محمد علي مهتدي

شدد مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط في طهران محمد علي مهتدي على ضرورة قيام حلف ايراني تركي عربي في المنطقة، يحقق أمنها من خلال بناء أجواء ثقة تقوم على تنمية اقليمية مشتركة في جميع المجالات.


لندن: اعتبر مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط في طهران محمد علي مهتدي في حديث مع quot;إيلافquot; ان الظروف الحالية في المنطقة تستدعي قيام حلف ايراني تركي عربي يحقق أمن المنطقة كلها والتوصل إلى صيغة تحافظ على أمن جميع دولها من خلال بناء أجواء ثقة تقوم على تنمية اقليمية مشتركة في جميع المجالات.

وشدد مهتدي مستشار المركز المقرب من وزارتي الخارجية والارشاد الايرانيتين والذي تأسس عام 1988 وهو الوحيد المعني في شؤون الشرق الأوسط في ايران، وشدد على ان تركيا وايران مطلوب منهما لعب دور في مواجهة خطر تفجر صراع طائفي في العراق لأن من مصلحتهما تحقق أمن واستقرار هذا البلد وقال انه بعد الإنسحاب الأميركي من العراق فإنه من الضروري استئناف اجتماعات دول الجوار المتوقفة وذلك من اجل مساعدة العراق على النهوض وتحقيق الاستقرار .

وفي ما يلي ما جاء في الحديث :

كيف تنظرون إلى العلاقات العراقية الأميركية بعد الإنسحاب وهل ترى ان التاثير الأميركي على بغداد سيخف مستقبلا؟

صحيح ان الأميركيين انسحبوا عسكريا من العراق، لكنهم تركوا بذور الشقاق بين العراقيين، وصحيح أنهم لم يستطيعوا تحقيق كل اهدافهم من وراء احتلال العراق ووضع ايديهم على نفطه انطلاقا من معرفتهم بأهميته للاقتصاد الأميركي والأوروبي، ولم يستطيعوا تحقيق رغباتهم في الإبقاء على قواعد عسكرية في العراق وضرب التجربة الإسلامية في ايران، او اسقاط النظام السوري، لكنهم ارادوا ان يضعوا العراق تحت كماشة قوات حلف الناتو ثم يأتي بعد ذلك دور ايران، ليحاصروها بين قوات الناتو في افغانستان والقوات الأميركية في العراق والقواعد الأميركية في بعض دول الخليج. ولأن المقاومة في العراق تمكنت من مواجهة الأميركيين الذين فشلوا في القضاء عليها، وظلت ايران تقاوم مشاريعهم التوسعية في المنطقة وفشلوا في لبنان، وبعد تفجر الأزمة الاقتصادية العالمية وتصاعد الإحتجاجات داخل الولايات المتحدة ضد حرب العراق، فكل هذه العوامل أرغمت الادارة الأميركية على اتخاذ قرار الإنسحاب.

اميركا احتلت العراق بين عامي 2003 و2011 واصطحبت معها الشركات الأميركية الأمنية والتجارية وعملاء اسرائيل ودمرت كل شيء، ومن دون شك فإن لها الان في العراق خلايا أمنية مخابراتية في جميع أنحاء البلاد وبين كل الطوائف وبإمكانها تحريكهم للقيام بعمليات ارهابية مرةً ضد السنة واخرى ضد الشيعة، لخلق معارك بين الجانبين، وهنا الخطر لأن الأجهزة الأمنية العراقية ما زالت ضعيفة وغير قادرة على مواجهة هذه الخلايا .

ولذلك فإن الخطر الذي يواجه العراق في مرحلة ما بعد الإنسحاب الأميركي ويهدد العراق هو الصراع الداخلي بين المكونات العراقية وخاصة الشيعة والسنة وهو ما يحصل الآن ايضا في سوريا ولبنان وهو امر يكشف ويؤكد وجود مؤامرة اميركية صهيونية ضد المنطقة.


