خيّم التوتر على أجواء اليمن عقب خروج الآلاف من المحتجين في مسيرات في صنعاء وتعز للمطالبة بخلع الرئيس علي عبد الله صالح، وسط انتشار مكثّف لقوات الجيش، جاء هذا بعدما دعت المعارضة السبت إلى تكثيف التظاهرات الاحتجاجية ضد النظام مع الجمود السياسي الناجم من غياب صالح.


تظاهرات حاشدة للمطالبة بخلع صالح

صنعاء: وضعت القوات الحكومية اليمنية في حالة تأهّب قصوى، وسط ازدياد التوتر يوم الأحد، وأنباء عن سماع دويّ انفجارات قوية في العاصمة صنعاء.

وقد أصيب خمسة متظاهرين، الأحد، عندما فتحت القوات الموالية للحكومة النار عليهم، وفقًا لروايات شهود عيان ومسعفين، في ما يسمّى بساحة التغيير في صنعاء.

ونشرت الدبابات والعربات المدرعة الحكومية على الطرق الرئيسة في المدينة، بينما تقطعت السبل بآلاف المركبات خارج العاصمة، حيث إن السلطات رفضت السماح لأي مركبة بالدخول.

وقال مسؤول إن ما لا يقلّ عن ألفي جندي و15 دبابة إضافية من الحرس الجمهوري، وقوات الأمن المركزي، كانوا جميعًا موجودين في العاصمة.

وأضاف المسؤول في وزارة الداخلية، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إن quot;لدينا تقارير تفيد بأن قوات المعارضة ستستخدم القوة، وتتسبب في أعمال عنف، والحكومة في حالة تأهّب كاملة، ولن تسمح بالفوضى في البلادquot;.

في الأثناء، واصل رجال القبائل الموالية للحكومة التجمّع في ضواحي صنعاء، بانتظار أن يتم استدعاؤهم لدخول المدينة، وفقًا لعدد كبير من شهود العيان، في حين قال آخرون لشبكة CNN إن هؤلاء على استعداد للهجوم على المعارضة، والدفاع عن الحكومة.

وقال سلمان مجلي، وهو مؤيد للحكومة، إن quot;المتظاهرين هم جميعًا من أحزاب المعارضة، وليسوا من الشباب الثوريين... سوف تدخل العاصمة، ونجبرهم على العودة إلى بيوتهمquot;.

غير أن محمد قحطان المتحدث باسم أحزاب اللقاء المشترك المعارضة، قال إن quot;أحزاب المعارضة تصرّ على التغيير السلمي، في حين أن الحكومة تدفع اليمنيين إلى تسليح أنفسهمquot;.

في الوقت نفسه، تجمع المتظاهرون الأحد في معظم محافظات اليمن، وفقًا لعدد من شهود العيان، قالوا إن أكبر الاحتجاجات تركزت في صنعاء وتعز وعدن والحديدة، مع مئات الآلاف من المتظاهرين في كلّ منها.

وخرج مئات الآلاف من المحتجين المطالبين بخلع الرئيس علي عبد الله صالح في مسيرات الأحد في العاصمة اليمنية صنعاء، ما أثار توترات، وانتشرت قوات الجيش للحيلولة دون الاحتجاجات الحاشدة.

وأغلقت قوات الأمن كل الطرق المؤدية إلى العاصمة بدءًا من بعد ظهر السبت، بينما شوهد مدنيون مسلحون من أنصار النظام في الشوارع، بحسب ما قال مراسل لفرانس برس.

لكن في مسعى إلى تجنب المواجهة مع أنصار صالح، سار المتظاهرون ضده في جزء من شمال صنعاء يتولى فيه الأمن لواء مدرعات يتزعمه مسؤول عسكري انضم إلى المعارضة.

وبدأت المسيرات من ساحة الجامعة، التي يطلق عليها المحتجون الآن ساحة التغيير، والتزمت بالشوارع القريبة، في إطار المنطقة التي يسيطر عليها اللواء المؤيد للمعارضة. وهتف المحتجون quot;الشعب يريد الزحف على القصر (الرئاسي)quot;.

لكن مجموعة محدودة من المحتجين انفصلت عن التظاهرة، وتقدمت نحو تقاطع يحاذي حي الوزارات، قبل أن تصطدم بمناصرين للنظام. وأصيب خمسة متظاهرين إطلاق نار، وفق المنظمين.

