في الوقت الذي يزور وفد أميركي رفيع المستوى مصر لتقديم مساعدات إقتصادية لها دعماً لثورتها التي إندلعت فقي 25 يناير الماضي، وأطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، أطلق نائب رئيس الوزراء، يحيى الجمل، تصريحات إتهم فيها أميركا وإسرائيل بمحاولة quot;كسر مصرquot;، وإجهاض لثورة من خلال بثّ الفتنة الطائفية.


تخوفات من تدخلات خارجية تسعى إلى إجهاض الثورة المصرية والانقلاب عليها

صبري حسنين من القاهرة: تزامنت تصريحات الجمل مع تصريحات أخرى أطلقها المرشد الأعلى للثورة الإيرانية أثناء لقاء له بالرئيس السواداني، إتهم فيها الولايات المتحدة وإسرائيل أيضاً بمحاولة quot;الإستيلاء على الثورة في مصر وتونس وليبياquot;، متجاهلاً ثورتي اليمن وسوريا. وسبق بيان للمجلس العسكري الحاكم في مصر تلك التصريحات، حذر فيه من محاولات دول أجنبية إجهاض الثورة المصرية.

لم تكن مصادفة أن تتزامن كل تلك التصريحات معاً، مما يؤكد أن مؤامرات حقيقة تستهدف الثورات العربية عمومًا والمصرية خصوصاً، وفقاً لما يراه الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب العدالة والحرية، وقال لـquot;إيلافquot; إن الثورات العربية ليست في مصلحة الغرب عموماً وأميركا وحليفتها الأبدية إسرائيل على وجه الخصوص، مشيراً إلى أن الفتنة الطائفية أخطر سلاح يمكن استخدامه لتدمير الثورة، حيث ينقلب الشعب على نفسه، وتدور آلة القتل على أساس الهوية.

ولفت إلى أن اسرائيل حاولت كثيراً الوقوف إلى جوار النظام السابق، لأنه كان يخدم مصالحها، ويعمل للحفاظ على أمنها، وضغطت على أميركا وأوروبا من أجل دعمه، لكن إرادة الشعب المصري كانت أقوى من أية ضغوط، واستطاعت الإستمرار في الثورة، حتى تم إسقاط نظام الحكم السابق، والبدء في بناء دولة ديمقراطية جديدة.

يحذر الدكتور جمال عبد الرحمن أستاذ السياسة الدولية من أن محاولات إجهاض الثورة وضرب وتفجير مصر داخلياً، لم ولن تتوقف، لأن الغرب يعتقد أن في حال ما إذا قويت مصر، فإن العرب جميعاً سوف تكون شوكتهم قوية، وأضاف لـquot;إيلافquot; أن القوات المسلحة والشعب يقظون جداً لتلك المحاولات، ولن تنجح أية أجهزة مخابراتية في الإستيلاء على الثورة أو تحويل مسارها، مشيراً إلى أن إلقاء القبض على الجاسوس الإيراني ومن بعده الإسرائيلي يؤكد يقظة جهاز المخابرات والشعب.

وحول المساعدات التي تقدمها أميركا إلى مصر للحفاظ على استقرارها، قال عبد الرحمن إن ما يقال في العلن أمام كاميرات التصوير، قد لا يتوافق مع ما يحاك في الخفاء، مشيراً إلى أن رغم أن أميركا أكبر حليف لإسرائيل وضامن لأمنها، إلا أن ذلك لم يمنع الأخيرة من التجسس على الأولى، ورغم وجود معاهدة سلام مع مصر، إلا أنها لم تمنع تل أبيب من التجسس على القاهرة طوال العقود الثلاثة الماضية.

وانتقد عبد الرحمن تصريحات المرشد الأعلى الإيراني القائلة إن أميركا وإسرائيل تحاولان الإستيلاء على ثورات مصر وتونس وليبيا واليمن، وقال إن إيران نفسها حاولت التدخل في الثورة المصرية وتوجهيها لخدمة مصالحها، كما إنها تجسست على مصر الثورة، وجرى إلقاء القبض على أحد دبلوماسييها، وجرى ترحيله إلى طهران في منذ نحو الشهر، لافتاً إلى أن خامئني تجاهل الثورة السورية، لأنها ثورة ضد حليفه الأسد، بل إن الأخطر من ذلك أنه يشارك في قمع الشعب السوري.

الثورة لم تكتمل، ومازالت مستهدفة من الداخل والخارج، إنه رأي الدكتور عمار على حسن رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية، وقال لـquot;إيلافquot; لابد أن يظل الشعب يقظاً لحراستها، لأن سقوط النظام السابق لا يعني أنتصار الثورة وتحقيق أهدافها كافة، وأوضح حسن أن العلوم السياسية تشير إلى أن الثورة تهبّ في صورة موجات، وقد نجحت الموجة الأولى للثورة في تنفيذ هدفها الأكبر، لكن ما زال أمامها موجات أخرى، فلا بد من تطهير البلاد ومؤسسات الدولة من أنصار النظام السابق ممن كانوا ينتفعون منه، ووضع دستور للدولة، وحل المجالس المحلية، وبناء مجتمع ديمقراطي.

ونوه حسن بأن الفتنة الطائفية أكبر خطر على مصر، مشيراً إلى أن هناك جهات خارجية وأتباع للنظام السابق يحاولون تغذية سرطان الطائفية لينتشر في المجتمع المصري ويقضي عليه، محذراً من أن تلك القوى لن تهدأ، وسوف تقوم بمحاولة تلو الأخرى، وينبغي على الشعب أن يكون يقظاً.

ووفقاً للدكتور مصطفي اللباد رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والإستيراتيجية، فإن خلق أنظمة عربية ديمقراطية ليست في مصلحة الغرب، ولا في مصلحة اسرائيل، وأضاف لـquot;إيلافquot; أن اسرائيل استفادت كثيراً من الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة، وقد اصابها الفزع بعد إندلاع الثورة المصرية، ولم تكن تتوقع إنهيار نظام حسني مبارك بهذه الصورة الفجائية، إذ لم يصمد في وجه الثورة الشعبية أكثر من 18 يوماً، وشعرت بالخطر، لاسيما أنه بسقوط النظام السابق يكون قد انفرط عقد الأنظمة الأخرى التي على شاكلته، وقد رأينا إندلاع الثورة في اليمن ثم البحرين ثم ليبيا فسوريا، ولذلك فمن مصلحتها إجهاض تلك الثورة الرئيسة في مصر، لتكون عبرة لغيرها من الثورات، وتشجيعاً للأنظمة الحاكمة على التشبث بالحكم، وممارسة كل صنوف القمع ضد شعوبها.

ولفت اللباد الى أن القبض على الجاسوس إيلان خير دليل على سعي إسرائيل إلى إجهاض الثورة، باستخدام سلاح الفتنة الطائفية الفتاك، حيث تم رصده أثناء في قرية صول في أطفيح التي شهدت أندلاع أعمال فتنة طائفية، أدت إلى مقتل شخصين وهدم كنيسة، ووجود في منطقة امبابة التي شهدت أحداث طائفية أسفرت عن مقتل 13 شخصاً وجرح نحو 200 آخرين، وإحراق كنيسة، ويعتبر سلاح الفتنة الطائفية هو السلاح الأمضى، حيث جرّب في العراق بين السنّة والشيعة وبين المسلمين والمسيحيين، وكانت النتيجة دخول العراق في داومة عنف منذ العام 2003.