بعد اعلانرئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل ان الاسلام سيكون مصدر التشريع الاساسي في ليبيا،يرى كثيرون ان تركة القذافي وتدخُّل حلف شمال الأطلسي الى جانب الثوار مهدا الطريق لنمط من التوجه الاسلامي يختلف عن الشكل الذي تخافه واشنطن، بحيث يأخذ الناس موقفا وديا تجاه الغرب.

اعلن رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل ان الاسلام سيكون وسطياً رافضا لطغيان اي ايديولوجيا متطرفة

لندن: حين وصل مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي الى طرابلس ألقى خطابا على اهلها اعلن فيه ان الثورة تسعى الى اقامة دولة القانون التي سيكون الاسلام مصدر التشريع الرئيس فيها. ولكنه أضاف أن إسلام ليبيا هو وسطي يرفض طغيان أي ايديولوجيا متطرفة.

وفي بلد مسلم مثل ليبيا لم يكن مستغربا ان يشدد قادة المجلس الانتقالي على الهوية الاسلامية لحكومتهم المقبلة. ولكنّ كثيرين يرون ان تركة القذافي وتدخُّل حلف شمال الأطلسي الى جانب الثوار مهدا الطريق لنمط من التوجه الاسلامي يختلف عن الشكل الذي تخافه واشنطن.

ونقلت مجلة تايم عن مسؤول في المجلس الانتقالي طلب عدم ذكر اسمه ان الحقيقة الماثلة في أن القذافي استخدم الغرب عدوا مشتركا أكدت صلاحية القاعدة القائلة quot;عدو عدوي صديقيquot;. وعند ربط ذلك بحقيقة quot;ان الغربيين قاموا بدور حاسم في دعم الثوار وخلع القذافي يمكن ان ترى ان الناس يتخذون موقفا وديا تماما في الواقعquot; تجاه الغرب ، بحسب المسؤول.

ويوم الخميس أصبح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أول رئيسي دولة غربيين يزوران طرابلس المحررة حيث لقيا استقبالا حارا من سلطات المجلس الانتقالي. وقال عبد الجليل في مؤتمر صحافي مشترك ان الليبيين لن ينسوا يوم 19 آذار/مارس الذي تحرك فيه المجتمع الدولي لحماية ليبيا وفرض منطقة الحظر الجوي. وتعهد عبد الجليل إقامة صداقة وثيقة في المستقبل مع هذه الدول.

ويلاحظ مراقبون مفارقة تزداد جلاء في شوارع ليبيا. إذ اصبح الليبيون أكثر تعبيرا عن تدينهم في المناطق الواقعة تحت سيطرة الثوار حيث يعقدون ندوات دينية ونقاشات حول ادارة أموال المساجد في وقت يتحدثون عن حلف الأطلسي بود نادر في العالم العربي. وفي هذا السياق اعلن الجهادي السابق عبد الحكيم بلحاج الذي يقود المجلس العسكري في طرابلس اليوم، نبذه التطرف والتزامه بالتسامح إزاء الديانات الأخرى رغم ما عُثر عليه من وثائق رسمية ليبية تؤكد التحقيق معه على أيدي عناصر وكالة المخابرات المركزية وتسليمه الى أجهزة القذافي. وقال بلحاج في حديث لمجلة تايم انه ليس مدفوعا بنزعة الانتقام من الذين فعلوا به ذلك. وقال quot;نحن قريبون جدا من جيراننا الاوروبيين ونريد علاقات طيبة مع هذه البلدان ، اقتصاديا وحتى امنياquot;.

وقد تكون فكرة الديمقراطية بقيادة اسلامية فكرة غريبة من وجهة نظر الغرب بعد هجمات 11 ايلول/سبتمبر ولكن ليس فيها ما يثير الاستغراب في العالم الاسلامي. وقال المسؤول في المجلس الانتقالي الذي تحدث لمجلة تايم quot;انها ليست شيئا نخترعه نحنquot; مشيرا الى تركيا.

