بفضل أجواء الربيع العربي التي عاشتها المنطقة مع بداية العام، بدأ يتحرك الناشطون الذين يعملون تحت راية الإسلام نحو مرحلة متعلقة بتصفية الحسابات: فالاحتمالية التي تتحدث عن تحقيق قوة حاسمة في أنحاء المنطقة كافةقد أطلقت العنان لجدل غير مسبوق بشأن هوية النظم السياسية الناشئة التي يساعدون في بنائها.

ويتساءل قليلون الآن بشأن النجاح الانتخابي المقبل للناشطين الدينيين، لكن في الوقت الذي يخرجون فيه من ظلال صراع طويل، ودموي في بعض الأحيان، مع حكومات استبدادية وعلمانية في ظاهرها، فإنهم يواجهون أسئلة ملحة جديدة بشأن طريقة تطبيق التعاليم الإسلامية في مجتمعات أكثر انفتاحاً في ظل وجود احتياجات ملموسة جداً.

وفي تركيا وتونس، ترفض الأحزاب المحافظة ثقافياً التي تم تأسيسها بناءً على مبادئ إسلامية، مصطلح quot;الإسلاميينquot;، للمراهنة على ما ينظرون إليها باعتبارها رؤية أكثر ديمقراطية وتسامح.

وفي مصر، بدأ يظهر حافز مماثل من شأنه سحق جماعة الإخوان المسلمين، في الوقت الذي تتحدث فيه أعداد متزايدة من الساسة والأحزاب عن نموذج مستوحى من تركيا، حيث تزدهر الأحزاب التي تحظى بجذور في الإسلام السياسي في نظام علماني كان عنيداً من قبل.

وقد تلا ذلك رد فعل أيضاً، في الوقت الذي يتعامل فيه التقليديون مع أفكار الإسلاميين العتيقة، كفرض خدمات مصرفية بدون فوائد وفرض ضرائب إلزامية وفرض رقابة على الخطاب الإلحادي.

وتتسم المناقشات الدائرة الآن بأنها عميقة بما فيه الكفاية، لدرجة إلى أن كثيرين في المنطقة بدؤوا يعتقدون أن الصراعات الأكثر أهمية ربما لم تعد تحدث بين الإسلاميين والعلمانيين، وإنما بين الإسلاميين أنفسهم، بتحريض الأكثر تشدداً ضد الأكثر تحرراً.

ونقلت الصحيفة عن عزام تميمي، الباحث ومؤلف السيرة الذاتية لرجل الدين التونسي، رشيد الغنوشي، الذي يتوقع أن يتمكن حزبه quot;النهضةquot; من فرض هيمنته على الانتخابات فيالشهر المقبل لاختيار جمعية تعني بوضع مشروع للدستور، قوله quot; هذا هو صراع المستقبل. حيث سيدور الصراع الحقيقي في المستقبل حول هوية الشخص الذي سيكون قادراً على تحقيق رغبات شعب متدين. وسيدور حول من هو إسلامي ومن هو أكثر إسلامية بدلاً من كونه صراعًا بشأن العلمانيين والإسلاميينquot;.

ثم تحدثت الصحيفة عن أهمية المرحلة التي يشهدها العالم العربي الآن، وقالت إنه رغم المحاولات التي سبق أن قام بها الإسلاميون في المجال السياسي، فإن الانتخابات في مصر وتونس، والمحاولات التي تشهدها ليبيا لبناء دولة تكاد تكون من العدم. ومساعي تكوين بديل للديكتاتورية السورية، هي المدخل الأبرز لهم حتى الآن في جسم المنطقة السياسي الذي لا يزال غير ناضج. وهنا، قال عماد شاهين، وهو باحث في السياسة والقانون الإسلامي في جامعة نوتر دام: quot;المرحلة الحالية نقطة تحولquot;.

إلى هنا، لفتت النيويورك تايمز إلى الاقتراح الذي سبق أن تقدم به الغنوشي، وأوضح البعض أن حزب أردوغان (في تركيا) نجح في تحقيقه، وهو ذلك المتعلق بإقامة دولة إسلامية مزدهرة وديمقراطية، تحت قيادة حزب شديد التدين، لكنه يعمل بداخل نظام من المفترض أنه يحمي الحريات. ثم أشارت الصحيفة إلى أن نموذج الغنوشي ليس الوحيد، وأوضحت أن هناك علي الصلابي في ليبيا، وعبد المنعم أبو الفتوح في مصر.

وأشارت الصحيفة في الإطار عينه إلى تجربة حزب الوسط في مصر، لافتةً في البداية إلى الصعوبات التي واجهها مسؤولوه مع النظام السابق كي يحصلوا فقط على التراخيص اللازمة للتأسيس والخروج للنور، ثم أوضحت أن مؤسس هذا الحزب، أبو العلا ماضي، لطالما سعى منذ فترة طويلة إلى التوسط بين القوى الدينية والليبرالية، وأنه توصل في هذا الصدد إلى مجموعة من المبادئ المشتركة خلال الشهر الماضي.

وأفادت بأنه تبرأ، مثله مثل حزب النهضة في تونس، من مصطلح quot;الإسلاميينquot;، ومثله مثل باقي الناشطين الإسلاميين التقدميين، وصف حزبه بأنه أقرب الأحزاب المصرية إلى حزب أردوغان.

ونقلت عنه الصحيفة هنا قوله quot;لسنا علمانيين ولا مسلمين. بل نقف في المنطقة الوسطquot;. ومن الجدير ذكره أنه حين أعرب أردوغان عن أمله في إقامة دولة علمانية في مصر، تقف على مسافة واحدة من كل الديانات، بادر قادة الإخوان بانتقاده، قائلين إن تركيا ليست نموذجاً لمصر أو لإسلامييها.