أثار فلاديمير بوتين مطلع العام 2000 فكرة شن حرب على الإرهاب العالمي، لتبرير الحرب التي خاضتها روسيا في الشيشان.


القاهرة: حين أعلن الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش، للمرة الأولى، في العشرين من أيلول/ سبتمبر عام 2001، أن بلاده ستخوض حرباً على الإرهاب، رداً من جانبها على هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، طلب حينها من جميع الدول أن تساعده في ذلك.

وعلى عكس النصائح التي قدَّمها له كثير من جنرالاته، وافق الرئيس الروسي السابق أيضاً، فلاديمير بوتين، على تأسيس ثمة صلة لم يسبق لأميركا وروسيا أن أسساها منذ الحرب العالمية الثانية.

وفي هذا السياق، أكدت اليوم مجلة التايم الأميركية أن المنطق الذي استندت عليه كثير من الدول التي أعلنت عن تحالفها مع الولايات المتحدة بعد تلك الدموية لم يكن فقط التضامن أو مواجهة قضية مشتركة، بل أن الدول حول العالم أدركت الجاذبية العملية لخطوة شن حرب على الإرهاب.

ثم مضت المجلة تقول إن بوتين، وقبل أن يصبح حتى رئيساً لروسيا مطلع العام 2000، وقبل مدة طويلة من سقوط برجي مركز التجارة العالمي، سبق له أن أثار فكرة شن حرب على الإرهاب العالمي، لتبرير الحرب التي خاضتها روسيا في الشيشان.

لكن الجانب المتعلق بالإرهاب في تلك الحرب كان صحيحاً على الأقل. الانفصاليون الشيشان، الذين جددوا صراعهم الممتد على مدار قرون من أجل الحصول على الاستقلال بعد سقوط الاتحاد السوفيتي بفترة بسيطة، قد لجؤوا إلى الإرهاب مع بداية العام 1995، حين استولوا على مستشفى ببلدة بوديونوفسك الروسية وتحفظوا على أكثر من 1500 شخص هناك كرهائن.

وفي العام 1999، أسفرت سلسلة تفجيرات استهدفت شقق سكنية، وألقي فيها باللوم أيضاً على الشيشان، عن مقتل مئات الأشخاص في موسكو ومدن روسية أخرى. وهي العملية التي رد عليها بوتين بإطلاقه ثاني غزو شامل تقوم به روسيا في الشيشان في أقل من عقد من الزمان.

وأوردت التايم في هذا الصدد عن ميخائيل كاسيانوف، الذي كان يشغل منصب وزير المالية في روسيا آنذاك، قوله: quot;حصل بوتين حينها على تفويض مطلق من جانب مواطني روسياquot;. ومع ذلك، كانت هناك أدلة ضئيلة على أن المتمردين الشيشان كانوا من بعض الشبكات الإرهابية الإسلامية العالمية. وقال أندريه ايلاريونوف، الذي عمل كمستشار اقتصادي بارز لبوتين في الفترة ما بين عامي 2000 و 2005: quot;ورغم ذلك، أوضحت كل البيانات الرسمية إننا نخوض حرباً ضد إرهاب دوليquot;.

ثم مضت المجلة تشير إلى أن الحرب التي خاضها بوتين في الشيشان حظيت بقدر قليل من التعاطف في الغرب. وبدا الصراع الشيشاني وكأنه جزء من حركة تمرد تحاول موسكو أن تسحقها، وتم شجب الفظاعات التي ارتكبت بالفعل من كلا الجانبين.

وفي نهاية العام 1999، حين كان يقوم الرئيس بوش بحملته لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية، تعهد بأن يبدأ مساعيه لإنهاء الحرب. وقالت حينها أيضاً كونداليزا رايس، التي أضحت مستشارة للأمن القومي في إدارة بوش بعد نجاحه quot;يا لها من حملة وحشية تلك التي تُمَارَس بحق السيدات والأطفال الأبرياء في الشيشانquot;.

وفي خريف عام 2000، قالت وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك، مادلين أولبرايت، في كلمة أمام الأمم المتحدة، إن الحرب الشيشانية أضرت كثيراً بمكانة روسيا الدولية، فضلاً عن عزلها روسيا عن المجتمع الدولي. لكن حين أعلن بوش عن حربه على الإرهاب، تبخرت تلك اللغة بصورة سريعة.

وعرض بعدها بوتين أن يساعد في غزو أفغانستان. وهو نفس الموقف الذي التزمه الرئيس الأوزبكي، إسلام كاريموف، الذي سمح للولايات المتحدة بإقامة قاعدة عسكرية دائمة على أراضيه، أملاً منه ربما أن يساعد تحالفه الجديد مع واشنطن فيما يخص مواجهة الإرهاب على الحد من تدقيق الولايات المتحدة في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان في أوزبكستان.

ورغم إلحاق روسيا الهزيمة بالانفصاليين الشيشان بحلول صيف عام 2000، إلا أن المزاعم المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان قد استمرت في الخروج إلى النور. وحينها بدأ يتحدث بوتين عن وجود علاقات قوية تربط المتمردين الشيشان بالجهاد العالمي.

وقد تسببت فكرة خوض حرب على الإرهاب في توتر بعض مسؤولي حكومة بوتين. ومع ذلك، ظلت فكرة شن حرب عالمية على الإرهاب واحدة من روايات بوتين السياسية البارزة. وختمت التايم بقولها إنه وبعد مرور 10 أعوام على اعتداءات أيلول/ سبتمبر، لا تزال تستخدم فكرة بوش المتعلقة بالحرب العالمية على الإرهاب بشكل أكبر للدعاية عنها لمنع وقوع مزيد من الهجمات المماثلة لهجمات أيلول/ سبتمبر عام 2001، وأكدت المجلة أن تغيير ذلك قد يستغرق عدة سنوات.