أشرف أبوجلالة من القاهرة: تسعى حالياً وزارة الخارجية الأميركية إلى إحداث طفرة على الصعيد الأمني والشكلي للسفارات الأميركية المنتشرة حول العالم، وذلك عبر استعانتها ببرنامج بناء شامل لتلك المباني الدبلوماسية، التي تعبّر عن الكيان الأكبر في العالم خارج نطاق حدودها.
وقد افتتحت الولايات المتحدة في الشهر الماضي مبنى قنصليًا مجددًا تماماً في مومباي. ويعتبر ذلك المبنى الحديث المزود بواجهات زجاجية والمصمم بشكل صديق للبيئة هو المبنى الدبلوماسي رقم 88، الذي تفتتحه الولايات المتحدة للعمل خلال الاثني عشر عاماً الماضية، وهناك 40 سفارة وقنصلية أخرى في مرحلة التصميم أو البناء.
وأفادت في هذا السياق اليوم صحيفة واشنطن تايمز الأميركية أن هذا البرنامج القوي الحاصل على نطاق غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة قد تم دفعه في أعقاب التفجيرات، التي قام بها تنظيم القاعدة في العام 1998 واستهدفت السفارتين الأميركيتين في نيروبي في كينيا ودار السلام في تنزانيا، والتي راح ضحيتها 224 فرداً، من بينهم 12 من العاملين في كلتا السفارتين، وتعرّض الآلاف خلالها لإصابات مختلفة.
عقب تلك الهجمات، أضحى عدد كبير من السفارات الأخرى عرضة للخطر الأمني نفسه، وهو ما أثار مخاوف شديدة في ما خص الناحية الأمنية للآلاف من المواطنين الأميركيين، الذين يعملون في مناصب دبلوماسية خارج البلاد. وبإلحاح كبير، تم البدء في عدد من المباني الجديدة استناداً إلى قالب تصميم قياسي للمقاولين، تم وضعه على عجل من جانب مكتب عمليات البناء الخارجية التابع لوزارة الخارجية الأميركية.
تابعت الصحيفة بلفتها إلى أن السفارات الجديدة ستخرج إلى النور بأربعة أحجام مختلفة، (صغير ومتوسط وكبير وكبير للغاية)، وذلك بحسب أهمية العلاقة التي تربط بين الدولة المضيفة وبين الولايات المتحدة. وتم العمل بحيث تراعي تصميمات تلك المباني عنصر اللااختراقية من جانب المفجّرين الانتحاريين والشاحنات المتفجرة.
بينما أشار منتقدون، في المقابل، إلى أن البنايات الجديدة تمثل صورة زائفة لما يفترض أن تحققه الدبلوماسية على صعيد تعزيز العلاقات، فضلاً عن إظهارها أميركا بصورة سيئة. فعلى سبيل المثال، سبق للألمان أن انتقدوا بشدة مبنى السفارة الأميركية في برلين، الذي بدا صلباً ومكتئباً بعد الانتهاء من تشييده عام 2008، على مقرب من بوابة براندينبيرغ، التي تعدّ واحدة من أهم المواقع التاريخية هناك.
وفي واشنطن، اعترف السيناتور جون كيري بأنه شعر بالذل عندما شاهد بعض السفارات الجديدة، وتقدم عام 2010 بمشروع قانون، لم يتم تمريره، كان يطالب فيه وزارة الخارجية بأن تولي قدراً أكبر من الاهتمام بالتصميمات الخاصة بالمباني الجديدة.
وتابع كيري متحدثاً عن هذا الموضوع بقوله: quot;فنحن نقوم ببناء حصون حول العالم. وننأى بأنفسنا بعيداً عن الناس في تلك البلدانquot;. ومضت الصحيفة تشير في سياق متصل إلى أنه وبحلول العام المالي 2009، كانت الخارجية الأميركية قد أكملت 68 مشروعاً، بتكلفة قدرها 8.6 مليارات دولار.
أما التكلفة الإجمالية لكل المباني الدبلوماسية، التي يقدر عددها بـ 214، والتي هي بحاجة إلى أن يتم استبدالها، فهي ضعف ذلك المبلغ. وتقدر ميزانية العام المالي 2012 بـ 579 مليون دولار، من المنتظر أن يتم تخصيصها لتغطية المتطلبات الخاصة بـ 9 أو 10 مشاريع جديدة.
من جانبها، قالت كريستين فوشيه، مدير قسم الشؤون الخارجية في مكتب عمليات البناء الخارجية، إنه في الوقت الذي تستند فيه عمليات الإحلال والتجديد على الجانب المتعلق بضعف الجانب التأميني، وبينما يعدّ الأمن أولوية أولى، فإنه وبمجرد أن يتم إطلاق البرنامج، سيفكر كثيرون في داخل المكتب في أفضل طريقة لإصلاح عملياتنا.
وتابعت فوشيه حديثها بالقول quot;نظراً إلى الوقت الذي تستغرقه عملية التخطيط والبناء، فإننا لن نلمس التأثير الكامل للبرنامج قبل بضع سنوات. فالنهج الجديد نهج كلي، حقيقةً، في الحصول على أفضل قيمة مقابل المال، وكذلك التفوق في مجال التصميم، وهو نهج مختلف يضمن لنا تحسين كل الخطوات التي نقوم بها على هذا الصعيدquot;.
التعليقات