لأول مرة منذ انهيار نظام الرئيس المصري السابق تستخدم قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع ضد متظاهرين مطالبين بسرعة محاكمة رموز النظام السابق، فيما رأي خبراء سياسيون أن تعامل قوات الأمن بهذه الطريقة زاد الأمر تعقيدًا.

مواجهات سابقة في ميدان التحرير- ارشيف

القاهرة:
اندلعت في ميدان التحرير مصادمات عنيفة بين المئات من المواطنين وقوات الأمن المركزي وذلك خلال تظاهرة نظمت بشكل مفاجئ من قبل quot;أسر ضحايا الثورة أمام مقر وزارة الداخلية للمطالبة بتسريع وتيرة محاكمات رموز النظام السابق وفي مقدمتهم الرئيس السابق مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي.

وبحسب شهود عيان فقد اسفرت المصادمات عن إصابة نحو 47 شخصاً، وكانت quot;إيلافquot; شاهد عيان على الأحداث أمام وزارة الداخلية وميدان التحرير، حيث اشتعلت الأحداث أمام وزارة الداخلية في حوالي الساعة التاسعة والنصف مساء، عندما تظاهر المئات من الأشخاص أمام الوزارة، فأطلقت الشرطة عليهم القنابل المسلية للدموع، وتعرض العشرات من المتظاهرين للإصابة بالإختناق أو الإصابة بالخرطوش، أو الرشق بالحجارة.

وقال محمد عبد الكريم شاهد عيان من ميدان التحرير لquot;إيلافquot; إن التظاهرة التي إنطلقت أمام وزارة الداخلية كانت سلمية، مشيراً إلى أن المتظاهرين هتفوا quot;القصاص.. القصاصquot;، quot;الشعب يريد إعدام السفاحquot;، quot;دم الشهيد مش هيروح هدرquot;، وأضاف: الشرطة ردت على التظاهر السلمي بإطلاق القنابل المسيلة للدموع، والخرطوش و محدثات الصوت، وأصيب نحو 25 شخص على الأقل بالإغماء وجروح. وتابع عبد الكريم: لم يكن أمامنا سوى العودة لما كنا نفعله في ميدان التحرير، حيث كان الرد بإلقاء الحجارة. وكان المشهد مشابها لما حدث في موقعة الجمل أو جمعة الغضب.

والتقط شاهد عيان آخر قال إن إسمه وليد نور الدين طرف الحديث: إضطررنا للعودة إلى ميدان التحرير الذي يمثل لنا الحماية، وهناك إنضم إلينا الآلاف من الشباب ممن كانوا يعبرون الميدان، وإتسعت نطاق التظاهرات، ووقع تراشق بالحجارة بيننا وبين قوات الشرطة.

وأشار نور الدين إلى أن عدد المصابين يزداد وقد يصل إلى المائة مصاب، غالبية الإصابات نتيجة الإختناق نتيجة الإستخدام المفرط للقنابل المسلية للدموع.
هذا فيما عقد السيد منصور العيسوي وزير الداخلية اجتماعا مع قيادات وزارة الداخلية لا يزال مستمر حتى الساعة من أجل مناقشة التطورات في ميدان التحرير فيما لا تزال المصادمات بين المحتجين المطالبين بضرورة سرعة محاكمة الفاسدين، وانتقلت من ميدان التحرير الي الشوارع الجانبية المحيطة بوزارة الداخلية والجامعة الأمريكية.

وقالت الوزارة في بيان لها عبر صفحة مجلس الوزراء على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك quot;أنه من خلال متابعة مايشهده ميدان التحرير من أعمال شغب تلاحظ تزايد أعداد المتجمعين وإستمرارهم فى التعدى على المواطنين والمنشآت والسيارات، ورفضهم الإنصياع لتعليمات الأمن وتعمدهم زيادة الإحتكاك برجال الشرطة وتهيب الوزارة مواطنى مصر وشباب الثورة عدم الإنصياع إلى الشائعات التى قد تتردد فى مثل هذه المواقف والتى يروجها البعض لتحقيق مآرب خاصة وتتعمد إحداث وقيعة بين الشعب والشرطةquot;الي ذلك أعلنت عدد من الحركات الشبابية عن اعتزامها الاعتصام في الميدان لحين محاكمة المسؤولين عن هذه الأحداث فيما وصل الي المستشفيات أكثر من 25 مصابا بإصابات مختلفة من ضباط الشرطة والجنود والمتظاهرين، فيما يتولى المستشفى الميداني الذي أقيم في التحرير علاج عدد من المصابين جراء الأحداث، فيما استمر توافد العشرات على الميدان من أجل الاعتصام.
وبداية الاحتجاجات كانت من مسرح البلون الذي كان يستعد لاستقبال حفلة لتكريم مجموعة من quot;أمهات الشهداءquot; ليتحول المسرح إلي ساحة قتال بين مجموعة من البلطجية والعاملين في المسرح في غياب لافت لرجال الشرطة وقوات الجيش التي وصلت بعد الحادث بساعة تقريبا.

وقال شهود عيان أن قوات الأمن المصرية تعاملت مع المتظاهرين بعنف غير مسبوق حيث أطلقت القنابل المسيلة للدموع، فيما عادت المدرعات التابعة للوزارة في الظهور مجدداً في الشارع، والقت القنابل المسيلة للدموع على المتجمهرين حيث تحول ميدان التحرير الي ساحة للمعارك وشهد إغلاقا كاملا أمام حركة المرور، فيما رد المتظاهرون بإطلاق زجاجات ملوتوف حارقة تم تصنيعها سريعا.

