازماً حول مسألة quot;الإستشهادquot; من الأمين العام للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في الدار الفتوى اللبنانية خلدون عريّمط، والذي أكّد حسب الحديث النبوي quot;بأن من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون عرضه فهو شهيد، ومن قتل دون أرضه فهو شهيدquot;، و لفت عريّمط إلى أن الأرض معناها الوطن، وبالتالي من قتل من أجل وطنه فهو quot;شهيدquot;.

وأضاف قائلاً:quot;إن الشهادة مستويات، فلكل شهيد جزاؤه عند الله، حسب درجة إيمانه وما فعلت يداه، ولكل شهيد درجة تختلف عن الآخر، وكل من قتل مظلوماً ودفاعاً عن أرضه أو عرضه فهو شهيد مهما كانت ديانته، وأن الشهادة لا تقتصر على المسلم فقط، و مخطئ من يظن غير ذلك.quot;

ونوه عريّمط حول الفرق بين من خرج في سبيل quot;مغنمquot; خاص به، كالسرقة وأعمال البلطجة، أو قتل الأبرياء وما إلى ذلك من أعمال مشينة، quot;فهو وإن مات مقتولاً حكماً لا يجوز أن نطلق عليه شهيد. إنما من خرج للمطالبة بحقوقه ومحاربة الفساد فهو بإذن الله من اهل الجنةquot;.

وجاء حديث عريمط ليتقاطع مع ما أكّده رئيس المحكمة الشرعية والمفتي في دار الإفتاء محمد البوتاري الذي أكّد بدوره أن كل مسلم ومسيحي خرج في التظاهرات والإحتجاجات ضد الظلم ، و للدفاع عن الأرض والقضية والثورة على الحاكم الظالم ، وقتل أثناء قيامه ذلك فهو quot;شهيدquot; عند الله.

وشدد على أن أمر الشهادة يترك لله سبحانه، ولا يحق للعباد بأن يحاكموا أو يصنفوا بعضهم البعض، وأضاف مستغرباً:quot;لا أفهم كيف يخرج هؤلاء من يدّعون انهم دعاة، ويطلقون التصاريح والفتاوى من وجهة نظرهم، وكأنهم قضاة وليسوا دعاةquot;.

وأبدى البوتاري إستياءه من ظاهرة الدعاة التي تفشت في الآونة الأخيرة، وأصبح روادها يظهرون على الشاشات والصحف أكثر من السياسيين والنجوم، ليطلقوا صرعاتهم التي لا أساس لها من الصحة لا في النص القرآني ولا في الأحاديث النبوية.

وانتقد بشدة الوسائل الإعلامية التي تستضيفهم وتوليهم الأهمية دون الوقوف على خلفيتهم المعرفية والثقافية، وإعتبر أن كل من قرأ كتابا دينيا وحضر عدة جلسات عند شيخ يطلق على نفسه فيما بعد لقب quot;داعيةquot; أو quot;مفتيquot;.

وأضاف quot;كل رجل وإمرأة، مسلم ومسيحي، خرجوا للتظاهر في مصر و غيرها من الدول، وقتلوا تعسفاً وظلماً هم شهداء عند ربهم يرزقون بإذنه تعالى، ولا يجوز لنا نحن البشر بالحكم على ما يعلمه الله في قلوب عباده ونواياهمquot;.

وختم حديثه قائلاً quot;كلام خميس وغيره من الدعاة مرفوض ومردود عليهم، ونحن ندعو الله بالحكمة والموعظة وبأن يتوب علينا من هذه الأشكال التي تسيء للدين الإسلامي الحنيف وللعرب، و أقول الإسلام براء من هؤلاءquot;.