يبدو الجمهور معجباً بالصورة التي اتخذها رئيس الوزراء التركي إردوغان، الذي يعتبر نفسه الزعيم المسلم لبلد ديمقراطي ومزدهر، يدافع بقوة عن الثورات العربية ويطالب بالحقوق الفلسطينية. ولانّ قوى مثل إسرائيل وإيران غير مستقرة، تبدو تركيا القوية والحازمة هي الحل الوحيد للخروج من بعض الأزمات.


النفوذ التركيّ بزعامة رجب طيب إردوغان في تنام مستمرّ

اسطنبول: منذ وقت غير بعيد، كانت السياسة الخارجية لتركيا تتمحور حول قضية واحدة: جزيرة قبرص المقسمة. أما اليوم، فيُعتبر رئيس وزرائها الشخصية الأكثر شعبية في الشرق الأوسط، فيما يعمل وزير خارجيتها على وضع تصور لنظام جديد قد يمكّن تركيا من القيام بما فشلت إدارة أوباما بتحقيقه حتى الآن: وضع نفسها بقوة على خارطة التغيير في صفّ الثورات العربية.

في هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـquot;نيويورك تايمزquot; أن التأثير الأميركي في العالم العربي آخذ في التراجع. وفي حين يعتبر الموقف الأوروبي غير فعال، والقوى الأخرى مثل إسرائيل وايران غير مستقرة، تبدو تركيا القوية والحازمة هي الحل الوحيد للخروج من الأزمة.

quot;تركيا هي الدولة الوحيدة التي يمكنها استشعار إلى أين ستتجه الأمور في المنطقة، ويبدو أن الرياح تسير بما تشتهيه ووفقاً لمصلحتهاquot;، يقول سولي أوزيل، أستاذ في العلاقات الدولية في جامعة بلجي في اسطنبول.

حازت السياسة الخارجية التركية على اهتمام الكثيرين في الشرق الأوسط، تحديداً بعد جولة رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان هذا الشهر إلى ثلاثة من البلدان العربية التي شهدت ثورات شعبية (تونس، مصر وليبيا)، في خطوة اعتبرها الكثير من النقاد بأنها تاريخية ورمزية.

وعلى الرغم من الإنتقادات التي توجّه لإردوغان بسبب سياسته الاستبدادية في الداخل التركي، يبدو الجمهور في الخارج معجباً بالصورة التي اتخذها رئيس الوزراء، الذي يعتبر نفسه الزعيم المسلم لبلد ديمقراطي ومزدهر، يدافع بقوة عن الثورة ويطالب بالحقوق الفلسطينية.

واعتبرت إحدى الصحف التركية الداعمة لإردوغان، أن زيارته الأخيرة بداية quot;عهد جديد في منطقتناquot;، في حين أشاد أحد الكتاب المصريين بما أسماه quot;صفات إردوغان القياديةquot;.

وبعد عدة أيام، تحدث وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو بجرأة عن محور بين مصر وتركيا، دولتين ذات كثافة سكانية عالية وقوة عسكرية في المنطقة، والذي من شأنه أن يعزز نظاما جديدا في المنطقة يبقي اسرائيل على الهامش حتى تحقق السلام مع جيرانها.

ووصف مسؤول تركي كبير في أنقرة تركيا بـ quot;اللاعب الجديد في الساحةquot;، مشيراً إلى أن ما يحدث في الشرق الأوسط هو فرصة كبيرة وذهبية.

بعد فترة طويلة من التعاطي مع العالم العربي بقدر كبير من الازدراء - إسرائيل وتركيا كانت تربطهما علاقات استراتيجية في التسعينات - كانت تركيا قد أمضت سنوات في نسج العلاقات مع العقيد معمر القذافي في ليبيا والرئيس السوري بشار الأسد في سوريا.

وكان أكثر من 25000 تركي يعملون في ليبيا، في حين اعتبرت سوريا كبوابة لطموحات تركيا للتكامل اقتصادياً في الشرق الأوسط.

quot;السياسة القديمة انهارت، ويتطلب الأمر الآن سياسة جديدة تجاه الشرق الأوسطquot;، يقول ارسين كالايسيوغلو، أستاذ في العلوم السياسية في جامعة سابانسي في اسطنبول.

وضع داوود أوغلو نفسه كمهندس العلاقات التركية في المنطقة، وتحدث في مقابلة عن السياسة الجديدة التي ستنتهجها تركيا. فإضافة إلى التحالف المقترح مع مصر، قال أوغلو إن تركيا لن تضع نفسها على الحياد من الثورات، خصوصا في سوريا المجاورة، وهو ما يمثل التحدي الأكبر لتركيا.
وأصرّ على أن دولته يمكن أن تساعد في دمج المنطقة بحكم اقتصادها، مقترحاً إنشاء نسخة عن الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن مثل هذا الترتيب سيتطلب في نهاية المطاف درجة من التعاون العسكري على الأقل.

ايران، جارة تركيا من الشرق، ومنافسة لها في المنطقة، تشعر بـquot;المرارةquot; بشأن قرار تركيا في الانضمام إلى الضغوط الأميركية واستضافة محطة رادار كجزء من نظام الدفاع الصاروخي لحلف شمال الاطلسي.

وعلى الرغم من دعمها للعرب والحقوق الفلسطينية، ظلت تركيا على علاقة جيدة مع الولايات المتحدة، على الرغم من أن المسؤولين الأميركيين يتهمون إردوغان بالثقة المفرطة، ويشعرون بالقلق من أن أزمة تركيا مع اسرائيل سوف تضرّ في نهاية المطاف بالعلاقة مع واشنطن، فيما يرى البعض الآخر أن تركيا عازمة على خلع إسرائيل بوصفها الشريك الأصغر للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وختمت الصحيفة: quot;بالنسبة إلى دولة أثارت غضب الزعماء العاجزين والخاضعين للمطالب الاميركية والاسرائيلية، تمكن إردوغان من جعل تركيا دولة قوية ومستقلةquot;.