وكان التيار الكهربائي قد انقطع عن صنعاء منذ بعد ظهر السبت، وأغلقت معظم محطات الوقود فجأة، وشوهدت طوابير طويلة من السيارات، ما أصاب العاصمة بشبه شلل.

جاء الانتشار المكثف للقوات الموالية لصالح بعدما دعت المعارضة السبت إلى تكثيف التظاهرات الاحتجاجية ضد النظام مع الجمود السياسي الناجم من غياب صالح، الذي نقل إلى السعودية للعلاج، اثر اصابته بجروح في هجوم استهدف قصره في الثالث من حزيران/يونيو في صنعاء.

كما جرت تظاهرات في تعز، ثاني كبرى المدن اليمنية، والتي شهدت تظاهرات حاشدة مناهضة لصالح مع بدء الاحتجاجات التي تعصف بالبلد منذ أواخر كانون الثاني/يناير.

وقالت حورية مشهور الناطقة باسم المجلس الوطني لقوى الثورة، لوكالة فرانس برس quot;دعونا إلى تكثيف الاحتجاج على ما تبقى من النظام، لنتمكن من السير قدمًا على طريق تسوية سلمية للأزمةquot;.

واضافت ان quot;العملية السياسية في مأزق بسبب رفض الرئيس صالح توقيع الخطة الخليجيةquot; لإنهاء الأزمة.

وأكدت أن الاحتجاجات الشعبية، التي بدأت في كانون الثاني/يناير، ستستمر quot;حتى نهاية النظامquot;، معربة عن خشيتها من وقوع صدامات في صنعاء ومحافظات اخرى.

واضافت quot;نأمل ألا تقوم القوات الموالية لصالح بمواجهة شباب عزل لا يملكون اسلحةquot;، مشيرة إلى أن quot;القوات الموالية للثورة هي في حالة استعداد للدفاع عن المتظاهرين إذا استخدم العنف ضدهمquot;.

وتابعت quot;نرجو ألا يتم استفزاز الثوار والمعتصمين والقوات الموالية للثورة حتى لا يحصل الصدام المسلح لأن مثل هذا الصدام له مخاطر كبيرة ونتائجه غير محمودةquot;.

ودعت الوسطاء الخليجيين والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي إلى زيادة الضغوط على النظام تفاديًا لحرب أهلية. وكان صالح قد تعهّد في الشهر الماضي بالعودة الى اليمن قريبًا.

إلى جانب صنعاء، كان التوتر شديدًا في محافظات أخرى في اليمن، وخصوصًا في تعز (جنوب) ثاني مدن البلاد، حيث دارت مواجهات عنيفة فجر الأحد بين الحرس الجمهوري وعناصر ينتمون إلى قبائل مسلحة، بحسب سكان.

واتهم حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه الرئيس اليمني، الأحد أحزاب اللقاء المشترك quot;باستخدام الشباب وقودًا ومادة للترويج الإعلامي لمشروعهم الانقلابي والوصول إلى السلطة على حساب الدم اليمنيquot;.

وفي بيان حمّل المؤتمر الشعبي العام المعارضين quot;مسؤولية نتائج مخططاتهم الإجراميةquot;، داعيًا quot;الشباب والعقلاء من المشترك إلى عدم الانجرار خلف تلك المخططات الإجراميةquot;، مؤكدًا أن quot;لا مجال لتجاوز الأزمة، إلا من خلال الحوار الجاد والمسؤول الذي لا يستثني أحدًاquot;.

الأجهزة الأمنية في مدينة تعز تضبط 44 قطعة سلاح

من جهة أخرى، ضبطت الأجهزة الأمنية في محافظة quot;تعزquot; في جنوب غرب اليمن اليوم 44 قطعة سلاح متنوعة، كانت في حوزة عناصر من الرجال والنساء، تابعة للمعارضة، كما تم ضبط عدد من النساء وفي حوزتهن عدد من الأسلحة المختلفة، أثناء مرورها عبر عدد من النقاط الأمنية.

ونقلت وكالة الأنباء اليمنية عن مصدر أمني في المحافظة قوله: إن الأسلحة المضبوطة مع تلك العناصر كان الهدف منها تنفيذ أعمال عنف، وتخريب، وممارسات عدوانية ضد رجال الأمن والمنشآت الحكومية، وإثارة الفوضى والفتنة بين أبناء المحافظة، وذلك في إطار مخططهم الفوضوي والتخريبي، والانقلاب على الشرعية الدستورية.