عراقيون يتوجهون لإحياء مناسبة دينية

أثارت كثرة العطل الدينية في العراق جدلاً حول وجوب تقليلها لتقويض ما تلحقه من ضرر بالاقتصاد والأداء الرسمي، فيما أعلنت الصحف عن توقفها عن الصدور يوم الإثنين، واحتشد 31 ألف عسكري لتنفيذ خطة أمنية لحماية العراقيين المتوجّهين إلى النجف لإحياء ذكرى مقتل الإمام علي بن أبي طالب.


لندن: فيما حشدت السلطات العراقية اكثر من 30 الف عسكري لحماية ملايين الزائرين مدينة النجف العراقية لإحياء مناسبة مقتل الإمام علي بن ابي طالب فقد اعلنت مجالس محافظات الجنوب عطلة رسمية، فيما ستتوقف الصحف عن الصدور. واثارت كثرة عدد العطل الدينية لكل طوائف البلاد التي تصل الى ثلث ايام العام جدلاً حول ضرورة تقنينها والتقليل منها لما تلحقه من أضرار بالاقتصاد والاداء الاداري والرسمي في البلاد.

ويحيي العراقيون يوم غد الاثنين ذكرى مقتل الخليفة الرابع الإمام علي بن ابي طالب، حيث يواصل مئات الآلاف منهم التوجه الى مدينة النجف (160 كم جنوب بغداد) للمشاركة في هذه المناسبة الدينية. ومع تهديدات تنظيم القاعدة بتنفيذ مائة عملية مسلحة انتقامًا لقتل قائده اسامة بن لادن فقد اتخذت السلطات العراقية إجراءات مشددة لحماية هؤلاء الزائرين، وحشدت اكثر من 30 عسكري لذلك .

وقال قائد عمليات الفرات الاوسط الفريق عثمان الغانمي انه تم حشد 31 الف عسكري من الجيش والشرطة لتنفيذ خطة امنية محكمة، هدفها حماية امن وسلامة الزائرين الى النجف. واضاف خلال مؤتمرصحافي مشترك مع القيادات الامنية في النجف ان الخطة تستهدف ضمان إشراك لواء الحدود الخامس في النجف لمراقبة المناطق الصحراوية والمسطحات المائية في بحر النجف القريب وكذلك إشراك القوة الجوية العراقية لمراقبةكل اجواء المحافظة. واوضح ان الخطة ستكون مرنة بإضافة عجلات مجهزة بمعدات حديثة.

من جهته اشار رئيس اللجنة الامنية في مجلس المحافظة لؤي الياسري الى انكل الادارات الخدمية في المحافظة استنفرت كوادرها وبالتنسيق مع المحافظات المجاورة لتسهيل دخول وخروج الزائرين لمركز مدينة النجف من خلال توفير وسائط النقل التي سيتم بها اعادة الزائرين الى محافظاتهم موضحًا ان مئات العجلات والشاحنات تم تخصيصها لهذا الغرض.

ولتأمين الوضع في النجف، فقد تم تقسيمها الى قاطعين، وفرض ثلاثة اطواق امنية حولها يكون كل منها بأمرة ضابط كبير تتضمن نقاط تفتيش وقوات مسلحة حول مداخل ومخارج المدينة، حيث يتم تفتيش الزائرين والعجلات بأجهزة المسح الميداني واجهزة كشف المتفجرات اضافة الى استخدام الكلاب البوليسية وكاميرات المراقبة، فيما ستشارك نساء في تفتيش الزائرات ومراقبة حركتهن واحتياجاتهن وإشراك العنصر النسوي بشكل كبير ضمن الخطة الامنية.

وقد انتهت الاجهزة الامنية في المحافظة من مسح المناطق القريبة من الصحن العلوي لمرقد الإمام علي بشكلكامل، اضافة الى نصب السيطرات على الطرق والتقاطعات كافةالتي تربط محافظة النجف بالمحافظات المحيطة بها.

وقد جرت عملية قتل الإمام علي فجر اليوم التاسع عشر من شهر رمضان عام 40 للهجرة، حيث ضرب الخارجي ابو ملجم المرادي الإمام علي بسيفه المسموم وهو يصلّي الفجر في مسجد الكوفة وبقي يعاني إصابته لمدة ثلاثة ايام حتى انتقل الى الرفيق الاعلى ليلة الحادي والعشرين من الشهر وعمره 63 عامًا.

جدل حول العطل الدينية

وفي وقت اعلنت مجالس المحافظات الجنوبية العراقية السبع يوم غد عطلة رسمية، وقالت ادارات الصحف العراقية إنها لن تصدر يوم غد الاثنين لمناسبة مقتل الإمام علي فإن كثرة العطل الدينية في البلاد، والتي تشملكل الأديان والطوائف، تثير جدلاً حول الخسائر الاقتصادية والادارية التي تتكبدها الدولة نتيجة توقف العمل في ايام هذه العطل التي تزيد على المائة يوم.

فهناك الأعياد الإسلامية والمسيحية والايزيدية والشيعية التي تشمل مناسبات الولادة او الوفاة للأئمة الاثني عشر.