وقال الصحافي صالح ابراهيم ان الغرب عموما يخلط بين الاسلامي وبن لادن معربا عن اقتناعه بأن حكما معتدلا سيُقام في ليبيا quot;يعكس القيم الاسلامية لكنه لن يكون متطرفاquot;.

يشكل المسلمون السنة الغالبية الساحقة من الليبيين ، وهي حقيقة تستبعد اندلاع نزاعات طائفية في المرحلة المقبلة رغم الانقسامات القبلية والمناطقية التي كانت مرئية حتى في صفوف الثوار أنفسهم. وظهرت بوادر نزاع بين الاسلاميين والعلمانيين داخل المجلس الوطني الانتقالي. إذ يسيطر من يُسمون علمانيين على المكتب التنفيذي ، بمن فيهم رئيس المكتب محمود جبريل الذي درس في الولايات المتحدة ، وعلي الترهوني وزير المالية والنفط ، الذي ترك عمله استاذا في الاقتصاد في الولايات المتحدة لينضم الى الثوار.

وتعرض جبريل لانتقادات لاذعة من جانب بعض الثوار بينهم بلحاج ، لاستبعاده اصواتا اسلامية عن قيادة المجلس الانتقالي في وقت يسعى الى بسط سيطرة مركزية حازمة على قوات الثوار. ولكن جبريل يرى في هذه الخلافات فرقاء متنافسين يمارسون quot;اللعبة السياسيةquot; ويدَّعون أحقيتهم في السلطة. ويقول منتقدوه ، من جهة أخرى ، إن المواجهة الحقيقية هي بين بقايا النظام القديم الذين ما زالوا قريبين من جبريل والثوار.

وأكد المسؤول في المجلس الانتقالي الذي طلب عدم ذكر اسمه لمجلة تايم انه ليس اسلاميا ولكنه يشعر ان ما يشترك به مع الاسلاميين أكثر مما يجمعه مع العلمانيين quot;الذين هم في الصورة الآنquot;. والسبب ان الاسلاميين لا يرتبطون بالنظام السابق quot;وهم اكثر وطنية والمؤكد انهم لا يملكون ارصدة مجمدةquot; ، على حد تعبيره.

البعض يرى تصاعدا في حدة التوتر بين الفريقين ويعتبرون عبد الجليل صاحب النفوذ الأقوى في الحفاظ على تحالف الثوار موحدا. ويخشى بعض المحللين الغربيين ان يعود بلحاج وغيره من الاسلاميين الى تطرفهم مدفوعين بمشاعر الإحباط إزاء محاولات المكتب التنفيذي للسيطرة على الميليشيات التي تجوب المدن الليبية ، ومظاهر التدين المتزايدة.

وقالت فاطمة مفتاح وهي مبرمجة كومبيوتر متشحة بالسواد من قمة رأسها الى اخمص قدمها ، بما في ذلك قفاز اسود يغطي يدها ، ان القذافي ما كان ليسمح لها بارتداء هذه الملابس على الاطلاق مضيفة لمراسلة مجلة تايم ذات الأكمام القصيرة quot;أنا ليست عندي مشكلة مع ما ترتدين. فالمرأة ينبغي ان تكون حرة في ارتداء ما تريدquot;.

واعرب المسؤول في المجلس الانتقالي عن تفاؤله بآفاق تطور ليبيا قائلا quot;ان ما يحدث هنا اياً يكن ستكون له خصوصية ليبيةquot; وانه quot;لن يكون نموذجا مصريا أو نموذجا ايرانيا أو نموذجا سودانيا ، بل سيكون أقرب الى تركيا ولكن من دون كحول ومن دون ملاه ليليةquot;. واضاف ان ليبيا هي quot;البلد العربي الوحيد الذي 100 في المئة من سكانه ذوو مذهب واحد والانقسام الذي يحاول البعض تصويره غير موجودquot;.