خلال جنازة اللواء عبد الفتاح يونس في بنغازي

يقف الثوار الليبيون أمام اختبار حاسم بعد اغتيال قائد المعارضة عبد الفتاح يونس، بات هذا الاختبار يوازي بأهميته محاربة العقيد معمر القذافي. وتستمر الجهود لحلّ لغز مقتله، الذي أدى إلى اهتزاز الثقة المحلية والدولية بالمجلس الوطني الانتقالي، وانقسام المعارضة.


القاهرة: منذ مقتل اللواء عبد الفتاح يونس، القائد العسكري للمعارضة الليبية، قبل 10 أيام، والمساعي التي تُبذَل لحل لغز اغتياله تشكل الاختبار الأكثر حسماً بالنسبة إلى حكومة الثوار الوليدة، وهو الاختبار الذي قد يكون في أهمية محاربة الزعيم الليبي معمر القذافي نفسها.

في هذا السياق، أوردت صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن فوزي الونيس، مهندس بترول سابق ويعمل حالياً كقائد لإحدى الكتائب الأمنية المنوطة بحراسة شوارع بنغازي، قوله quot;هذه لحظة حاسمة بالنسبة إلى الثورةquot;.

وأوضحت الصحيفة من جهتها أن اغتيال واحد من أبرز رموز الانتفاضة الليبية أدى إلى اهتزاز الثقة المحلية والدولية في المجلس الوطني الانتقالي، تلك الهيئة المنقسمة التي تتكون من محامين ورجال أعمال ومغتربين غير منتخبين، سبق وأن اعترفت بها إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في الشهر الماضي، باعتبارها الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا.

وفي وقت تنتشر فيه الأحاديث الخاصة بنظريات المؤامرة في المقاهي والمحال التجارية، جاءت واقعة اغتيال يونس التي لم تُحلّ لتعزز صورة بنغازي باعتبارها عاصمة فوضوية ينعدم فيها القانون بالنسبة إلى الثوار، حيث يتم الآن جلب العشرات من الأفراد المسلحين بموجب السيطرة المركزية.

كما نوهت الصحيفة بوجود تداعيات لهذا الغموض الذي اكتنف واقعة اغتيال يونس، وقالت إن مجموعة من المحامين التي لعبت دوراً بارزاً في تلك الانتفاضة بدأت تطالب أخيراً باستقالة كبار المسؤولين الموجودين في صفوف الثوار، لدورهم المزعوم في إصدار أوامر باعتقال يونس.

ومنذ أن تم العثور على جثة يونس المحترقة والممزقة بالطلقات النارية في حفرة بالقرب من منزله، لم يقدم قادة الحكومة الانتقالية سوى قدر ضئيل للغاية من المعلومات ndash; التي كانت متناقضة ومتضاربة فيمعظمها ndash; بشأن الساعات الأخيرة في حياة يونس.

وقال هنا جمال بنور، وهو قاض في بنغازي يشارك في التحقيق بواقعة الوفاة: quot;تلك القضية غاية في الحساسية والأهمية بالنسبة إلى ثورتنا. ونحن نعلم أنها قضية مستعجلةquot;.

وتابعت واشنطن بوست بقولها إن كشف غموض تلك الجريمة ndash; التي يشبهها الليبيون بواقعة اغتيال جون كينيدي - يُنظَر إليه على أنه اختبار بارز لاعتقاد الثوار المعلن في العدالة والشفافية وسيادة القانون.

كما لفتت الصحيفة إلى أن الحديث عن أخبار مقتل يونس قد طغت في بنغازي على الأخبار المتعلقة بوقف تقدم الثوار في مدينة البريقة النفطية وكذلك استمرار الشكاوى بشأن الرواتب المتأخرة.

ثم أشارت الصحيفة إلى المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس الفخري للمجلس الوطني الانتقالي، مصطفى عبد الجليل، يوم السبت الماضي، والذي أكد من خلاله أن محققين مدنيين بدأوا تحقيقاتهم في الواقعة، وأنه سيتم الإعلان عن نتائج عما قريب.

ونقلت عنه قوله: quot;لا يمكن أن تقوم عناصر ثورية بمثل هذا الفعل، خصوصاً في مثل هذا التوقيت الحرج. وحين قلت إن اللواء يونس وقع ضحية مؤامرة، كنت أعني أن الأشخاص الذين ارتكبوا مثل هذه الجريمة تربطهم ثمة علاقة بالقذافيquot;.

وبدا من الواضح، في غضون ذلك، أن الصبر بدأ ينفذ لدى أقرباء وأنصار يونس، وقال عبد الفتاح علي، أحد جنود القوات الخاصة الذي عمل لفترة طويلة وعن قرب مع يونس quot;نريد أن نبعث برسالة إلى لمجلس الحكومي الانتقالي، وهي أنهم بحاجة إلى منحنا إجابات. فهو لم يُقتَل على الخط الأمامي، لأن هذا أمر مختلف، بل إن وفاته حدثت نتيجة خيانةquot;.

وواصلت الصحيفة الأميركية حديثها بالقول إن الوفاة ربما وقعت أيضاً بدافع الانتقام، أو ربما كانت نتاج عملية اغتيال، أو إعدام.

ومع مرور الأيام، يظهر مشتبه فيهم جدد، وتطفو على السطح نظريات تتحدث عن أن يونس قد قُتِل على يد عناصر موالية للقذافي، أو على يد منافسين في حركة الثوار، أو على يد متطرفين إسلاميين، أو على يد عناصر من quot;الطابور الخامسquot; الذين يتقلون الأوامر التي يتحركون من خلالها من طرابلس عبر رسائل مشفرة يتم بثها على شاشات التلفزيون الحكومي.