لا تحمل الثورة الليبية أي أمل للعمال الافارقة السود الذين يعيشون ظروفاً بالغة الصعوبة.


السلاح ينتشر في ليبيا بشكل كبير

طرابلس: بالنسبة لمئات العمال المهاجرين من الافارقة السود الذين انتهى بهم المقام في اماكن سكن عشوائية خارج طرابلس، لا تحمل الثورة الليبية املا ولا حرية بل خوفا وجوعا ويأسا كثيرا.

ففي بلدة سيدي بلال الساحلية على بعد نحو 25 كيلومترا من وسط العاصمة بات اكثر من 600 عامل مهاجر يعيشون في ظروف مزرية.

وتبدو اغطيتهم المنشورة على زوارق بالية تحجب قليلا اشعة الشمس، بينما يغلون ما توافر قليلا من الارز على نيران اشعلوها بانتظار مساعدات نادرة.

هؤلاء وغيرهم جاءوا الى ليبيا في ظل حكم معمر القذافي على امل الحصول على عمل. ومع الاطاحة بالعقيد باتوا بلا وظيفة يواجهون الملاحقة والاعتقال والتعديات والسرقة لاتهامات بأن مرتزقة افارقة يدعمون النظام.

وقد اثارت الحكومات الغربية ومجموعات حقوق الانسان مخاوف بشأن وصم المهاجرين الافارقة السود محذرة من ان المعاملة التي سيتلقاها هؤلاء ستمثل اختبارا اساسيا لمدى مصداقية التطلعات الديموقراطية للحكومة الجديدة.

اما لمن تلفحهم الشمس في سيدي بلال فق كانت نتيجة الاختبار فشلا ذريعا.

ويقول برايت ادامز النيجيري البالغ من العمر 33 عاما في المخيم والذي عمل في مهام بدنية شاقة منذ 2008 quot;اتينا هنا لنعمل، لنقوم بالوظائف التي لا يريد الليبيون القيام بها والان يكرهوننا ويعتدون علينا!quot;.

ويضيف quot;بالكاد نسد رمقنا، لا طعام ولا ماء ولا امان. ساعدونا!quot;.

وفر معظم هؤلاء المهاجرين الى المخيم اواخر الشهر الماضي عندما سيطر مقاتلو المجلس الانتقالي على طرابلس.

وفي وقت سابق من هذا الشهر اورد تقرير اصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الانسان والتي تتخذ من نيويورك مقرا لها ان قوات المجلس شنت حملات اعتقالات جماعية للعمال المهاجرين في طرابلس ووضعتهم في مراكز احتجاز مؤقتة في انحاء متفرقة من العاصمة.

وقال التقرير تحت عنوان quot;من الخطر ان تكون اسود البشرة الان في طرابلسquot;، ان حملات اضطهاد واسعة تطال الافارقة الذين وصل عدد العاملين منهم قرابة مليونين في ليبيا قبل انتفاضتها، والاضطهاد يطالهم بناء على لون بشرتهم.

وعبر فريق حقوقي للامم المتحدة انشىء لبحث الانتهاكات في ليبيا، الاسبوع الماضي عن قلقه ازاء ما يرد عن اعتقالات جماعة quot;للافارقة السود للاشتباه في كونهم مرتزقة للقذافيquot;.

ويقول العمال المهاجرون في سيدي بلال ان مقاتلي المجلس الانتقالي داهموا بيوتهم وسرقوهم واخذوا جوازات سفرهم واوراقهم الثبوتية المحلية.

ويقول ادامز انه من السخف القول انهم مرتزقة يقاتلون لصالح القذافي، معتبرا انها quot;ذريعةquot;. واضاف quot;ليس لنا علاقة بما يجري واتينا الى هنا للعمل وليس للحرب!quot;.

ويقول المهاجرون ان مسلحين ليبيين مازالوا يستهدفونهم حتى بعد فرارهم إلى المعسكر اذ يهجمون ليلا ليسرقوا ما لديهم ويدمروا مساكنهم.

وتقول النيجيرية لافيث اولوكورا (23 عاما) التي عملت خادمة في بنغازي quot;احيانا يأتي المتمردون يأخذون البنات لاغتصابهنquot;. واضافت quot;ليس من امن هنا، يأتون ويفعلون ما بدا لهم بناquot;.

وفي تلك الاثناء يندر ما يتلقاه هؤلاء من غذاء او ماء او غيره.

ويقول سايمون باراز منسق الاغاثة في طرابلس لمنظمة اطباء بلا حدود وقد تواجد في المخيم، ان اطباء بلا حدود تقدم بعض الماء واستشارات طبية للمهاجرين، لكنهم بحاجة ماسة لمزيد من المساعدة.

ويضيف quot;ليس مقبولا ان يعيش البشر هكذا في ظل تلك الظروف. في غضون اسابيع ستتغير الاحوال الجوية، لا يسعهم البقاء هنا مع بدء هطول المطرquot;.

ورغم ما يلاقون من معاناة في ليبيا يفضل الكثير من المهاجرين البقاء فيها على امل العودة لاعمالهم.

ويقول مارفيس اوسايوغي، النيجيري البالغ من العمر 33 عاما، ان المقاتلين المتمردين اخذوا جواز سفره وما ادخره من مال لسنين اثناء عمله كميكانيكي في طرابلس، ومع ذلك يريد البقاء في ليبيا اذا تمكن من العودة للعمل دون اضطهاد.

يقول مارفيس quot;تركت اسرتي واتيت هنا لاعمل من اجلهم، وها قد ضاع جهد العمر، كيف لي ان اعود صفر اليدين؟quot;.