يعقد القضاء المصري الجلسة الثانية من محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك الذي أفيد بأنه في صحة جيدة. ومن المتوقع حدوث مصادمات بين مؤيدي مبارك ومعارضيه من أسر القتلى والمصابين وشباب الثورة على غرار ما وقع في الجلسة الأولى.


القاهرة: يعقد القضاء المصري ثاني جلسات محاكمةالرئيس السابق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال غدا الإثنين 15 آب (أغسطس)، وسط حالة من السخط المتصاعد من جانب مؤيديه، الغاضبين من محاكمته، وترحيب من جانب غالبية المصريين، الذين كانوا يرون أن عهده يتسم بالفساد ومحاباة رجال الأعمال على حساب الفقراء.

مبارك في صحة جيدة

ومن المقرر أن يمثل مبارك أمام هيئة المحكمة برئاسة القاضي أحمد رفعت، في جلسة علنية، تنقلها وسائل الإعلام على الهواء مباشرة إلى شتى أنحاء العالم عبر شاشة التلفيزيون المصري الرسمي. وقالت مصادر لـquot;إيلافquot; إن الحالة الصحية للرئيس السابق حسني مبارك جيدة، وليست هناك أية تطورات خطيرة، مشيرةً إلى أنه يتم توقيع الكشف الطبي عليه بشكل يومي، وقياس ضغط الدم وضربات القلب، وغيرها من الفحوصات الضرورية.

وأضافت المصادر أن الفريق الطبي المعالج لمبارك سوف يوقع الكشف الطبي عليه قبل الإنتقال إلى مقر المحاكمة بأكاديمية الشرطة بضاحية القاهرة الجديدة شمال شرقي العاصمة المصرية القاهرة. ونفت المصادر مجدداً أن يكون مبارك يعاني من السرطان، حيث وقّع الدكتور ياسر عبد القادر أستاذ الأورام بجامعة القاهرة المنتدب من قبل المحكمة لمناظرة حالة مبارك، الكشف عليه مساء يوم الجمعة الماضي، وإطلع على التقارير الطبية الخاصة برحلته العلاجية في ألمانيا أوائل العام الماضي 2010، وتثبت أنه لا يعاني من ذلك المرض. وونوهت المصادر بأن عبد القادر رفع تقريراً بحالة مبارك إلى المستشار أحمد رفعت رئيس المحكمة أمس الأول السبت، وبناء على هذا التقرير من المتوقع حضور مبارك ثاني جلسات محكمته.

عدم كفاية الأدلة

لكن ماذا في حال حدوث طارىء وعدم قدرته على المثول أمام هيئة المحكمة؟ ويجيب المحامي الدكتور سمير صبري قائلاً إن حضور مبارك للمحكمة وجوبياً، وفي حال تعرضه لمرض مفاجىء يتم تأجيل الجلسة لحين تماثله للشفاء، حسب قانون الإجراءات الجنائية.

وأضاف لـquot;إيلافquot; إن المشكلة الأساسية في تلك المحاكمة أن الأدلة ليست كافية لإدانة مبارك أو أي من رموز نظام حكمه، ولفت إلى أن النيابة العامة أنجزت القضية على عجل تحت ضغط الشارع، وكذلك أنجزت إدارة مباحث الأموال العامة تحرياتها حول إتهامات الفساد على عجل، وبالتالي فاحتمالات البراءة قائمة بقوة، وأعرب صبري عن إعتقاده بأن القضية كانت في حاجة إلى منح النيابة المزيد من الوقت حتى يحكم قضيته. وشدد على ضرورة توحيد جهود محاميي أسر القتلى والمصابين، وتقديم أدلة جديدة و دامغة لإثبات جرائم مبارك ونجليه ورموز نظام حكمه السابق. وتوقع صبري تأجيل القضية إلى الأول من سبتمبر المقبل.

حضور طنطاوي في صالح القضية

وحول إمكانية حضور المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري للإدلاء بشهادته في القضية، أوضح صبري أنه لابد أن يحضر المشير طنطاوي واللواء عمر سليمان رئيس المخابرات السابق، مؤكداً أن حضورهما للمحكمة والإدلاء بشهادتهما، سيكون في صالح القضية وصالح القتلى والمصابين. ولم يستبعد صبري حضور المشير للمحكمة، ولكن بعد اتباع الإجراءات القانونية في هذا الشأن.

وطلب فريق الدفاع عن مبارك ونجليه حضور المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري واللواء عمر سليمان نائب الرئيس السابق، لكن المحكمة لم تبت في هذا الطلب حتى الآن، حسب قول مصدر قضائي لـquot;إيلافquot;. وأضاف أنه في حال موافقة المحكمة على طلب دفاع مبارك، سيكون على وزارة العدل مخاطبة المدعي العام العسكري أولاً، وله أن يقبل أو يرفض. وتوقع المصدر أن يقبل المشير الحضور للإدلاء بشهادته حرصاً منه على ارساء دولة القانون، ولنفي ما يشاع حول أنه كان عضواً في اللجنة التي قررت قطع الإتصالات والإنترنت أثناء الثورة. مشيراً أن طنطاوي لن يحضر في الغد.

