تظاهرات تطالب بالتغيير والإصلاح في سلطنة عمان quot;أرشيفquot;
إقرأ أيضا
هل يخشى العُمانيون من مرحلة ما بعد السلطان قابوس؟

في الجزء الثاني نتطرق إلى موضوع جعل السلطنة في الواجهة، حيث عاشت أياما مع الثورة لكنها ثورة وإن اتفقت في المبدأ؛ إلا أن المقصد يتشتت حين وصوله إلى السلطة، فقط هي ثورة في اتجاه المطالبة بالإصلاح الاقتصادي، quot;لا تغيير للنظامquot;، فكيف أخمد السلطان قابوس ثورة الشباب العماني؟


في خضم ثورات ما يسمى بـquot;الربيع العربيquot; ظهر صوت قادم من أقاصي الخليج، من السلطنة العمانية، وهي الثورة المفاجئة للمطلعين على الشأن الخليجي، فالجميع يعلم ما يعمل له quot;قابوسquot; منذ 1971. وكيف نقل المجتمع والمواطن العماني من أسفل القوم إلى عليته.
ذكريات quot;العمانيquot; تحيط بأجيال ما قبل 1971، فحين توجيه السؤال عن عمان اليوم، وحال المواطن العماني المترفة مقارنة بوضعه السابق، فسيكون الجواب: quot;كانوا من عمالة التنظيف في الشوارع الخليجيةquot;.!

هذا التغيير والنقلة التي صنعها قابوس بن سعيد، الطاغي لقب quot;جلالة السلطانquot; على ألسن العمانيين والعمانيات الذين التقيناهم، يجعل المتابعين يؤكدون أن آخر بلد خليجي سيثور أهله هو عُمان، لكن كان الاقتصاد هو المحرك كما كان في نسختيه الناجحتين في سوريا ومصر.

ثورة شباط/فبراير الماضي العمانية انطلقت من مدينة quot;صحارquot; الشمالية القريبة من العاصمة مسقط، لم تكن شعارات سياسية ترفع للإطاحة أو المطالبة برحيل زعيمها quot;قابوس بن سعيدquot; الذي يشبه في قداسته quot;غانديquot; لدى الهنود؛ بل كانت المطالبة بشق اقتصادي شخصي، يتفق عليه الشعب العماني.

السلطان قابوس يمتلك خاصية الترويض، والفهم الواقعي لمجريات الأمور، حتى وإن كان ظهوره نادرا عبر الإعلام الدولي، بل والإعلام الرسمي كذلك، فهو من قضى بصحبة الإنكليز، ورتوش إيرانية، على تمرد محافظة quot;ظفارquot; الجنوبية في العام 1975.

جانب من الاحتجاجات التي شهدتها سلطنة عمان quot;أرشيفquot;

قابوس بن سعيد، هو الحكيم الخليجي، هو أكثر الزعماء الحاليين بين قادة الخليج دراية وحكمة وخبرة في فهم مجريات التعاطي الاستراتيجي على الشأن الخارجي، وهو من خط لسلطنته مسارا يتصف بالهدوء بين مثيلاتها من الدول، التي تحتل المواقع الإستراتيجية.
الحديث عن السلطان في هذا الجزء من سلسلة عمان، يجعلنا نعود إلى ما قبل ثورة ظفار، التي قضى عليها قابوس، وهي الحرب التي قال عنها الخبير العسكري البريطاني إيان جاردنيرquot; إنها تتمتع بأهمية استراتيجية للعالم الغربي أكبر من حرب فيتنام التي تزامنت معهاquot;.

الحكمة العمانية من قابوس في التعاطي مع الأزمة quot;الظفاريةquot; جعلت الخليج كله في أمان واستقرار، كانت الأنظار الطامعة تسعى إلى السيطرة على مسقط عمان وما جاورها، كيف لا والسلطنة تقف على مضيق هرمز الذي تمر عبره 60% من إمدادات النفط إلى العالم حتى اليوم.

اليخت السلطاني في مسقط

فهل قضى السلطان على ثورة صحار كما قضى على ثورة ظفار؟
من مسقط التي تتكسر أمواج الخليج أمام شواطئها التي تعيش حالة الخوف في كل تموز/يوليو على ذكريات إعصاري quot;غونوquot; و quot;فيتquot;، قال الكاتب والمحلل السياسي المرافق لناالدكتور محمد العريمي quot;لابد من التفريق بين الحدثين. فما شهدته السلطنة في ظفار في السبعينات من القرن الماضي لم يكن احتجاجاً داخلياً صرفاً، ولكن كانت هناك مخططات قادها بعض دول الجوارquot;.
واعتبر العريمي أنها من القوى التي أشار إلى أن الشعب العماني يعرفها؛ لذلك كان لابد من مواجهة الأزمة بكل جديّة، وإلا فإن البلد كان مهدداً بالفوضى في صلالة ظفار.

وأشار إلى صحار بقوله quot;أما إذا ما التفتنا إلى كيفية معالجة الاحتجاجات الأخيرة في صحار ومسقط وصور وظفار وغيرها من المدن العمانيةquot;؛ فإن ذلك قد تمّ بكل هدوء حين أبدى السلطان تفهماً كاملاً للمطالب، وquot;استجاب للحق منها بسرعةquot;، كون معظمها قد تقاطع وتوافق مع رؤية السلطان قابوس وفق رؤيته.

