قررت هيئة مكافحة الفساد في فلسطين استدعاء وزيري الزراعة والاقتصاد للتحقيق معهما بخصوص شبهات تتعلق بانشطة سابقة، وجاءت هذه الخطوة بموافقة رئيس الوزراء سلام فياض. وكان هذا الموضوع سبب جدلا في الشارع الفلسطيني حين سرت بعض المعلومات ونشرتها بعض وسائل الإعلام في ما يتعلق بالحديث عن عدد من الوزراء تم تداول أسماؤهم متهمين بقضايا فساد.


جانب من دورة تدريبية لتعزيز قدرات الاعلاميين في تغطية قضايا الفساد

قال رئيس هيئة محكمة الفساد رفيق النتشة في لقاء خاص مع quot;ايلافquot;: quot;إن الهيئة وبتعاون مع رئيس الوزراء سلام فياض قررتا رفع الحصانة الديبلوماسية عن وزيري الاقتصاد والزراعة سعيا للتحقيق معهما حول شبهات تتعلق بأنشطة سابقة خلال مشاركتهما في الحكومات السابقة وقبل ذلكquot;.

وأكد النتشة أن الهيئة حققت انجازات ملموسة خلال الفترة الماضية حيث استعادت قرابة ثمانية عشر مليون شيقل أي ما يقارب أربعة مليون دولار ونصف، ونحو ثلاثمائة وثمانية ثمانين دونما من الاراضي الحكومية.

وأوضح أن موضوع مكافحة الفساد ليس بالموضوع الجديد حيث كان في السابق يتم من خلال قانون لمحاسبة الكسب غير المشروع الذي لم يكن مفعلا.

وذكر النتشة أنه وعند تشكيل الهيئة تم التوجه لتشكيل قانون عصري حديث يعد من أفضل القوانين المعمول بها في المنطقة ومن خلاله يمكن محاسبة كل ما لديه صالح بالمال العام كما يتميز بوجود محكمة مختصة بالنظر بالقضايا المحولة لها من قبل الهيئة ولديها وكلاء نيابة مختصون.

وأوضح أن التوجه لانشاء محكمة مختصة بهذا المجال كان نظرا لوجود قضايا في المحاكم النظامية لها ستة عشر عاما، لافتا إلى أن مثل هذا النوع من القضايا لا يحتمل التأجيل.

وأكد النتشة ان العمل يسير على قدم وساق، منوها إلى أن الهيئة لا تواجه أية عقبات في عملها بحيث تتعاون معها كافة الجهات الحكومية والأمنية.

وقال: quot;عند استلامنا لمهامنا حول لنا من قبل النائب العام ثمانين ملفا، منها عشرين ملفا ليست من اختصاص الهيئة وعشرين مضى عليها وقت ومنها ملفات ليس لها مستنداتquot;.

وأضاف: quot;توجد شخصيات معروفة في السلطة عليها شبهات لم تتمكن الهيئة من احضارها للتحقيق معها لوجودها خارج فلسطين والعمل مستمر من أجل ذلك، مؤكدا أن كل متهم بريء حتى تثبت ادانتهquot;.

وأوضح النتشة، أنه وخلال عمليات البحث والتحقيق تم الكشف عن تجاوزات حيث تبين وجود أشخاص غير متهمين ولكنهم استفادوا بشكل أو بآخر، وعند التحقيق معهم يتم تخييرهم بين أن يكونوا شاهدين أو متهمين، لافتا إلى أنهم تعاونوا بشكل جيد مع الهيئة وأعادوا ما بحوزتهم وأدلوا بمعلومات تخدم القضايا.

وذكر رئيس هيئة مكافحة الفساد أنه وضمن القانون الذي تعمل بموجبه الهيئة لا يوجد كبير وصغير فكل قضية فساد صغيرة كانت أم كبيرة هي متابعة، لافتا إلى أنه تم استجواب بعض المسؤولين السابقين ومن بينهم وزراء.

استدعاء وزيري الاقتصاد والزراعة ومسؤولين

وبخصوص ما جرى في ما يتعلق برفع الحصانة عن وزيري الاقتصاد والزراعة قال النتشة: quot;إن ذلك جاء بعد أن تلقت الهيئة دعما وتعاونا كاملا من قبل رئيس الوزراء سلام فياض الذي أكد خلال لقاء مشترك مع الهيئة أن الحكومة تقبل مساءلة أعضاء الحكومة حرصا لانفاذ القانونquot;.

