أكد تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري في موقعة العباسية أن الإعتداءات على المتظاهرين في 23 يوليو تمّت بطريقة منظمة في وجود قوات من الجيش والشرطة، متهماً تلك القوات بالتخاذل في حماية المتظاهرين السلميين، بحجة quot;الحيادquot;.


من أحداث العباسية في القاهرة في 23 يوليو

القاهرة: دعا المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري إلى فتح تحقيق قضائي في الإعتداءات التي تعرضت لها المسيرة السلمية لشباب 6إبريل في حي العباسية خلال توجهها إلى مقر وزارة الدفاع لإبلاغ مطالبها إلى المسؤولين، وأكد المجلس أنه تم إلقاء القبض على عدد من المتظاهرين.

وذكر المجلس في تقريره أنه شكل لجنة برئاسة محسن عوض عضو المجلس ورئيس مكتب الشكاوى وعدد من الباحثين القانونين، وأنها قامت بمعاينة موقع الأحداثفي ميداني العباسية والتحرير، واستمعت إلى شهود العيان ،كما تابع البيانات الرسمية الصادرة عن المجلس العسكري وجماعة 6 أبريل، وتصريحات المسؤولين، والتحليلات الإعلامية.

وفقاً لتقرير المجلس فإن المسيرة قام بها شباب حركة 6 أبريل وبعض مؤازريهم من ميدان التحرير باتجاه مقر وزارة الدفاع عصر يوم 23 يوليو 2011 بهدف إبلاغ مطالبها للمجلس العسكري، وقد اتسمت المسيرة بالطابع السلمي ولم تشهد أي إختلالات أمنية.

توجهت المسيرة إلى ميدان العباسية حيث أغلقت قوات الجيش والأمن المركزي منافذ المرور إلى مقر وزارة الدفاع.

وأضاف أن لجنة تقصي الحقائق تلقت شهادات مؤيدة بالصور ومقاطع الفيديو على وجود حالة تربص للمتظاهرين من جانب تجمعات مدنية في ميدان العباسية من قبل وصول المتظاهرين.

وحسب التقرير فإن شهود العيان ذكروا للجنة أن بداية الإعتداء صدرت من عناصر إعتلت أسطح عمارتين سكنيتين تطلان على ميدان العباسية، واستخدمت الحجارة وقطعا خشبية، ومخلفات مبان، وواكبها اندفاع عناصر مدنية لمهاجمة المحتجين، لافتاً إلى أن المشاركين في المسيرة فوجئوا بهجمات منسقة من جانب عناصر وصفت تارة بأنها quot;لجان شعبيةquot; وأخرى بأنهم quot;أهالي حي العباسيةquot;، شملت إلقاء الحجارة، واستخدام السيوف وغيرها من الأسلحة البيضاء، وزجاجات المولوتوف، وسلاحا ناريا يستخدم في طلقات الإشارة ما أسفر عن إصابة مئات من المتظاهرين وأهالي الحي وأفراد من الشرطة، وتم إسعاف معظمهم في سيارات الإسعاف التي دفعت بها وزارة الصحة لموقع الأحداث ومستشفيات الدمرداش وعين التخصصي القربية، وانصرفوا عدا 18حالة حرجة إحتجزت في المستشفيات.

ونبه التقرير إلى أن المتظاهرين القادمين من ميدان التحرير ردوا على تلك الهجمات باستخدام الحجارة التي ألقيت عليهم، وقد طال بعض منها رجال الأمن المركزي، وسيارات الجيش فاستخدمت القوات المرابطة طلقات تحذيرية وعددا من القنابل المسيلة للدموع.

كما ذكر الشهود ـ وفقا للتقريرـ أن المعتدين استخدموا الألفاظ النابية والتهديدات الصريحة للمتظاهرين لإثنائهم عن التفكير في أي عودة إلى ميدان العباسية، واندسّ بعضهم وسط المتظاهرين، وهاجموهم بالصاعقات الكهربائية لتفريقهم.

وحوصر المتظاهرون بين قوات الجيش والأمن من ناحية والمعتدين من ناحية أخرى، ووجه إمام مسجد النور نداءات إلى القوات الأمنية بفتح ممر آمن لانسحاب المتظاهرين، وقد أمنت القوات هذا الممر، وانسحب المتظاهرون عائدين إلى ميدان التحرير وحملوا كثيراً من جرحاهم حتى لايتعرضوا للإعتقال.

وانتقد التقرير تعرض المتظاهرين سلمياً للاعتداءات في ظل وجود الشرطة والجيش في المكان، وقال quot;وقعت الإعتداءات على مرأى ومسمع من قوات الجيش والشرطة، ولم يتحرك أي منهم للتدخل لمنع تلك الاعتداءات بدعوى quot;الحيادquot;.