تأجيل لأول سبتمبر

التأجيل لأول سبتمبر توقعه الناشط الحقوقي أحمد راغب ومحامي أسر القتلى، وقال لـquot;إيلافquot; الجلسة الثانية لن تشهد مفاجآت، ولكن ستكون جلسة لإستكمال الإجراءات، مشيراً إلى أن الأداء القانوني لمحاميي أسر القتلى تحسن بشكل ملحوظ، مقارنة بالجلسة السابقة. ولفت إلى أن المحامين في حاجة إلى تنظيم أنفسهم بما يتيح لهم عرض طلباتهم. وأشار راغب أيضاً إلى عدم كفاية الأدلة لإدانة مبارك وإبنيه والعادلي ورجاله، لاسيما بعد فض الأحراز والإطلاع عليها، معلناً أن القضية لم تكن قد ضجت بعد.

غضب النيابة

لكن القول بتقديم القضية للقضاء قبل أن تكتمل ويتم إثبات الأدلة وتحقيقها، يغضب النيابة العامة كما حدث في الجلسة الثالثة لمحاكمة وزير الداخلية السابق حبيب العادلي يوم 14 آب (أغسطس)، حيث قال أحد محاميي أسر القتلى للقاضي إن المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية تبيح للمحكمة إنتداب أحد أعضائها للتحقيق في القضية من جديد، معتبراً أن التحقيق شابه القصور. وألمح إلى وجود شبه تواطؤ من جانب النيابة العامة، بعد أن قال quot;كما أن النائب العام معين من قبل الرئيس السابقquot;. الأمر الذي أغضب ممثل النيابة الحاضر بالجلسة وقال رداً على المحامي quot; لابد أن يلتزم المحامي بحدود اللياقة وعدم التطاول دون وجه حق والنيابة تنئ بنفسها عن الدخول في مثل هذا الجدلquot;. وتسبب هذا الموقف في تعليق الجلسة للمرة الثالثة.

quot;القضية في أيدي القضاء الآن ولن تعود للنيابة مرة أخرى، قضي الأمر وعلى محاميي أسر القتلى البحث عن أدلة جديدة يقدمونها للمحكمة إذا كانوا يرون أن الأدلة الحالية غير كافيةquot;، هكذا تحدث المستشار محمد عبدالله رئيس محكمة سابق لـquot;إيلافquot; مشيراً إلى أن القاضي سوف يصدر حكمه بناء على الأدلة الموجودة بالقضية ومرافعة المحامين والمذكرات التي سوف يتقدمون بها المتضمنة أدلة وقرائن جديدة.

وأضاف أن هناك مبدأ قانوني يقول إن أي شك يفسر لصالح المتهم، فمن الأفضل للقاضي أن يحكم بالبراءة بدلاً من أن يدين إنسان بريء. ولفت عبد الله إلى أنه من المبكر الحديث عن عدم كفاية الأدلة، معتبراً أن الحديث عن ذلك يأتي في سياق عملية إرهاب فكري للمحكمة، والتأثير على قرارها. ودعا عبد الله المحامين المدعين بالحق المدني إلى دراسة القضية بشكل جيد والبحث عن سبل قانونية وأدلة جديدة، والعمل لصالح الشهداء ولصالح مصر والبعد عن الشو الإعلامي.

تأمين قاعة المحاكمة

وتسلمت قوات الشرطة العسكرية والشرطة المدنية قاعة المحاكمة بأكاديمية الشرطة بعد الإفطار مساء الأحد 14 آب (أغسطس)، وأجرت لها مسحاً شاملاً بأجهزة الكشف عن المفرقعات، وتم تأمينها بشكل كامل، ومن المقرر أن يحضر مبارك للأكاديمية في الثامنة والنصف صباحاً، حسبما قال مصدر مطلع لـquot;إيلافquot;. وأضاف أن مبارك طلب أن يلتقي بنجليه علاء وجمال ومحاميه فريد الديب قبل دخول قفص الإتهام، مشيراً إلى هيئة المحكمة واقفت على طلب مبارك.

المؤيدون والمعارضون وجها لوجه

على الجانب الآخر، نظم المئات من مؤيدي مبارك تظاهرة أمام قاعة المحاكمة أثناء الجلسة الثالثة لمحاكمة وزير الداخلية السابق حبيب العادلي، ويعتزمون تنظيم تظاهرة كبيرة غداً أثناء محاكمته، حيث إستأجر بعضهم حافلات ضخمة لحشد مؤيديه والإنتقال لمقر المحاكمة بضاحية القاهرة الجديد التي تبعد عشرات كيلو مترات شمال شرق القاهرة.

ومن المتوقع حدوث مصادمات بين مؤيدي مبارك ومعارضيه من أسر القتلى والمصابين وشباب الثورة، كما حدث في الجلسة الأولى 3 آب (أغسطس) الجاري، رغم أن الشرطة أخذت إحتياطاتها لهذا السيناريو ونظفت المنطقة المحيطة بأكاديمية الشرطة من الطوب والحجارة ونشرت الآلاف من الجنود داخل وخارج قاعة المحاكمة ومبنى الأكاديمية.

وفي السياق ذاته، وافقت المحكمة على دخول جميع المحامين المدعين بالحق المدني بموجب توكيل من أسر الشهداء أو المصابين أو بموجب كارنيه نقابة المحامين، ومن المتوقع أن تشهد الجلسة الثانية زحاماً شديداً، وفوضى من قبل محاميي أسر الشهداء، نظراً لكثرة عددهم، ورغبة كل فرد منهم في الحديث أمام الكاميرات.