ساحل الخليج

الاقتصاد محرك الثورات..
وبالنظر إلى الأمثلة السالفة الذكر في عدد من الدول العربية، يصل الاقتصاد إلى مرتبة أولى في تحريك الشعوب أكثر من سوء الحكم، فتطلعات الشعوب العربية خاصة أصبحت مختلفة وهي ترى أن دخلها القومي مقارنة بحاجتها يحتاج إلى الإصلاح.

وعن التوقع المستقبلي للسلطنة quot;اقتصادياquot; خصوصا في معترك الأحداث الماضية والمستقبلية قال العريمي : إنه إذا استمرت السلطنة بالفكر الاقتصادي السابق نفسهفاعتقد أن الأمور quot;لن تتحسن بل سوف نشهد خلال الفترة القادمة وقفات واحتجاجات واعتصامات أما إذا قرأت الحكومة المشهد بواقعية من خلال الوقوف على المعطى الحاضر فاعتقد أن الأمور سوف تتحسن كثيراًquot;.

وأضاف أن عمان لديها من المقومات quot;ما يمكن أن يجعل منها دولة غنيةquot; بل من أغنى دول المنطقة، والمطلوب فقط أن تصدق النوايا وتتحقق الإرادة وتعظم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية.

سوق مطرح القديمة

أرض الهدوء .. ثائرة !!
سألت الدكتور العريمي في خضم الحديث عن السلطنة رغم ثورتها الأخيرة أو ما تسميه أجهزتها الإعلامية بـquot;الاحتجاجاتquot; لماذا الهدوء quot;السياسيquot; والموقع الاستراتيجي لعُمان يجعلها لاعبا كبيرا في ملعب الإقليم، فأجاب بتساؤلquot; وهل أصبح الهدوء عيباً اليوم، هل يجب على النظام السياسي أن يخرج إلى الشارع وإلى شاشات التلفاز في كل صغيرة وكبيرة ؟quot;.
وتطرق خلال حديثه إلىأن السلطنة لعبت أدواراً كبيرة مع دول الجوار مثل إيران والإمارات وقطر وغيرها من الدول العربية، وأشار إلى أن السلطنة في كينونتها وصيرورتها أصبحت دولة يُشار إليها بالبنان، وتؤخذ مأخذ الاحترام والجدية إقليمياً ودولياً. لذلك لم تكن محط طمع بقدر ما هي محط طموح في بناء علاقات معها، وهذا، أصلاً، quot;ما تقوم عليه العلاقات الدولية من احترام متبادل بين الدولquot;.

جانب من إحدى الأسواق العمانية

إصلاحات رضي عنها العمانيون
السلطان العماني قابوس بن سعيد قاد إصلاحات واسعة بعد موجة الاحتجاجات، خصوصا وهو من حرك المياه الراكدة، أثناء انتزاعه الحكم السلطاني من والده سعيد بن تيمور، في العام 1971.
فكما كان السلطان محررا ومزيلا للعديد من الإشكاليات والترسبات التي لحقت بالسلطنة بعد وطأة والده في كل أرجاء عُمان، وإغلاقه محابس التطور والانفتاح على العالم الخارجي، أصبح هو الحكيم المداوي لمشكلاته فماذا صنع السلطان حتى يخفي سعير الثورة الناجحة في الوصول إلى هدفها رغم التسمية بـ quot;الاحتجاجاتquot;؟
فأعلنت الحكومة العمانية، في آذار/مارس الماضي عن إنفاق حوالى 2.6 مليار دولار في موازنة العام 2011، وذلك بناء على التوجيهات الصادرة من السلطان قابوس.استجابة للتظاهرات التي شهدتها المدن العمانية المطالبة بإصلاحات ومحاربة الفساد وتوفير فرص عمل في البلاد. إضافة إلى رفعه الحد الأدنى لرواتب العاملين في القطاع الخاص من 364 دولاراً إلى 520 دولارا. وكذلك الحكومة إلى الضعف.

شعارات تطالب بالوظائف وزيادة الرواتب quot;أرشيفquot;

في حين قرر سلطان عمان قابوس بن سعيد، تشكيل لجنة فنية لوضع مشروع تعديل للنظام الأساسي للدولة، على أن ترفع توصياتها خلال مدة لا تجاوز ثلاثين يوماً، ضمن سلسلة تغيرات تهدف إلى تحسين معيشة المواطنين، استجابة إلى مطالب المحتجين الذين خرجوا إلى شوارع العديد من المدن في مختلف مدن وولايات السلطنة.
إضافة إلى ذلك أمر السلطان العماني باتخاذ عدة خطوات لازمة تجاه تحقيق استقلالية جهاز الادعاء العام، بالإضافة إلى تكليف لجنة وزارية برئاسة وزير ديوان البلاط السلطاني لوضع مجموعة من المقترحات والتصورات يتعلق بعضها بإعطاء مجلس الشورى مزيدا من الصلاحيات، التي تعتبر من مطالب المتظاهرين الرئيسة الأخرى.

يشار إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي قامت مؤخراً بتقديم برنامج مساعدات بلغ حجمه 20 مليار دولار لكل من عُمان والبحرين، اللتين شهدتا اضطرابات احتجاجية، وذلك في إجراء من شأنه أن يتيح للبلدين توفير فرص عمل وتحديث البنية التحتية والإسكان.

غدا في الجزء الثالث :
لماذا تقصد حملات الإسلاميين quot;صلالةquot; السياحية؟