هناك مخاوف من توسع النفود الايراني في العراق بعد الإنسحاب الأميركي، كيف ترى مستقبل العلاقات العراقية الايرانية خلال المرحلة المقبلة؟

ان التدخل الايراني في العراق quot;أسطوانة مشروخةquot; تغذيها اميركا عدوة ايران وتستخدمها شماعة تعلق عليها جميع الاتهامات ضد ايران التي لا تملك اي جيش او مخابرات في العراق، فهي لها سفارة وقنصليتان في اربيل والبصرة والعمل هنا دبلوماسي معروف يقوم بالإشراف على دخول آلاف المواطنين الايرانيين القادمين إلى العراق يوميا لزيارة المراقد المقدسة.

لذلك، ولأن العراق له اطول حدود مع ايران فمن المهم لها امن واستقرار العراق لأن وجود عراق غير مستقر سيشكل بؤرة لانتشار الجراثيم الأمنية والعقائدية المعادية في المنطقة وبما يهدد الأمن القومي الايراني، وفي حالة العراق عندما تكون الدولة ضعيفة تدخل اليها كل المجاميع الهدامة والتكفيرية والعميلة وهذا سيساعد عليه الانقسام بين الشركاء في العملية السياسية الجارية في العراق.

وبعد الإنسحاب الأميركي من العراق انتعشت الدعايات، زاعمة توسع نشاط المخابرات الايرانية في هذا البلد وانها تشرف على فرق مسلحة عراقية وهذه كلها تمثل احقادا ضد ايران ودعاية رخيصة، فضد من كل هذا النشاط اذا كان الأميركيون قد انسحبوا، ولماذا هذا التدخل؟ ان ايران لا تريد للعراق غير الاستقرار والوئام وهي لا تستخدمه ساحة صراع ضد اميركا لان احترام سيادة العراق والحفاظ عليها امر مهم لها.

هل تعتقد ان الظروف الحالية في المنطقة مهيأة لحلف ايراني عراقي سوري؟ وهل تعتقد ان مثل هذا الحلف يمكن ان يشعل المنطقة طائفيا؟

ان المشروع الايراني في المنطقة ليس في صالح هذا الحلف وانما التخلص من الأمن المستعار الذي يمثله وجود القوات الاجنبية والتوصل لصيغة تعايش بين دول المنطقة من اجل الحفاظ على امنها ومصالحها. ان الحلف الذي تحبذه ايران وهو خلق حلف تركي ايراني عربي، واذا تحقق مثل هذا الحلف فالأمن الجماعي في المنطقة سيكون مضمونا. ولكن هذا الحلف بانتظار نتائج التطورات الحاصلة في بعض الدول العربية على ضوء انتفاضاتها الشعبية وحتى تأخذ الشعوب بزمام امورها وهو امر ما زال يواجه مقاومة اميركية اسرائيلية. وبعدها يمكن أن تتوفر فرصة لهذا الحلف الايراني التركي العربي ليكون مشروعا مستقلا عما يروج له من حلف لهلال شيعي او هلال سني.

هل تعتقد ان الأزمة السياسية التي يشهدها العراق حاليا اثر الإنسحاب الأميركي قد تتطور إلى نزاع او اقتتال طائفي؟

لا اعتقد ان تفجر الأزمة الحالية في العراق سببه الإنسحاب الأميركي، فهي ليست سياسية وانما قضائية تتعلق بالتهم الموجهة إلى نائب الرئيس طارق الهاشمي بقضايا ارهاب. والهاشمي هو الذي حوّل القضية إلى سياسية وطائفية بين الشيعة والسنة مع ان اللجنة القضائية التي حققت في قضيته تضم شيعة وسنة واكرادا، وبما ان القضية قضائية فليس هناك من وارد لتفاهم او صفقة سياسية لأن هذا سيعني ضربة للقضاء العراقي وهنا المأزق، لأنه لو كانت القضية سياسية فيمكن التوصل إلى حل لها بالحوار والتفاهم بين السياسيين. ولذلك فإن الجميع في مأزق ومن الخطأ تصوير القضية على أنها طائفية لأن استفزاز الطوائف الأخرى بمثل هذا الكلام يضرّ بالوضع العراقي كله.

