انطلقت عملية بحث محمومة للعثور على العقيد معمر القذافي وسط مخاوف من انه ربما أفلح في مغادرة ليبيا. وما زال القذافي طليقا ومكان وجوده مجهولا بعد انهيار حكمه الذي جثم على البلاد 42 عاما.

وكان القذافي وجه في ساعات حكمه الأخيرة كلمة ابلغ فيها اعوانه ومؤيديه انه ما زال في طرابلس داعيهم الى الخروج لمقاتلة قوات المعارضة قائلا quot;أنا معكم الى النهايةquot;.

وأثار توجيه الكلمة دون ان تقترن بصور كما في السابق تكهنات بأنه هرب من العاصمة ويحاول طلب اللجوء في بلد متعاطف معه.

ولم يظهر القذافي (69 عاما) امام مؤيديه منذ ايار/مايو وكانت آخر مرة طل عليهم من شاشة التلفزيون قبل اكثر من شهرين حين بُثت لقطات ظهر فيها وهو يلعب الشطرنج مع رئيس اتحاد الشطرنج الدولي كيرسان اليومجينوف.

وافادت مصادر مطلعة ان الاستخبارات التابعة لحلف شمالي الأطلسي تستخدم كل ما لديها من اجهزة رصد ومعدات استطلاع في محاولة للوصول الى مكان وجود القذافي. ويحلق الآن عدد كبير من طائرات السلاح الملكي البريطاني وطائرات الاستطلاع الأطلسية فوق ليبيا باحثة عن دكتاتور ليبيا وآخرين من اركان نظامه.

في غضون ذلك تتولى طائرة تجسس اميركية متطورة مراقبة كل الاتصالات التي تجري بالهواتف الخلوية أو الفضائية.

ولكن مصادر استخباراتية اعترافت بأن القذافي quot;كان ذكياquot; في تفادي استخدام الهاتف لأنه يعرف ان ذلك سيرشدهم الى مكانه.

يضاف الى ذلك ان طائرات استطلاع بريطانية تستخدم جهاز رادار متطورا لرصد قوافل الآليات والعربات المتوجهة نحو الصحراء.

وكان الوزراء البريطانيون ذوو العلاقة بهذه العمليات طلبوا خلال اجتماع مجلس الأمن القومي برئاسة ديفيد كاميرون ، استخدام كل قدرات الرصد والاستطلاع المتاحة لسلاح الجو الملكي البريطاني من اجل العثور على القذافي.

ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن مصدر رسمي قوله quot;اننا لا نعرف متى قد نعثر عليه ولكنه يستطيع ان يتأكد ان كل عيوننا تبحث عنهquot;.

وقال مسؤولون في وزارة الدفاع الاميركية انهم يعتقدون ان القذافي ما زال في ليبيا حاليا ولكن الاحساس السائد بين قادة المعارضة انه غادر طرابلس.

وتبدو خيارات القذافي محدودة إزاء مذكرة القاء القبض الصادرة بحقه عن المحكمة الجنائية الدولية وقلة المستعدين لإيوائه بين زعماء العالم. وينص نظام المحكمة الجنائية الدولية على الزام الدول الموقعة بتسليمه الى السلطات في لاهاي مقر المحكمة.

من جهة أخرى علمت صحيفة الديلي تلغراف ان جنوب افريقيا رغم النفي الرسمي وافقت على القيام بدور في التفاوض بشأن رحيل القذافي الى بلد آخر.

وتعتبر جنوب افريقيا من اوسع الدول نفوذا في الاتحاد الافريقي الذي قرر ان يكون رئيسها جاكوب زوما كبير مفاوضيه في الأزمة. وقام زوما بزيارة القذافي مرتين منذ بدء العمليات القتالية في شباط/فبراير.

وكانت طائرة جنوب افريقية تقف منذ ليل الأحد على اهبة الاستعداد في تونس فيما افادت مصادر ان الحكومة مستعدة لتسهيل مغادرته بأمان إذا قرر الرحيل.

ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن المصدر البريطاني ان القوى الغربية لن تقف مكتوفة الأيدي لأن quot;المسألة اكبر من القذافي الفرد. فهي مسألة تتعلق بوحدة الليبيين وتوفير فرصة مثلى لتحقيقهاquot;.

ومن المتوقع ان تجتمع دول اعضاء في الاتحاد الافريقي بينها جنوب افريقيا هذا الاسبوع وسط مشاعر بأن حلف شمالي الأطلسي تجاوز حدود القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي بفرض منطقة حظر جوي لحماية المدنيين ، كما قال المصدر نفسه.

ولكن وزيرة خارجية جنوب افريقيا مايتي نكواني ماشاباني رفضت أي إشارة الى ان جنوب افريقيا نفسها قد تكون منفى القذافي ، لا سيما وانها من الدول الموقعة على نظام المحكمة الجنائية الدولية.

من بين الدول غير الملزَمة بالنظام الأساسي للمحكمة كوبا وروسيا وزمبابوي لكن علاقة القذافي بها ليست واضحة.
كما طُرح اسم فنزويلا كوجهة محتملة لأن الرئيس هوغو تشافيز صديق قديم للقذافي ودان عمليات حلف الأطلسي بوصفها محاولة للسيطرة على نفط ليبيا.

ويرى مراقبون ان هناك آلاف الكيلومترات من الأنفاق التي تخترق الأراضي الليبية متيحة لأعوان القذافي ومؤيديه ان يتحركوا عبرها بسرعة دون ان تكشفهم أجهزة الرصد سواء في طرابلس أو خارجها.

وكانت هذه الانفاق أُنشئت في منتصف الثمانينات لبناء مشروع اروائي عملاق ولكن خبراء استخباراتيين يعتقدون انها استُخدمت لنقل جنود واسلحة من مكان الى آخر.

وإذا كان القذافي غادر طرابلس فان احد الاماكن المرشحة للاحتماء بها هي مدينة سرت مسقط رأسه والمدينة التي ما زال يتمتع بشعبية واسعة بين سكانها. وتعتبر سرت الواقعة بين بنغازي وطرابلس موقع المعركة الأخيرة التي ستخوضها قوات القذافي بعد سقوط طرابلس بيد المعارضة.

ويُخشى ان القذافي كدس في سرت التي انطلق منها صاروخ سكود آخر ، اسلحة قد يستخدمها ضد شعبه إذا حوصر في الزاوية الأخيرة.
ومن الاحتمالات الأخرى ان القذاقي ربما توجه الى موطن اجداده في سبهة جنوبي ليبيا. ويرى مراقبون انه من سبهة قد يحاول عبور الحدود الى تشاد.