ألغت المحكمة قرارا سابقا بإزالة صور مبارك من المنشآت العامة

خالد جوهر من القاهرة: في الوقت الذي أدى فيه الوزراء المصريون الجدد اليمين الدستوري أمام رئيس المجلس العسكري أرست محكمة الأمور المستعجلة في عابدين مبدأ قانونيا وسط الأحداث الدراميتيكية السائدة الآن على الساحة السياسية المصرية بقولها quot;إن المحكمة لا تملك حال تحملها مسؤولية الفصل فى دعوى نزع أسم الرئيس السابق حسني مبارك وزوجته سوزان مبارك من على المنشأت العامة، إلا أن تحيد بنفسها عما يجيش فى صدور الخصوم إعمالا لمبدأ حياد القاضى وإعمالا لصحيح القانون وإعلاء لشأنه وتنزيه للمحكمة عن الانجراف وراء المشاعر.

وقد ألغت محكمة استئناف الأمور المستعجلة في عابدين حكما سابقا كان قد صدر عن محكمة أول درجة (محكمة القاهرة للأمور المستعجلة) يقضي بنزع اسم الرئيس السابق محمد حسني مبارك وزوجته سوزان ثابت عن كافة المنشآت والمصالح العمومية التي كانت تحمل اسميهما قبل ثورة 25 يناير, وأحالت الدعوى لقضاء مجلس الدولة للفصل فيها بوصفه جهة الاختصاص، كما قضت المحكمة بالإبقاء على اسم الرئيس السابق على الميادين والمنشآت العامة التي تحمل اسمه لحين الفصل في القضية.

وأكثر الناس سعداء بهذا القرار هم انصار الرئيس المصري السابق حيث أصيبت بعض السيدات بحالات إغماء وسط فرحة عارمة إنتابت الجميع من مؤيدي الرئيس السابق وأرتفعت الزغاريد بينهم فور نطق القاضي بالحكم حيث فضل المعارضين الإنسحاب والإستجابة لطلب أمن المحكمة بعدم إستفزاز أنصار الرئيس، وعلى الرغم من إلتزامهم فقد حدثت بعض المناوشات الصغيرة بدات قبل الجلسة إلا أنها لم تسفر عن أعمال شغب واسعة حيث نجحت الشرطة بحيادية تامة في أن تفصل بين الطرفين، كما قام أنصار مبارك بترديد الهتافات المؤيدة له ومنها (يا مبارك يا طيار بعدك مصر هتولع نار) (بنحبك يا ريس) (أصحى وفُوق مبارك أبوك) بينما رفع معارضو مبارك لافتات تتهمه بسرقة أموال الشعب وأنه طاغية.

المحكمة بينت في أسباب الحكم أنها ألمت بما يجيش فى صدور الجميع فى الدعوى القائمة فمنهم من يطلب القصاص عملا بقول القرآن: quot;ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألبابquot;، ومنهم من يطلب العفو إعمالا بقول القرآن: quot;وإن تعفو فهو أقرب للتقوىquot; إلا أن المحكمة لا تملك حال تحملها مسؤولية الفصل فى الدعوى إلا أنها تحيد بنفسها عما يجيش فى صدور الخصوم إعمالا لمبدأ حياد القاضى وإعمالا لصحيح القانون وإعلاء لشأنه وتنزيه للمحكمة عن الانجراف وراء مشاعر الخصوم، فالعدل بدون حياد لا يؤدى إلى إحقاق الحق وإقامة العدل بين الناس، وهو ما ترى معه المحكمة حكمها السابق.

المحكمة ناشدت كافة أطياف الشعب المصرى الالتزام بالديمقراطية فى كافة مناحى الحياة وإعلاء شأن القانون مشيرة إلى أنه لا قيمة لما تقرره النصوص والدساتير ما لم تؤمن به الجماهير ولهذه الأسباب قررت المحكمة قبول الاستئناف رقم 418 و430 لسنة 2011 شكلاً، وفى الموضوع إلغاء حكم محكمة أول درجة برفع اسم مبارك وزوجته من الميادين لعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها لمحكمة القضاء ومجلس الدولة للاختصاص وحددت جلسة 4 أغسطس لنظر الدعوى.

يذكر أن هناك حكم قد صدر يلزم رئيس مجلس الوزراء برفع اسم وصورة الرئيس السابق حسنى مبارك وزوجته من جميع الميادين والشوارع والمدارس ومحطات مترو الأنفاق والمكتبات والجمعيات والمنشآت الكائنة بجميع أنحاء الجمهورية وهو ما تم بالفعل حيث قدم محامي المطالبين برفع الأسم ما يفيد تنفيذ الحكم والذي تم قبل إنتهاء المدة القانونية للإستئناف (وهي مخالفة قانونية كبيرة) حيث قدم 6 حوافظ مستندات تفيد تمام التنفيذ بإزالة اسم مبارك من محطة مترو الإنفاق وكافة المنشآت والميادين من داخل وخارج القاهرة كما قدم ما يفيد صدور قرار من مجلس الوزراء والمجلس العسكري بإلزام المحافظين في مصر بسرعة تنفيذ إزالة اسم وصور مبارك من جميع الميادين حيث أعتبره القانونيين الذين أستطلعت quot;إيلافquot; رأيهم أنه مخالف لنصوص القانون المصري حيث ينص على أن الأحكام تصبح سارية التنفيذ فور إنتهاء جميع مراحل الإستئناف والإستشكال والنقض ولا يحق لأحد تنفيذها إلا وفق القانون وهو ما تمت مخالفته بصراحة في الحكم السابق الذي نفذ قبل الإستئناف ..
الحكم أسدل الستار على مبدأ هام.. وهو ضرورة إحترام سيادة القانون في محاكمة رموز النظام السابق وأن الثورة لن تلغي مباديء القانون وسيادته وأنه لن تكون هناك محاكم أو قوانين إستثنائية في مصر الفترة المقبلة.