خيمت على اسرائيل اجواء من الترقب الحذر، تزامناً مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في مصر، وما قد يحمله سيناريو فوز جماعة الإخوان المسلمين فيها من انعكاسات سلبية على تل أبيب، وانقسم المراقبون في إسرائيل بين متفائل بمستقبل الجماعة المحظورة سلفاً، وبين رافض للاقتناع بوجود معسكر اصلاحي لدى الإخوان.


عبد المنعم أبو الفتوح أعلن نيته الترشح للرئاسة المصرية

القاهرة: طغت تطورات المشهد السياسي في مصر على أروقة الساسة في إسرائيل، واحتل ملف الاخوان المسلمين صدارة اهتمام المراقبين الاسرائيليين، تزامناً مع اقتراب مصر من إجراء الانتخابات البرلمانية في ايلول/ سبتمبر المقبل، وفي وقت تعلن فيه الإدارة الأميركية اعتزامها استئناف الاتصالات مع الجماعة المحظورة سلفاً، ترى إسرائيل أن الإخوان باتوا على شفا السقوط في هاوية الخلاف والشقاق، الامر الذي يلقي بظلاله على احتمالات فوزها الساحق في الانتخابات البرلمانية المرتقبة، وربما خلال الانتخابات الرئاسية في كانون الاول/ ديسمبر القادم بحسب صحيفة هاآرتس.

وبوادر هذا الشقاق لاحت في الأفق بعد ايام من ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير، عندما انشق الاخوان على انفسهم الى معسكرين، احدهما - وفقاً للصحيفة الإسرائيلية ndash; يتمسك بالاجندة والبروتوكولات التقليدية للجماعة، بينما تبنى الفصيل الآخر برنامجاً إصلاحياً وبراغماتياً، ترجمه حزبا quot;الحرية والعدالةquot;، وquot;النهضةquot;، المنبثقان عن الاخوان المسلمين.

طبيعة المستقبل الانتخابي

وفي ضوء هذه التطورات المتواترة، سادت لدى ساسة اسرائيل اجواء من الترقب والحذر، نظراً لما تحمله طبيعة المستقبل الانتخابي في مصر من انعكاسات على طبيعة العلاقة السياسية والدبلوماسية بين القاهرة وتل ابيب، إذ اعتبرت صحيفة هاآرتس شهر ايلول/ سبتمبر محوراً، يحدد ملامح الوجه السياسي الجديد لجارة اسرائيل الجنوبية، ويرى الصحافي الاسرائيلي quot;تسيبي بارئيلquot;، انه على الرغم من حالة القلق التي تخيم على بلاده، على خلفية اعتزام الفلسطينيين اعلان دولتهم المستقلة، إلا أن رياح الانتخابات البرلمانية في مصر، تحمل قلقاً يفوق تحسبات إسرائيل من توجه الفلسطينيين للجمعية العامة للامم المتحدة في ايلول/ سبتمبر المقبل، إذ إن فوز الإخوان المسلمين في تلك الانتخابات يفرض العديد من علامات الاستفهام وهي، هل ستظل مصر دولة مسؤولة ومدركة لأهمية السلام؟ وهل ستحافظ القاهرة بمسؤولية على علاقتها بالولايات المتحدة واوروبا والدول المعتدلة في منطقة الشرق الاوسط؟

ويؤكد الكاتب quot;تسيبي بارئيلquot; ضرورة قيام اسرائيل بخطوات استباقية، تؤكد جديتها في التفاوض مع الفلسطينيين، لجذب انتباه المصريين خاصة الإخوان المسلمين لحرص اسرائيل على التوصل الى سلام، عندئذ سيستطيع معسكر الاخوان الاصلاحي الوقوف على أقدام ثابتة، ليعارض الدعوات الاخوانية الرافضة لاتفاق السلام بين بلاده واسرائيل، كما يطالب بارئيل في هذا الصدد بضرورة طرح مبادرة اسرائيلية للتسوية مع الفلسطينيين، حتى يفوت ذلك على الفلسطينيين اللجوء الى الجمعية العامة للامم المتحدة من جهة، ويترك انطباعاً من جهة أخرى لدى التنظيمات الراديكالية في مصر خاصة الإخوان بجدية تل ابيب في التعاطي مع النزاع الفلسطيني، وربما مع النزاع العربي الاسرائيلي بشكل عام.

بمنظور مختلف تعمقت مجلة quot;ذي افق تايمزquot; الإسرائيلية في رصد ما وصفته بـ quot;النزاع الدائرquot; بين صفوف جماعة الاخوان المسلمين المصرية، تزامناً مع الاقتراب من صناديق الانتخابات البرلمانية، وقالت المجلة: quot;إن الصدع يزداد هوة بين صفوف الجماعة المحظورة سلفاً، في وقت يتبنى فيه quot;شباب الاخوانquot; تياراً اصلاحياً، إذ ان هذا التيار وبرنامج حزبه الجديد سينفتح ثقافياً ودينياً على الآخر بشكل يختلف عن البرامج المعروفة للاخوان المسلمينquot;.

خلق صدام بين الجبهات المختلفة

ونقلت المجلة التي تصدر بالعبرية عن سياسيين ومراقبين في تل ابيب تقديراتهم، بأن انسحاب القيادي الاخواني الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح من الجماعة، واعلان اعتزامه الترشح للانتخابات الرئاسية، يعد مؤشراً على الصدع الداخلي الذي يجتاح جماعة الاخوان، ورفض اقطابها للديمقراطية التي ربما ينادي بها ابوالفتوح في برنامج حزبه بحسب وصف المجلة الإسرائيلية.

وفي حديثها مع quot;ذي افق تايمزquot;، قالت الدكتورة quot;عانت كوريتسquot; مديرة شعبة الدراسات في مركز أبحاث الأمن القومي الاسرائيلي: quot;إنه لا ينبغي التعاطي مع الإخوان المسلمين بنظرة شمولية، اذ تضم الجماعة عدداً ليس بالقليل من القيادات المتطرفة، التي تتطلع الى خلق صدام بين الجبهات المختلفة وبين الجماهير المصرية التي ترفض الوصول الى مرحلة الاوتوقراطية الدينيةquot;. وتوضح الخبيرة الإسرائيلية أن هذه القيادات تتمتع بثقل بالغ داخل جماعة الاخوان المسلمين.

واعربت كوريتس عن قناعتها بأن جماعة الاخوان المسلمين المصرية لا تختلف عن غيرها من العناصر السياسية المنظمة جيداً والتي لا تزال في طور مرحلة البحث، إذ إن مصر دخلت مرحلة انتقالية وتفرض هذه المرحلة على الاخوان والفصائل المنشقة عنها والتكتلات المتشعبة في داخلها ضرورة البحث وتحسس الطريق الذي ينبغي ان تسلكه في ظل الواقع السياسي الجديد.

على مستوى ذي صلة اقتبست المجلة عن الباحث المصري نبيل عبد الفتاح تأكيده ان جماعة الإخوان المسلمين المصرية كانت ولا تزال تفرض حول أهدافها الحقيقية هالة من الغموض، واضاف: quot;عدد كبير من الليبراليين المصريين ومحللين سياسيين في الغرب يخشون من تنامي قوة الاخوان في مصر، خاصة في مرحلة ما بعد نظام مبارك، وكان لضبابية اهداف الاخوان بالغ الاثر في هذه المخاوف، وربما يسود الاعتقاد بأن تعتيم الاخوان على اهدافهم يعود الى عدم رغبة الحركة في الكشف عن توجهاتها المتطرفة التي لن تقبلها الجماهير حال الكشف عنها.