وعلى الرغم من أن القنابل المسيلة للدموع استخدمت من قبل لتفريق الاحتجاجات أمام السفارة الإسرائيلية لدى اقتراب المحتجين من اقتحامها في quot;ذكرى الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزةquot; إلا أنها المرة الأولى التي تستخدم فيها القنابل المسيلة للدموع لمواجهة المحتجين السلميين.

ووقع العشرات من المصابين جراء المصادمات بين قوات الشرطة والمتظاهرين من بينهم ضابط شرطة على الأقل و3 جنود حيث نقلوا في سيارات الإسعاف إلي المستشفيات القريبة، هذا في الوقت الذي استمر توافد المئات الي الميدان فور علمهم بما يحدث في المكان.

وشهد مسرح البالون كردون انتشارا أمنيا مكثفا من قبل قوات الجيش والشرطة التي حرصت على تأمين المسرح تخوفا من اندلاع أعمال عنف جديدة فيما قام وزير الثقافة ومحافظ الجيزة بزيارة سريعة للمسرح للوقوف على تطورات الموقف.

وفي ميدان التحرير ردد عشرات المتواجدين الهتافات المناهضة لوزير الداخلية والمشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري الحاكم منها quot;الشعب يريد إسقاط المشيرquot;، quot;يسقط يسقط منصور العيسويquot;وquot;الشعب يريد إسقاط الوزيرquot;، كم أعلن عدد منهم عن نيته الاعتصام في التحرير فور انسحاب قوات الأمن المركزي.

وقالت وزارة الداخلية في بيان لها لتوضيح حقيقة الأحداث quot;إنه أثناء قيام إحدى الجمعيات بتكريم عدد 10 من أسر الشهداء بمسرح البالون بالعجوزة قامت مجموعة من الأشخاص بمحاولة إقتحام المسرح مدعين أنهم من أسر الشهداء ولدى رفض منظمى الحفل مشاركتهم قاموا بمحاولة دخول المسرح عنوة وتحطيم زجاج بوابته، وتمكنت الخدمات الأمنية من السيطرة على الموقف وضبط عدد 7 من مثيرى الشغب، وعقب ذلك قامت تلك المجموعة بالتوجه إلى منطقة ماسبيرو حيث إنضم إليهم بعض المعتصمين أمام مبنى إتحاد الإذاعة والتليفزيون، وتوجهوا إلى مقر مبنى وزارة الداخلية بمنطقة وسط البلد حيث قاموا بأعمال شغب ورشق الحجارة تجاه المحلات والسيارات مما تسبب فى إصابة بعض المواطنين من المارة وعدد من رجال الشرطة المعينين خدمات بتلك المنطقة، حيث تصدت قوات الشرطة لهم مما دفعهم إلى التوجه إلى منطقة ميدان التحرير وإستمروا فى إحداث أعمال شغب وتقوم أجهزة الأمن حالياً بالتعامل مع الموقف وفقاً لتطوراته، وحصر الإصابات والتلفيات وإتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة quot;.

من جهته قال الدكتور اسماعيل السيد استاذ العلوم السياسية في إفادة لـquot;إيلافquot; ان ما حدث من قبل الشرطة امر غير مقبول مهما كانت الظروف، مشيرا إلى أن وزير الداخلية السيد منصور العيسوي مطالب بالاستقالة فورا لأن قوات الأمن لجأت الي أسلوب وزير الداخلية السابق حبيب العادلي.
ولفت الي ان قوات الشرطة كان لابد ان تأخذ موقف أكثر حكمة مما فعلته، مؤكدا على أن القوى السياسية المختلفة يجب أن تأخذ موقفا حاسما من وزير الداخلية وان تطالب بإقالته فورا ومحاسبته عن ما يحدث.

وأشار الى ان الحديث عن وجود بلطجية في ميدان التحرير مما يدفع قوات الأمن لاستخدام القوة معهم أمر غير مبرر لاسيما، وأن هذا الكلام اعتادنا على سماعه في الأيام الأولى للثورة.

واتفق معه في الرأي الدكتور اسماعيل عبد الفتاح الخبير السياسي، والذي رفض ما يحدث في ميدان التحرير مطالبا بتحمل المسؤولين مسؤلياتهم الوظيفية والاعتراف بالخطأ فيما حدث لان ما حدث زاد العلاقة بين المواطنين والداخلية تعقيدا خاصة في ظل استمرار وجود حاجز بين الوزارة والمواطنين.

وناشد عبد الفتاح الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء بضرورة الظهور على شاشة التليفزيون فورا وإعلان فتح تحقيق في الأحداث ومحاسبة المسؤولين أيا كانت مناصبهم لاسيما في ظل احتمالات بوقوف فلول الحزب الوطني وراء الأحداث وبخاصة بعدما وجه القضاء ضربة جديدة لهم بحل المجالس المحلية.

بعد ذلك بأكثر من ساعة بدأت تظاهرات في مقر اعتصام quot;اسر الشهداءquot; أمام مبنى التليفزيون وتحركوا في مسيرة لوزارة الداخلية التي لا تبعد سوى مئات الأمتار عن عن مبنى التليفزيون لتبدأ مصادمات طفيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن، وتطورت الأمور مع عمليات حشد للمحتجين عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي quot;فايسبوكquot; وquot;تويترquot; ومطالبة الشباب بالنزول الي ميدان التحرير حيث انتقلت المصادمات الي الميدان ولا تزال مستمرة حتى ساعة إعداد التقرير.