وأضاف: quot;أن الاستدعاء لوزيري الزراعة والاقتصاد كان بطلب من رئيس الوزراء،، مؤكدا أن الاستدعاء ليس إدانة وإنما هناك شبهات تحتاج للاستجوابquot;.

وتابع: quot;بدأ النظر في ملفات وزيري الزراعة والاقتصاد على خلفية الاداعات بأنشطة سابقة خلال وجودهما في الحكومات السابقةquot;.

وفي ما يتعلق ببعض المعلومات الواردة للاعلام بخصوص إحالة قضايا تتعلق بعضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد دحلان إلى الهيئة، أكد النتشة أنه لا يوجد أي ملف بهذا الخصوص حتى هذه الساعة.

أما في ما يتعلق بمحمد رشيد أو خالد سلام المتهم بقضايا فساد، أوضح رئيس هيئة مكافحة الفساد أن العمل جار على متابعة ملفاته وتم الطلب من الدول التي يتنقل بينها باسترداده.

وبخصوص ما تردد عن فساد في هيئة الإذاعة والتلفزيون أشار إلى أن الملف قيد المتابعة، مشددا على أن الهيئة تسير وفق قانون يشمل الجميع، وأنها لا تهاب أحدا، لافتا في الوقت ذاته، إلى أن هناك متابعات تشمل قادة فصائل وأحزاب.

وبخصوص ما تلقته الهيئة من قبل لجنة تقصي الحقائق البرلمانية في المجلس التشريعي فيما يتعلق بالمطالبة بإقالة وزير الصحة، قال النتشة: quot;استلمنا ملف وزير الصحة والأمر يحتاج إلى وتحقيق ونحن بحاجة لوثائق وملفه قيد المتابعة، وكذلك الأمر يتعلق بتجاوزات في وزارة الأشغال العامة وهناك موقوفين على خلفية هذا الموضوعquot;.
وعما إذا كانت هناك اي شبهات بالفساد في وزارة المالية، أكد أنه لا يوجد ملف ضد الوزارة وإنما هناك شكاوى ضد بعض الموظفين.

الهيئة ومتابعاتها

وفي ما يتعلق بتشكلات وآليات عمل هيئة مكافحة الفساد قالت المستشارة القانونية للهيئة رشا عمارنة في لقاء مع quot;إيلافquot;: quot;إن الهيئة حصلت على تمكين بموجب القانون المعدل الذي ورد في قرار رقم 7 لعام 2010 بشأن تعديل قانون الكسب غير المشروع رقم 1 لسنة 2005quot;.

وأكدت أن الجرائم التي تعتبر فسادا وفق قانون مكافحة الفساد في فلسطين تنسجم بدرجة عالية مع الاتفاقية الدولية لمناهضة الفساد.

وبحسب عمارنة، فإن الخاضعين لأحكام القانون تتمثل بكافة الموظفين في السلطة وتبدأ من الرئيس وتشمل صغار الموظفين وتشمل السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية، وكذلك بالنسبة للقطاع الخاص والقطاع الأهلي.

وذكرت المستشارة القانونية أن الهيئة تمتاز بتمتعها بشخصية اعتبارية واستقلال مالي وإداري وموازنة خاصة ضمن موازنة السلطة ويتمتع موظفوها بحصانة ويخضعون لنظام خاص يصدر من قبل مجلس الوزراء.

وفي ما يتعلق بوجود أية ضغوط أو تهديدات من قبل متنفذين، أكدت عمارنة أن هذا الأمر لم يحدث بشكل مباشر على الهيئة وإنما هناك بعض الممارسات والضغوط مورست على وكلاء النيابة التابعين للهيئة.

قضايا فساد وتجاوزات

وفي معطيات ذي صلة أوردها ياسر العموري أستاذ القانون الدولي في جامعة بير زيت ضمن دورة تدريبية لتعزيز قدرات الصحافيين لمعالجة قضايا الفساد عن معلومات، كان قد أوردها النائب العام عام 2006 أنه يتوفر لديهم نحو خمسين قضية وحالة فساد اداري ومالي تم اعتقال خمسة وعشرين شخصا على هذه القضايا ولاذ خمسة وعشرون بالفرار خارج الوطن.

وبحسب معطيات المغني التي أوردها العموري، فإن المبالغ التي نهبت من ميزانية السلطة في إطار هذه القضايا الخمسين يفوق سبعمائة مليون دولار تم تحويلها إلى حساباتهم الشخصية. وقال العموري: quot;يمكن القول بأن الفساد جدير بالاهتمام في فلسطين ويجب متابعتهquot;.

