يثير استخدام ألولايات المتحدة لبرنامج الطائرات بدون طيار جدلاً واسعاً خاصة وأنه توسع منذ أحداث 11 أيلول وسبب موت الآلاف.


بيروت: منذ احداث 11 ايلول (سبتمبر)، وسعت الولايات المتحدة بشكل كبير برنامجها السري للطائرات بدون طيار، مما أسفر عن مقتل عدة مئات إلى أكثر من 2000 شخص، معظمهم في أفغانستان وباكستان والصومال واليمن، وفقاً لجماعات حقوق الإنسان. وبما أن هذه العمليات تنفذ بسرية تامة، فإنه من المستحيل تقييم ما إذا كانت الولايات المتحدة تلتزم بمعايير القانون الدولي في تنفيذ عملياتها.

أثبت برنامج الطائرات بدون طيار الأميركي انه مسألة مثيرة للجدل للغاية، إذ أدى في أيار(مايو) الماضي إلى مقتل مسؤول يمني بسبب معلومات استخباراتية خاطئة. وفي باكستان، توترت علاقات الولايات المتحدة مع حليفها الرئيسي في الحرب على الإرهاب، وعلقت وكالة الاستخبارات المركزية مؤقتاً عمليات الطائرات بدون طيار في باكستان في محاولة لاصلاح العلاقات بين البلدين .

في هذا السياق، اشارت صحيفة الـ quot;فورين بوليسيquot; إلى أن قيادة الأمم المتحدة أبدت القليل من الاهتمام في تسجيل قلقها حول الممارسة المثيرة للجدل للعمليات العسكرية باستخدام طائرات بدون طيار، حتى قبل أن تشن الولايات المتحدة حربها على الإرهاب بعد أحداث 11 أيلول(سبتمبر).

في حين عبّر بعض حلفاء واشنطن عن قلقهم من نطاق حملة القتل التي سجلتها الولايات المتحدة باستخدام طائرات بدون طائرات، إلا أن أحداً منهم لم يبلغ الأمم المتحدة بقلقه، الأمر الذي ترك ايران كصوت وحيد نسبياً للاحتجاج على البرنامج، وذلك بعد أن استطاعت أن تسقط إحدى الطائرات الأميركية بدون طيار في مجالها الجوي في كانون الاول (ديسمبر) الماضي.

في الشهر الماضي، سئل الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في مؤتمر صحافي عقده في نهاية السنة عن وجهة نظره بشأن استخدام طائرات بدون طيار، وعما اذا هناك مخاوف من أن تستخدمها دول مثل ايران او روسيا، فاجاب: quot;ليس لدي الكثير لأقوله عن أي وسائل تستخدمها الدول الأعضاء، فهذا شيء تقرره الحكومات الوطنية والسلطات العسكريةquot;.

وفي حين قال بان انه يأمل أن تتصرف الدول ضمن حدود quot;اللوائح الدولية والتفاهماتquot;، اشار إلى أن يدرك quot;التطور السريع للتكنولوجيا، الذي أدى بكثير من البلدان إلى تطوير وسائلها العسكرية الخاصة في جمع المعلوماتquot;.

واعتبرت الـ quot;فورين بوليسيquot; أن تردد بان في التصدي لسياسة استخدام الطائرات بدون طيار، تقف على النقيض من سلفه كوفي أنان، الذي انتقد الجوانب الأخرى المثيرة للجدل في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على الارهاب، ولا سيما سياساتها حول الاحتجاز والتسليم.

أبقت نافي بيلاي، المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الامم المتحدة، على الصمت نسبياً عن برنامج الطائرات الأميركية بدون طيار، على الرغم من أنها أعربت عن قلقها إزاء قرار الرئيس باراك أوباما لترتيب عملية قتل تستهدف زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

وقال مساعدو بيلاي أن القانون الدولي لا يسمح باستخدام عمليات القتل المستهدف في سياق نزاع مسلح، إذ قال المتحدث باسم بيلاي، روبرت كولفيل، إن قضية الطائرات بدون طيار مسألة معقدة للغاية، وتعتمد على الظروف التي تستخدم فيهاquot;.

وأضاف: quot;عندما تستخدم في سياق نزاع مسلح، يجب أن تحترم جميع قواعد القانون الإنساني الدولي، وبعبارة أخرى نفس المعايير التي تنطبق على أي سلاح آخر. وعند استخدامها خارج سياق نزاع مسلح، فإن عدداً من القواعد والمبادئ العامة للقانون الدولي لحقوق الإنسان تصبح ذات صلة. وبما أن كل حالة تملك مجموعة خاصة بها من الحقائق، فمن الصعب بعض الشيء تعميم القواعد والقوانين على كل الحالاتquot;.

وتعتبر إدارة أوباما إن الطائرات بدون طيار سلاحاً مهماً في حملة الولايات المتحدة لمواجهة تنظيم القاعدة في الوقت الذي تنسحب فيه القوات الأميركية من العراق، وتستعد لتوسيع نطاق عملياتها من جديد في أفغانستان.

وقال جون برينان، مسؤول في البيت الأبيض لمكافحة الإرهاب، في خطاب ألقاه في حزيران(يونيو)، في مدرسة جامعة جونز هوبكنز للدراسات الدولية: quot;القاعدة تسعى لاستنزافنا من الناحية المالية عن طريق رسم حروب طويلة ومكلفة التي من شأنها تأجيج أيضاً المشاعر المناهضة لأميركاquot;.

وكان المسؤول الرسمي الوحيد في الأمم المتحدة الذي تصدى لقضية استخدام الطائرات بدون طيار في السنوات الأخيرة هو فيليب ألستون، استاذ قانون بجامعة نيويورك، الذي رفع تقريراً ينتقد غياب الشفافية التي تحيط باستخدام طائرات بدون طيار من قبل الأمم المتحدة.

وفي 16 كانون الأول (ديسمبر)، حاولت منظمة هيومن رايتس ووتش الضغط على الرئيس الأميركي باراك أوباما في هذا المجال، فبعثت برسالة تحثه على توضيح المبررات القانونية لعمليات القتل المستهدف، تطالبه بنقل سلطة القاء الأوامر بتنفيذ الضربات الجوية بواسطة طائرات من دون طيار، من وكالة الاستخبارات المركزية إلى الجيش الاميركي.

وقال المدير القانوني والسياسي في منظمة هيومان رايتس ووتش في بيانه إن quot;هجمات الطائرات بدون طيار أصبحت حدثاً شبه يومي تقريباً في جميع أنحاء العالم، لكن لا يعرف إلا القليل عن الذين قُتلوا وتحت أي ظروف quot;.

وأضاف التقرير: quot;الولايات المتحدة لديها سوابق مثيرة للقلق العميق وسوف تؤدي إلى استخدام برامج الطائرات بدون طيار من قبل الدول الأخرى، ومن دون اي مبررات، في ظل غياب الحظر القانوني الدولي تجاه هذه المسألةquot;.