كما انتقد المجلس اتهام المجلس العسكري لحركة 6 أبريل بمحاولة الوقيعة بين القوات المسلحة والشعب، وقال في تقريره إنه تابع: quot;بقلق شديد ما وجهه المجلس العسكري في بيانه رقم (69) من إتهامات مرسلة لبعض الحركات السياسية quot;ذات الأجندات الخاصةquot; واتهامه الصريح لحركة شباب 6 إبريل بالتحريض على زرع الوقيعة بين الشعب والجيش، والسعى لتقويض استقرار البلاد، وهذا ما يضع المجلس لأول مرة منذ توليه المسؤولية في مواجهة فصيل من فصائل الثورة، مشيراً إلى أن ما quot;ضاعف من قلق المجلس تصريحات بعض أعضاء المجلس العسكري، ومحللين عسكريين قدموا على شاشات التلفزة الرسمية اتهامات مفصلة لشباب 6 ابريل تنطوي على خدمة مخططات خارجية، ونزوع بعض التيارات الاسلامية لوضع هذه التطورات في سياق مؤامرة مدبرة لضرب الاستقرار في مصر من quot;قلة مأجورة ومدربة على إحداث التوتر واسقاط الأنظمةquot; على غرار ما عبرت عنه الهيئة الشرعية للحقوق والاصلاح. معلناً رفضه لما اعتبره quot;التحريض والتخوين بحق فصائل وحركات وطنية مصرية دون أدلة واضحة تعلن على الرأي العام المصري بشفافية كاملةquot;.

وحذر المجلس في تقريره مما وصفه بquot;تنامي بذور الانقسام في المجتمع ونفاد الصبر لدى كل الاطرافquot;، مناشداً كافة الاطراف بضبط النفس وإفساح المجال لمد جسور التواصل والثقة اللذين ميّزا العلاقات بين كافة الأطراف معظم الفترة السابقة وساعد على تخطي مآزق سابقة، وخاصة أن المطالب المطروحة مشروعة ومعظمها موضع توافق مثل المحاكمات العاجلة والعادلة للمتورطين في جرائم قتل شهداء الثورة.

ودعا المجلس السلطات المختصة لفتح تحقيق قضائي فوري وعلني لمعرفة المسؤول عن أحداث العنف في العباسية وما سبقها من أحداث مشابهة في القاهرة والأسكندرية و السويس وتحديد هوية المتورطين بهاومساءلتهم قانونياً.واصفاً أحداث العباسية، بأنها quot;اعتداءات منظمة على أمن وسلامة متظاهرين مسالمينquot;، منتقداً quot;ما تلاها من اعتقال لبعض المتظاهرين من قبل الأجهزة العسكرية والأمنيةquot;، وتابع: بغض النظر عن التقييم السياسي لمسيرة السبت وأهدافها، فإنه من الضروري التزام السلطات المصرية بضمان حق المواطنين في التظاهر والاحتجاج والاعتصام والتعبير الجماعي عن الرأي طالما اتصف كل هذا بالطابع السلمي.

من جانبه، قال الناشط السياسي وعضو المجلس جورج إسحاق إن تلك الإعتداءات تشكل جريمة لابد من التحقيق في ملابساتها، وأضاف لـquot;إيلافquot; أن الإدعاءات بأن أهالي العباسية هم من اعتدوا على متظاهري ميدان التحرير لا أساس لها من الصحة، بدليل أن أهالي المنطقة نظموا مسيرة اعتذار للمتظاهرين. ونوه بأن ما حدث يعتبر ردة لعصر مبارك، حيث قمع المتظاهرون باستخدام البلطجية، معتبراً أن موقعة العباسية تتشابه إلى حد كبير مع quot;موقعة الجملquot; الشهيرة أثناء الثورة.

فيما اعتبر وليد عيد عضو حركة 25 يناير أن التقرير يعتبر إنصافا للمتظاهرين السلميين الذين تعرضوا لحملة تشويه متعمدة طوال الأيام الماضية، وقال لـquot;إيلافquot; إن ما حدث كان منظماً، ولم يكن وليد الصدفة، حيث كانت الزجاجات الحارقة والحجارة والسيوف والأسلحة البيضاء معدة مسبقاً، مشيراً إلى أن الأمر كان أشبه ما يكون بفخ نصب للمتظاهرين السلميين، كانت أشبه ما يكون بمعركة.

ودعا عيد إلى ضرورة فتح تحقيق قضائي في تلك الإعتداءات وألا تمر من دون حساب، حتى لا تتكرر مرة أخرى. وتشيع الفوضى والعنف في مصر ويتم تلويث الثورة المصرية البيضاء النقية، على حدّ تعبيره.