خففت جماعة الإخوان المسلمين من زخم مطالبها الإسلامية ورسالتها الدينية، بعد إنضمامها إلى المعارضة الشعبية المطالبة بسقوط الرئيس المصري حسني مبارك، لكن التساؤل المطروح هو حول مدى بقائها على هذا الموقف؟


لاحظ مراقبون ان جماعة الإخوان المسلمين التي انضمت إلى المعارضة المطالبة بتنحي الرئيس المصري حسني مبارك، خففت رسالتها الدينية في غمرة الإنتفاضة الشعبية غير المدفوعة بمطالب إسلامية.
وكتب المعلق جيفري فلايشمان في صحيفة لوس انجليس تايمز ان معالم استراتيجية الجماعة لاحت يوم الأحد عندما أعلنت دعمها لزعيم المعارضة الحائز على جائزة نوبل محمد البرادعي رئيسا مؤقتاً، في حال إسقاط نظام مبارك. وقال عضو الجماعة عصام شوشة quot;ان الثورة ليست ملك جماعة واحدةquot;.
لكن ليس معروفاً ما إذا كانت جماعة الإخوان المسلمين ستبقى على هذا الموقف في مصر ما بعد مبارك، ولكنه يشير الى ان الجماعة بعد أسبوع من الإنتفاضة أخذت تدرك حقيقة القوى الصاعدة في التحرك الشعبي.
وترى الجماعة التي تدير شبكة من البرامج الدينية والإجتماعية في عموم مصر ان دعم البرادعي في الوقت الحاضر فرصة سانحة لخدمة مطامحها السياسية.

وقال وحيد عبد المجيد من مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ان جماعة الإخوان المسلمين لا تريد ان تظهر وكأنها تستخدم هذه الثورة للإستيلاء على السلطة، وما تريده هو انتخابات حرة ونزيهة تمكنها من أخذ السلطة بشفافية.

والسؤال هو ما إذا كان برنامج الجماعة الاسلامي يصلح لمصر تزداد تسامحاً وإنفتاحاً على الإتجاهات الليبرالية الغربية والخطباء الحداثيين في التلفزيون. وإذا كانت مواقف الجماعة معتدلة نسبياً في مصر، فإنها ترفض تولي امرأة أو مسيحي رئاسة البلاد. ومن المؤكد انها ستمنع الكحول والشواطئ التي تسمح للسائحات الأجنبيات بكشف صدورهن للشمس في منتجع شرم الشيخ.

ونقلت صحيفة لوس انجيلس تايمز عن المحلل عماد جاد ان جماعة الإخوان المسلمين كانت دائما مبعث قلق للمصريين العلمانيين، بل وحتى للمتدنيين منهم، خشية ان تنال أيديولوجيتها الإسلامية من سمعة البلد وتضر بالسياحة.

يذكر أنه يقدر أن جماعة الأخوان المسلمين تضم نحو 600 ألف عضو، عدد كبير منهم متعلمون ينتمون الى الطبقة الوسطى، ويقال انها نبذت العنف منذ عقود. وسدّت برامجها الاجتماعية والصحية ثغرات في خدمات الدولة المتردية. وخلال السنوات الثلاثين من حكم مبارك تعرض آلاف من الجماعة الى الاعتقال وأضعفتها الإنقسامات الداخلية بشأن دورها بين الدين والسياسة.

وحين اندلعت الانتفاضة التونسية وامتدت شرارتها الى مصر امتنعت الجماعة عن تأييد الإحتجاجات الجماهيرية رسميا خشية إستهداف قادتها بحملة جديدة من البطش ودعت أعضاءها الشباب الى النزول الى الشوارع مع جماعات علمانية مثل حركة 6 نيسان- أبريل. وطلبت منهم تسجيل خواطرهم في يوميات عن الثورة المتصاعدة. لكن الجماعة إذ توصلت حساباتها الى ان موقف مبارك بات ضعيفا دفعت ألوفا من أعضائها الشباب والكبار الى التظاهر في القاهرة والسويس ومدن أخرى.

كما أن ما فاجأ جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من قوى المعارضة التقليدية هو إنطلاق حركة إحتجاج بلا شعارات أو بيانات أو خطط عمل بل انبثقت من صفوف الشعب والطلاب والطبقات الوسطى أولا ثم اتسعت مخترقة الإنقسامات الإقتصادية والإجتماعية. وفرضت الحركة على جماعة الإخوان المسلمين ان تعيد النظر في رسالتها الإسلامية. ولكن مثل هذه المراجعة قد لا تكون سهلة.

قال عصام شوشة عضو الجماعة ان المرأة أو المسيحي القبطي لا يجوز ان يكون رئيس بلد مسلم، مضيفا ان هذه مسألة دينية وليست سياسية quot;ولكن سيكون دور الزعيم المسلم ان يحمي حقوق الأقباط والمرأةquot;.وأشار شوشة (31 عاما) الى انه كان في الثانية عشرة عندما أقام صداقات مع أعضاء كبار من الجماعة في مسجد الحي. وكانت رسالتهم نشر الإسلام في كل نواحي الحياة، بما في ذلك العمل والأسرة والسياسة.