القاهرة: رغم المسافة البعيدة التي تفصل طرابلس عن بكين أو سيول، إلا أن روابط التجارة العالمية بالمنطقة وتنامي الطبقة المتوسطة توحي بأن الأحداث التي تشهدها ليبيا ستحظي بتأثيرات قوية.

وأكدت في هذا السياق اليوم صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن ردة الفعل تجاه أسعار النفط العالمية ستحظي بالتأثير الأكبر على اقتصاديات القارة الآسيوية، لاسيما وأن المنطقة تشكل 80 % من الزيادة الحاصلة في استهلاك النفط العالمي خلال العقد المنقضي. وبالتأكيد، تشكل المصانع حصة كبيرة من تلك الزيادة. في وقت بدأ يتزايد فيه امتلاك الأفراد للسيارات، وارتفاع المبيعات السنوية للسيارات في آسيا من 7 إلى 20 مليون سيارة على مدار السنوات الخمس الماضية ( أو 3 إلى 5 مليون، باستثناء الصين )، في الوقت الذي بدأت تنفق فيه الطبقة المتوسطة بالمنطقة.

وهو ما جعل الصحيفة تقول إن الانخفاض الذي حدث اليوم في أسعار النفط، إن استمر، سيساعد على تخفيف بعض ضغوط التكاليف الملقاة على كاهل مصانع المنطقة، والحفاظ على نفس معدل بيع السيارات، وهو ما اعتبرته الصحيفة الأميركية شكلاً من أشكال الدعم المفيد في وقت تتزايد فيه مشاعر القلق بشأن الطلب العالمي.

وبخصوص التجارة غير النفطية، أوضحت الصحيفة أن ليبيا ربما تكون واحدة من أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، لكن اقتصادها ليس بذلك الاقتصاد الكبير ndash; فهو أصغر من الاقتصاد الفيتنامي أو تقريباً في نفس حجم مدينة شنتشن الواقعة جنوب الصين.

وبالتالي، ليس هناك ما يدعو للاستغراب إذا علمنا أن صادرات آسيا إلى ليبيا كانت تقدر بـ 3.4 مليا دولار فقط العام الماضي، أو حوالي 0.1 % من إجمالي صادرات المنطقة للعالم. ومن بين هذه القيمة السابق الإشارة إليها، تشكل الصين مبلغاً قدره 2.1 مليار دولار ( ثم تحل كوريا والهند في المرتبتين الثانية والثالثة ). ورأت الصحيفة أن المخاطر والفرص لطالما كانت أكبر على الدوام بالنسبة للصين، على وجه الخصوص، وذلك لأن ليبيا تحتل المركز الحادي عشر في قائمة الدول التي تورد النفط للصين.

ومع هذا، لفتت الصحيفة إلى الموقف الأكثر عدوانية الذي بدأ يتعامل من خلاله النظام الليبي مع الصين على مدار السنوات الأخيرة، في ظل اتهامه العلني لها بالاستعمارية، وسابق رفضه لذلك العرض الذي تقدمت به شركة الصين الوطنية للبترول عام 2009 لشراء أصول الطاقة الليبية الخاصة بشركة quot;فيرينيكسquot; النفطية الكندية.

ومن ثم، رأت الصحيفة أن تغيير النظام في ليبيا قد يقدم فرصاً جديدةً للصين. وإن أشارت إلى أن الخطر الأكبر الذي تواجهه الصين، وبقية الدول الآسيوية، هو ما قد يعنيه تغيير النظام في ليبيا بالنسبة للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط الكبيرة. كما اعتبرت أن سقوط القذافي، وكذلك المشاهد المتلفزة التي بُثت مؤخراً للرئيس المصري السابق حسني مبارك وهو خلف القضبان، ستمنح دفعة جديدة لثوار الشرق الأوسط.

وأكدت الصحيفة في ختام حديثها أنه في حال استمرار الضغوط المطالبة بتغيير الأنظمة ونشر الديمقراطية على نطاق أكبر في الشرق الأوسط، وتفاقم حالة عدم الاستقرار نتيجة لذلك، فقد يتعين على آسيا أن تبدأ في التكيف مع عالم ترتفع فيه أسعار النفط.