تسعى روسيا لإستعادة بعض هيبتها التي خسرتها مع انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991، وتحاول أن تعرقل أي تحرك دولي ضد سوريا لارتباطها مع دمشق بعلاقات اقتصادية وعسكرية وسياسية منذ فترة طويلة.


بيروت: تقف روسيا في وجه المحاولات التي يقوم بها مجلس الأمن لفرض المزيد من العقوبات على نظام الرئيس بشار الأسد، ويعود هذا الدعم إلى خلفيات سياسية واقتصادية بسبب المصالح التي تربط الطرفين.

وفي هذا السياق، أشارت صحيفة الـ quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; إلى أن الحملة التي يقوم بها الرئيس الأسد ضد شعبه باتت أكثر وحشية، وقد خلفت وراءها نحو 2600 قتيل منذ الأشهر الأولى لبدء الاحتجاجات، الأمر الذي أثار استنكار وإزدراء المجتمع الدولي.

لكن من المرجح أن الجهود الدولية للضغط على نظام الأسد لن تكون كافية وفعّالة، ما دام الأسد يملك دعم واحدة من الدول العالمية القوية: روسيا. وتعتبر روسيا الحليف التقليدي للنظام السوري، وقد بلغت قيمة العلاقات التجارية بين الدولتين ما يقرب الـ 20 مليار دولار، الأمر الذي يشير إلى أن روسيا هي الدعامة المالية القوية لبقاء نظام الأسد.

غير أن دعم موسكو يتجاوز القضايا المالية، فبوصفها البلد الشاسع الذي شهد نصيبه من الانتفاضة والثورة، تميل روسيا التي كانت تعتبر quot;القوة العظمىquot; في يوم من الأيام، إلى دعم الحكم الأحادي باعتباره أهون الشرور، وتشكك في نوايا التدخل الغربي، خاصة في في أعقاب حملة حلف الناتو في ليبيا.

وباعتبارها واحدة من الأعضاء الخمس التي تملك حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يمكن لروسيا عرقلة أي محاولة لممارسة ضغط دولي كبير على الأسد، سواء من خلال عقوبات إقتصادية أو تدخل عسكري.

ونقلت الصحيفة عن رئيس معهد مستقل للدراسات الشرق الأوسط في موسكو، ييفغيني ساتانوفسكي، قوله: quot;روسيا الآن دولة ذات وجهة تجارية، ومن الواضح أن الحكومة الروسية تريد حماية الاستثمارات التي وظفت من قبل رجال الأعمال الروسيين في سورياquot;.

وأضاف quot;لكن السبب الرئيسي في أن تكون روسيا عنيدة جداً ومصممة على عرقلة عمل الامم المتحدة ضد سوريا، هو أن موسكو ترى ان الكتلة الغربية تريد تدمير الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط في سعيها لتحقيق الأهداف المثالية الخاطئة التي تعتمدهاquot;، مشيراً إلى أن الروس يشعرون بالذهول مما يجري في الشرق الاوسط وهم راضون عن موقف حكومتهمquot;.

لماذا تدعم روسيا الأسد؟

وتربط موسكو ودمشق علاقات تجارية وعسكرية وسياسية منذ فترة طويلة. فوفقاً لمقال نشر مؤخراً في صحيفة quot;موسكو تايمزquot;، فقد بلغت قيمة الاستثمارات الروسية في سوريا في عام 2009 نحو 19.4 مليار دولار، وذلك في مجالات صفقات أسلحة، تطوير البنية التحتية، الطاقة، والسياحة. وقالت الصحيفة إن الصادرات الروسية إلى سوريا في عام 2010 بلغت 1.1 مليار دولار.

عدا عن الصفقات التجارية المربحة، تسعى موسكو لحصول على مستوى أكبر من التأثير على المسرح العالمي بعد أن خسرت بعض هيبتها مع انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991. وتعارض روسيا تقليدياً التدخلات الأجنبية، وتعتبر بمثابة توازن مضاد لمحور الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الاطلسي.

وربما تكون العلاقات السورية الروسية في مجال مبيعات الأسلحة هي الأقوى والأكثر متانة، فالاتحاد السوفياتي كان المورد الرئيسي للسلاح بالنسبة لسوريا خلال الحرب الباردة، الأمر الذي جعل دمشق مثقلة بدين بلغ 13.4 مليار دولار.

وقد وقعت روسيا وسوريا صفقات أسلحة تبلغ قيمتها نحو 4 مليارات دولار منذ عام 2006 وتشمل بيع طائرات مقاتلة من طراز ميج 29، طائرات (ياك 130)، وأنظمة الدفاع الجوي (بانتسير) و(بوك) وصواريخ P - 800 المضادة للسفن.

وتأمل سوريا ايضا في الحصول على صواريخ اسكندر الباليستية وصواريخ S - 300 المضادة للطائرات، ومن شأن هذه الأخيرة أن تشكل تهديداً كبيراً للطائرات المعادية في سماء سوريا.

إضافة إلى ذلك، تسعى روسيا إلى دعم النظام السوري ومنع الأسد من الانهيار لأنها تريد حماية المليارات من الدولارات في الاستثمارات والتسهيلات الاستراتيجية البحرية في طرطوس التي يمكن أن تتعرض للخطر اذا أطيح بنظام الأسد أو انحدرت سوريا نحو الفوضى العنيفة.