القاهرة: لن يرى المصريون بعد اليوم رئيسهم السابق في قفص الاتهام بعدما أمر القاضي أحمد رفعت بوقف البث المباشر للجلسات، وهو قرار تباينت الآراء حوله في بلد كان أهله جميعًا يتحلقون حول الشاشة الصغيرة لمتابعة هذه المحاكمة التاريخية.

وكانت رؤية مبارك في قفص الاتهام ومتابعة اقوال الشهود ومرافعات الدفاع عبر البث المباشر احد المطالب الرئيسة للذين اسقطوا في 11 شباط/فبراير الرئيس السابق المتهم بالقتل وبالفساد المالي.

لكن ازاء الفوضى التي اثارها قرابة 10 محامين يمثلون اسر الضحايا الذين كانوا يتدافعون بصخب في القاعة للفت انظار الكاميرات، قرر القاضي وقف البث المباشر للمحاكمة quot;حفاظًا على المصلحة العامةquot;.

وقال مساعد وزير العدل لشؤون المحاكم محمد منيع للتلفزيون المصري الثلاثاء ان quot;وجود الكاميرات التلفزيونية بقاعة المحكمة يمكن أن يؤثر في اجواء او اجراءات المحاكمةquot;، ولكنه شدد على ان اي قرار يتعلق بالمحاكمة هو من اختصاص رئيس المحكمة وحده، اي القاضي احمد رفعت.

واضاف انه من الضروري كذلك حماية الاشخاص الذين سيأتون للإدلاء بشهادتهم امام المحكمة، مشيرًا الى quot;حساسيةquot; الموقف. وقال المحامي جمال عيد الذي يدافع عن 16 من اسر الضحايا quot;هذا قرار صحيح اتخذه القاضي حرصًا على توفير الهدوءquot;. وأوضح عيد لفرانس برس انه كان يفضل مع ذلك ان يقتصر منع البث المباشر على جلسات الاستماع الى الشهود، حتى لا يكون هناك تأثير على هؤلاء الشهود. لكن عديدين لا يؤيديون قرار وقف البث التلفزيوني المباشر.

واكد طارق الخولي المتحدث باسم حركة 6 ابريل، احدى الحركات الشبابية التي اطلقت الدعوة إلى الانتفاضة في كانون الثاني/يناير الماضي، quot;هذا القرار مرفوض تمامًا لان علانية المحاكمة كانت احد مطالبنا الرئيسةquot;. وقال لفرانس برس quot;قرار وقف البث اتخذ فيما كانت المحاكمة تدخل في صلب الموضوع والجلستان الاوليان لم تكونا مهمتينquot;. وطالب الخولي القاضي بمراجعة قراره.

اما نائب رئيس محكمة النقض السابق احد قياديي حركة استقلال القضاء محمود الخضيري فلا يؤيد كذلك قرار وقف البث. وقال الخضيري لفرانس برس quot;لا اوافق على هذه القرار، فهذه قضية غير عادية، ولا بد ان تكون هناك شفافيةquot;. واضاف quot;عدم الشفافية سيفتح الباب للشائعات، فالتغطية الصحافية لا تكفيquot;. واعتبر ان quot;البثّ المباشر يضمن العدلquot;.

اضافة الى الخوف من انعدام الشفافية، يشعر بعض المراقبين بالقلق بسبب السرعة التي جرت بها التحقيقات وتعقيدات القضية. ويعتقد خبراء قانونيون ان تحقيقا معمقا حول الجرائم التي يفترض ان مبارك ارتكبها يتطلب أشهرًا عدة، وان السلطات القضائية سرعت بتحديد موعد للمحاكمة في الثالث من اب/اغسطس لتهدئة المتظاهرين.

وقال الخضيري ان quot;النيابة لم تاخذ فرصتها (في اعداد القضية) لسببين، الاول هو عدم تعاون اجهزة الشرطة لان هذه القضية تعتبر ضدها، وثانيها لانها اضطرت تحت الضغط (الشعبي) إلى أن تتخلص من هذا العبءquot;. وتوقع الخضيري ان تكون المحاكمة quot;صعبة جداquot; وان quot;تأخذ وقتاquot;.

واعتبر جمال عيد ان quot;المحاكمة تسير بطريقة عادلة، لكن التحقيقات لم تكن دقيقةquot;. ورأى انه ينبغي قبل اي شيء فصل قضيتي قتل المتظاهرين والفساد المالي.

لكن كل الخبراء يجمعون على انهم يثقون في رئيس المحكمة احمد رفعت، وهو قاض معروف بنزاهته واستقامته، ويقع عليه عبء ضخم هو المحاكمة التاريخية لمبارك ونجليه.