الفساد السياسي

بدوره، أكد عزمي الشعيبي مفوض عام ائتلاف الشفافية والنزاهة quot;أمانquot;، خلال لقاء خاص مع quot;إيلافquot;، أن حجم الفساد في فلسطين تراجع وخف خلال السنوات الماضية وتمثلت أشكاله بالتكسب من الوظيفة العامة وممارسة الواسطة والمحسوبية واستغلال المال العام واستخدامه لمصالح خاصة.

وقال: quot;من بين الأشكال الأخرى للفساد، التدخل في العطاءات لمصالح معينة والتعيينات على أسس غير نزيهة، مضيفا أن الفساد السياسي استجد على الساحة الفلسطينية بعد الانقسامquot;.

وتابع: quot;تمثل هذا الفساد بتصفية حسابات سياسية ومنع طرف لآخر من العمل وتأجيل الانتخابات العامة لمصالح حزبية واستخدام وسائل الملك العام كأراضي الدولة لحسابات خاصة.

ولفت الشعيبي إلى أن الفساد موجود في القطاع العام والخاص والأهلي وتراجع في السنوات الأخيرة وتختلف نسبة التراجع والازدياد بين قطاع وآخر.

ويأتي التحسن والتراجع في هذا المجال بحسب الشعيبي نظرا لزيادة أجهزة الرقابة والتحسن الكبير في الإشراف المالي والإداري.

وأكد مفوض عام quot;أمانquot; أن بعض أنواع الفساد قلت في المجتمع الفلسطيني ومنها موضوع الرشوة فيما تراجعت عملية الاستيلاء على أراضي الدولة وازداد الفساد السياسي.

وعن مدى أهمية التحقيق مع وزراء وقادة أكد الشعيبي أن هذا هو quot;الامتحان الأصعب لفحص مدى وجود إرادة سياسية لمحاسبة المسؤولين لتجاوزات في أعمال قد تصنف أنها قضايا فسادquot;.

وقال: quot;هذا التوجه يمكن أن يكون عاملا لاسترجاع السلطة لهيبتها أمام المواطنين بعد الجدل الذي ساد حول انتشار قضايا فساد في المجتمع ليدرك الجميع أن السلطة جادة في محاسبة هذه القضايا ومتابعتها.

وبحسب الشعيبي فإن المعطيات المتوفرة في ما يتعلق بالشبهات حول أنشطة وزير الزراعة نوه إلى أنها تتمثل في أموال تتعلق باتحاد الفلاحين، أما وزير الاقتصاد فهي تتعلق أثناء شغله لهيئة سوق رأس المال وشراء أسهم في تلك الفترة.

الحكومة تتقبل مساءلة الهيئة لأعضائها

وكان رئيس الوزراء سلام فياض قد قال أخيرا: quot;إن الحكومة تتقبل مساءلة هيئة مكافحة الفساد لأي من أعضائها حسب القانون، باعتبار أن أعضاء الحكومة الأكثر حرصا على تطبيق القانون، ومعنيون بأن يكونوا مثالا لتعزيز وتشجيع الشفافية والمساءلة، باعتبارهما من أركان الحكم الصالح الذي تعمل الحكومة على ترسيخه.

وأكد فياض خلال لقائه في مكتبه، الاحد الماضي رئيس هيئة مكافحة الفساد رفيق النتشة، 'أنه لم يكن لدى الحكومة، ولا أي من أعضائها أي تردد في التعاون لتسهيل عمل الهيئة في الماضي ولن يكون في المستقبل'، معبرا عن دعم الحكومة لعمل الهيئة واستعداد أعضائها للتعاون معها بكل الأشكال الممكنة، من منطلق الحرص الدائم على نفاذ القانون وتطبيقه على الجميع.

تجدر الإشارة إلى أن مركز المعلومات العدلي التابع لوزارة العدل بالتعاون مع شبكة أمين الاعلامية وهيئة مكافحة الفساد نظمت دورة تدريبية لنحو ثلاثين صحافيا وإعلاميا في الضفة الغربية لتعزيز قدراتهم في تغطية قضايا الفساد المنظورة أمام القضاء ضمن برنامج تدريبي ممول من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والاتحاد الأوروبي.

وتضمنت الدورة تعريف بنظام قانون هيئة مكافحة الفساد والاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد والتدابير الوقائية للفساد وتجريم الفساد وإنفاذ القانون.