مع دخول الثورة السورية شهرها السادس واتساع رقعة الاحتجاجات في مختلف المدن وتزايد الغضب الشعبي والدولي، لا تزال العاصمة دمشق وحلب على الهامش، فيما يتأجج غضب المعارضين تجاه المدينتين. واعتبر البعض أن دمشق وأحياءها التي تشعر بالخوف، تبقى اللاعب الرئيس للثورة السورية.

لم تتمكن الثورة حتى الآنمن اللحاق بدمشق

بيروت: تناولت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; المفارقة الواضحة بين المدن السورية التي تشهد احتجاجات كبيرة وبين العاصمة دمشق المعزولة عن البلاد والتي يصر سكانها على واقع آخر لا علاقة له بما يجري حولهم.

ونقلت الصحيفة حركة الشارع في العاصمة السورية، مشيرة إلى انه quot;في حين تندلع الاحتجاجات في سوريا المضطربة موقعة القتلى والجرحى، يرتكز الحوار في دمشق على الألوان الرائجة والماكياج وطلاء الأظافرquot;.

واعتبرت الصحيفة ان الصورتين المتناقضتين تعكسان الفرز العميق في البلاد، في ظل تزايد الضغوطات التي أغرقت نظام الأسد في عزلة دولية صارخة منذ تولي الاسرة للحكم في العام 1970.

دخلت الثورة السورية شهرها السادس، فيما تتواصل التظاهرات في وجه قوات الأمن التي قتلت أكثر من 2200 شخص منذ منتصف آذار (مارس)، وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة.

ونتيجة للممارسات العنيفة التي يمارسها نظام الأسد، تزايدت العقوبات الدولية الاقتصادية على سوريا، فيما دعت بعض الدول إلى تنحيه، وانتقدت الدول الصديقة السياسة التي يتبعها النظام معلنة عن أنها فقدت صبرها أمام تعنت الحكومة وقتل المتظاهرين.

وعلى الرغم من توسع رقعة الإحتجاجات وتزايد الغضب الشعبي والدولي، اعتبرت الـ quot;نيويورك تايمزquot; أن دمشق وأحياءها التي تشعر بالخوف، تبقى اللاعب الرئيس للثورة السورية.

ويرى النشطاء في سوريا أنه في حال لم تصل الاحتجاجات إلى العاصمة، فإن مصير الثورة سيكون مشابهاً لمصر وتونس اللتين تشهدان صعوبة في التقدم في ظل الشلل الذي يعم البلاد بعد انتهاء الثورات فيها.

وحتى الآن، تبقى دمشق على الهامش، جنباً إلى جنب مع مدينة حلب وهي ثاني أكبر مدينة في سوريا، فيما يتأجج الغضب في صفوف المعارضين تجاه المدينتين والسكان الذين يرفضون الاعتراف بحقيقة ما يحدث حولهم.

وأضافت الصحيفة: quot;واحد من أمثلة كثيرة تدل على مدى بعد دمشق عن الأحداث السورية، وإقصائها خلال أشهر من أعمال العنف في أنحاء البلاد، قول إحدى الشابات التي تعمل في صالون تزيين نسائي: في البداية، كان هناك بعض الرجال الذين يتظاهرون من أجل الحريات والحقوق، لكن الاحتجاجات تحولت في وقت لاحق إلى محاولة لخلق حرب طائفية. لكن قوات الأمن تطاردهم الواحد تلو الآخر، وسينتهون منهم قريباًquot;.

في هذا السياق، اشارت الـ quot;نيويورك تايمزquot; ان رأي هذه الشابة مستوحى من الروايات التي تكررها وسائل الاعلام السورية والقنوات التلفزيونية المقربة من الحكومة، والتي تركز كلها على تعابير مثل: ان البلاد تواجه مؤامرة أجنبية لتقسيمها، وقوات الأمن تقاتل المتشددين الاسلاميين المسلحين الذين يرهبون السكان، وقتل نحو 500 من ضباط الشرطة والجنود حتى الآن في محاولة حماية سورية من الارهابيين.

واضافت الصحيفة: quot;تعمد الحكومة السورية وأجهزتها إلى قمع التظاهرات في أحياء العاصمة التي تشهد تظاهرات واحتجاجات ضد النظام، وسرعان ما تعيد الحياة إلى طبيعتها، فتزيل بقع الدماء عن الأرض، وتعيد طلاء الجدران التي كتبت عليها شعارات مناهضة للأسد وحكومتهquot;.

أما في كفرسوسة، وهو حي الأثرياء في دمشق، قامت قوات الأمن بإطلاق النار على المتظاهرين وأوقعت عدة جرحى في الاسبوع الماضي. ونقلت الصحيفة عن السكان قولهم ان المصلين خرجوا من الجامع في مسيرة سلمية وهم يرددون شعارات تدعو إلى إسقاط النظام، فتعرضوا لإطلاق نار وضرب مبرح، ثم ألقي القبض عليهم ونقلوا في في حافلات عسكرية إلى مراكز الاحتجاز.

خلافا لحمص وحماة، حيث تمكنت الانتفاضة من هدم جدار الخوف والتعبير عن رأي الشعب، لا يبدو أن أحداً في دمشق يجرؤ على التكلم في السياسة، فسكان العاصمة يقولون: quot;كل شيء طبيعي ، فقط لا تشاهدوا قناة الجزيرة وقناة العربية، انهم ينشرون الاكاذيب. شاهدوا القنوات السورية فقط، فهي الوحيدة التي تنقل الحقيقةquot;.