وكان الشيعة العراقيون في زمن النظام السابق محرومين من الاحتفال بأي من هذه الأعياد،وكانت تتم ملاحقة ومعاقبة من يحتفل بها، لكن هذا الوضع اختلفبعد سقوطه عام 2003، حيث اطلقت حرية ممارسة طقوس هذه المناسبات واحيائها بالزخم الجماهيري الذي تشهده وبحماية الدولة وتشكيلاتها العسكرية لمواجهة مسلحي تنظيم القاعدة بشكل خاص، والتي تعارض هذه الطقوس وتطلق على الشيعة الذين يمارسونها لقب quot;الروافضquot;، وتوجّه عملياتها الإرهابية ضدهم، والتي يتساقط نتيجتها المئات من الاشخاص المشاركين من في هذه المناسبات كل عام.

في المقابل عادة ما تستغل الاحزاب الشيعية في البلاد هذه المناسبات سياسيًا وحشد الجماهير المشاركة فيها الى جانبها من اجل تحقيق أجنداتها السياسية. كما يشارك قادة من هذه الاحزاب ملايين الزائرين المتوجهين الى المدن المقدسة في العراق مثل النجف وكربلاء وسامراء والكاظمية طقوسهم وشعائرهم.

وبمقارنة أيام العطل سابقًا عما هي عليه اليوم فإن المناسبات الدينية تضاعفت بشكل كبير لأسباب كثيرة، من اهمها ان الحكومة تجد نفسها مضطرة لإقرار مناسبات لكل الطوائف والفرق والأديان العراقية.

وقد اقرّت الحكومة العراقية في وقت سابق قانونًا يتضمن العطل والاعياد الرسمية العراقية والذي شمل تأسيس جمهورية العراق عام 1932، وهذا اليوم هو ذكرى قبول العراق في عصبة الامم التي سبقت الامم المتحدة .. وألغى القانونكل العطلات الأخرى في عهد صدام حسين باستثناء 14 تموز (يوليو) وهو يوم تأسيس النظام الجمهوري العراقي عام 1958 ويوم 15 شعبان وهو ذكرى الانتفاضة الشعبانية ضد النظام السابق، ويوم السادس من كانون الثاني (يناير) ذكرى تأسيس الجيش العراقي، اضافة الى يومي الجمعة والسبت عطلتي نهاية الاسبوع،وايام الاعياد الدينية.

وقد اعطى القانون الجديد صلاحيات تحديد الأعياد الدينية مع الإبقاء على العطل الرسمية للأقليات الدينية الاخرى غير المسلمة. ونص على ان تكون الايام التالية عطلاً رسمية وهي: الجمعة والسبت من كل اسبوع والاول من محرم رأس السنة الهجرية والعاشر من محرم يوم عاشوراء، والثاني عشر من ربيع الأول المولد النبوي، والخامس عشر من شعبان يوم الانتفاضة الشعبانية، والاول من شوال ولغاية الثالث منه عيد الفطر، والعاشر من ذي الحجة ولغاية الثالث عشر منه عيد الاضحى، والاول من كانون الثاني رأس السنة الميلادية،والسادس منه عيد الجيش.. ثم الحادي والعشرين من آذار (مارس) عيد نوروز الخاص بالأكراد، والاول من ايار (مايو) عيد العمال العالمي، والرابع عشر من تموز إعلان تاسيس جمهورية العراق، واخيرًا الثالث من تشرين الاول (اكتوبر) وهو يوم الاستقلال والعيد الوطني لجمهورية العراق.

اما المناسبات الدينية للمكونات غير المسلمة فهي على الشكل الآتي: المسيحية 25 كانون الاول (ديسمبر) عيد ميلاد السيد المسيح .. الطائفة الموسوية يوم الكفارة ويوما عيد الفصح ويوما عيد المظلة .. الصابئة: الخامس والسادس من نيسان(ابريل) عيد البنجة، والسابع والثامن من آب (اغسطس) العيد الكبير، والثالث والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) العيد الصغير .. والطائفة الايزيدية: يوم الجمعة الاول من شهر كانون الاول، ويوم الاربعاء الاول من شهر نيسان والثالث والعشرين من ايلول (سبتمبر) والثامن عشر من تموز.

وبحسب قانون العطل الرسمية، الذي اقرّته الحكومة العراقية، فان العراقيين يتمتعون باكثر من مائة يوم من العطل الرسمية سنوياً، حيث يكون اكثر من 30 % من هذه العطل لمناسبات دينية، واذا ما اضيفت بعض المناسبات إلى الشيعة، فإن العدد يرتفع الى حوالي 150 يومًا.

ويؤكد خبراء اقتصاديون عراقيون ان تعدد هذه المناسبات وكثرتها يلحق اضرارًا بالاقتصاد الوطني نتيجة تعطل الادارات والمؤسسات الرسمية وتوقف الحركة التجارية والصناعية، اضافة الى الاموال الضخمة التي تنفق فيها، حيث عادة ما تخصص الحكومة المركزية او مجالس المحافظات مبالغ تتراوح بين 3 و 5 ملايين دولار لتغطية كل واحدة من المناسبات المليونية لزائري المدن المقدسة لإحياء مناسبات ولادات ووفاة الأئمة الاثنا عشر للشيعة.