ماهي الأسباب التي تعتقد انها تقف وراء تخوف دول المنطقة وخاصة الخليجية من عراق ما بعد الإنسحاب الأميركي؟

دول الخليج تعودت استخدام العراق ضد ايران او العكس، لأنها تعتقد ان ايران او العراق قوتان يمكن لكل منهما تهديد أمن الخليج، فدوله إما تلجأ إلى استقدام قوات خارجية او ممارسة سياسة احتواء مزدوج للعراق وايران، لذلك فهم يتخوفون من اي تقارب عراقي ايراني. ولكن نحن في ايران نقول ان هذا غير صحيح وينطلق من تأثيرات أجنبية وايران ترى ضرورة للتوصل إلى صيغة تحافظ على أمن جميع دول المنطقة من خلال بناء اجواء ثقة بين جميع الاطراف في المنطقة تقوم على تنمية اقليمية مشتركة في جميع المجالات، لكن هذا لم يحدث مع الأسف بسبب التأثيرات الخارجية وخاصة من قبل اميركا وبريطانيا اللتين لم تسمحا للخليجيين بذلك.

كيف ترى مستقبل العراق في ظل كل هذه التداعيات؟

نتمنى ان يكون هناك اتفاق بين الفرقاء العراقيين حتى يستطيع العراق الانطلاق إلى بناء دولة قوية واعادة بناء ما دمرته الحروب السابقة، كي يقيم علاقات حسن جوار ودية مع جميع جيرانه في تركيا وايران والسعودية وسوريا والكويت والاردن، وهذه الآمال يعكرها وجود تشاؤم منخلال امكانية تحريك الخلايا الأميركية والاسرائيلية لتخريب العلاقات بين مكونات الشعب العراقي، وايجاد عصبيات سنية شيعية كردية عربية وهذه يجب أن يحسب لها حسابها والوقوف بوجهها حتى لا تعود الحرب الأهلية إلى العراق وتتجه به إلى التقسيم وهو ما سيكون في صالح اميركا واسرائيل.

وهذا الأمر يجب ان تلعب تركيا وايران دورا لمواجهة خطره للحيلولة دون تفجر الصراع الطائفي، لأن من مصلحة البلدين تحقق امن واستقرار العراق. واليوم وبعد الإنسحاب الأميركي اعتقد انه من الضروري استئناف اجتماعات دول الجوار التي توقفت خلال السنتين الأخيرتين وذلك من اجل مساعدة العراق على النهوض وتحقيق الاستقرار.

لماذا تتخوف ايران من وجود معسكر اشرف لعناصر منظمة مجاهدي خلق المعارضة في العراق والذي يبدو انه يشكل صداعا للسلطات الايرانية رغم انه لا يضم سوى 3400 فرد بينهم الف من النساء والاطفال؟

سكان معسكر اشرف ارهابيون فجروا وقتلوا في ايران، واستخدمهم الرئيس العراقي السابق صدام حسين ادوات في العدوان على ايران وفي ضرب معارضيه في العراق من الشيعة والاكراد، لكن الحكومة العراقية الآن تريد إنهاء المعسكر لأنه يشكل جزيرة مستقلة خارج السيادة العراقية، وبما يضرب سيادة العراق على جميع اراضيه. فهؤلاء يمثلون دولة داخل الدولة العراقية وامرهم يعود إلى السلطات العراقية التي تريد بسط سيطرتها على جميع أنحاء البلاد.

ايران لا شأن لها بهذا الموضوع ولا تمارس اي ضغوط على الحكومة العراقية في هذه القضية، وعناصر معسكر اشرف تستخدمهم الأجهزة الأمنية الغربية للتجسس على ايران، وجمع المعلومات عنها، والحكومة الايرانية راضية عن اجراءات السلطات العراقية ازاء وجود معسكر اشرف وضرورة نقل اعضائه إلى دول اخرى خارج العراق.