بدأت بوادر أزمة بين هيئة مكافحة الفساد السعودية ووزارة الصحة بعد إعلان الأولى اكتشاف اختلاسات وتلاعب، إلا أن الصحة أكدت أنها هي من بلغت، فيما ما زال المواطنون السعوديون ينتظرون ما هو أكثر مما أعلنته الهيئة.


مبنى هيئة مكافحة الفساد وفي الإطار رئيس الهيئة محمد الشريف

الرياض: بعد طول انتظار وترقب بدأت هيئة مكافحة الفساد في السعودية بكشف أول حالة فساد منذ إنشائها الأسبوع الفائت، كان ضحيتها أمين مستودع يعمل في مديرية الشؤون الصحية في إحدى المحافظات بالمشاركة مع عشرين شخصية من جنسيات مختلفة.

وبحسب الهيئة، فإن المتهمين يقومون باختلاس وسرقة لكميات كبيرة من اللقاحات والأمصال والأدوية والأجهزة الطبية بملايين الريالات من مستودعات مديرية الشؤون الصحية في إحدى المحافظات بعد أن تلقت معلومات من مصادر رسمية عن ملاحظة ترويج بعضها في السوق وبيعها لبعض المستشفيات والمراكز الصحية الأهلية بعد طمس شعار الـتأمين الموحد لدول مجلس التعاون الخليجية (S.G.H.) من بعضها وشعار وزارة الصحة من بعضها الآخر.

إلا أن quot;محاسبة كائنا من كانquot; التي أعلنها العاهل السعودي عند صدور القرار وارتباط عملها بشكل مباشر به، جعل بدايات أداء الهيئة صادمة ولم ترتق للطموحات والآمال المنعقدة عليها، وذلك لارتفاع سقف التوقعات لدى المواطن للإطاحة بمسؤولين نافذين في الدولة عاثوا في الأرض فساداً دون وجود رادع يمنعهم من فعل ذلك.

بالإضافة إلى حالات الفساد التي حصلت خلال الأعوام الماضية وأحدثت صدى وتذمرا لدى عامة الشعب وما زالت مستمرة ولم يتم إيجاد حل لها حتى وقتنا الحاضر على الرغم من تضرر الدولة والمواطن، كالمشاريع المتعثرة وتلاعب تجار المقاولات في مقدرات البلاد، وتعطل المساهمات العقارية ما أدى إلى ضياع حقوق الآلاف، إضافة للعديد من الجهات الخدمية الأخرى.

وهذا ما جعل المواطن يخشى أن تسير هيئة مكافحة الفساد على خطى الجهات الرقابية الأخرى في البلاد التي اكتشفت أكثر من 58 آلف حالة فساد إدارية ومالية خلال الأعوام الخمسة الماضية حسب التقارير الصحافية المذكورة، ولكن لم تكن وفق التطلعات التي يطمح إليها الشارع السعودي،ولم تخفض من الفساد المستشري الذي يضرب أطنابه في عدة جهات حكومية.

بيد أن تصريح رئيس هيئة مكافحة الفساد محمد الشريف في وقت سابق بعدم النظر في قضايا الفساد التي حدثت قبل إنشاء الهيئة بددت أمال المواطنين وزادت من تخوفهم لعدم التطرق لقضايا تضرر منها ولم يتم محاسبة الفاسدين عليها.

وكانت وزارة الصحة أصدرت بياناً توضيحياً بعد 24 ساعة من إعلان الهيئة عن الكشف عن أولى حالات الفساد أكدت أن الوزارة هي من بادرت وكشفت الحالة ومن ثم تم إحالتها على الهيئة للتحقيق، وهذا ما ينذر عن وجود أزمة بين الجهتين وذلك لتبني الهيئة للقضية دون ذكر الطرف الآخر، وينذر كذلك بوجود حساسية بين الجهات الحكومية في عملية مراقبتها .

فيما رفض رئيس الهيئة محمد الشريف في مداخلة هاتفية لبرنامج quot;ياهلاquot; بقناة روتانا خليجية، الحديث عن هذا البيان الصادر من وزارة الصحة لأن الهيئة تقدر العلاقة بينها وبين الجهات المشمولة بمراقبتها لأنهم يعولون عليهم آمالا كبيرة في التعاون معهم، لافتاً إلى أنه ربما يصدر بيان من الهيئة حول هذا الموضوع في الأيام القادمة.

وحول تذمر المواطنين ومطالباتهم بالتشهير في المخالفين قال:quot; قضايا التشهير لابد أن يصدر فيها أمر قضائي إذا تضمن حكم القاضي التشهير تم ذلك، ويمكن للادعاء المطالبة أن يكون الحكم التشهيرquot;، مشدداً على أنهم جهة ضبطية وليست تحقيقيةquot;.

المحامي أحمد الراشد قال في حديث مع quot;إيلافquot; :quot;إن نظام الهيئة يتكون من 17 مادة وثلاثة أرباعه يتحدث عن نظامها الداخلي ولم يتم صدور اللائحة الخاصة للتعامل الجهات الحكومية في حالة المخالفة على الرغم من مرور 9 أشهر على إنشائها وتعتبر هذه مشكلة أخرىquot;.

وأشار إلى أن النظام الحالي للهيئة يعتبر عاجزا وتوجد لديها إشكاليات ويحتاج إلى أقوى منه، وأن دورها يعتبر ضعيفا لأن عملها مقتصر في الكشف عن الحالات ومتابعتها دون التحقيق فيهاquot;.

وحول عدم البحث عن قضايا الفساد التي حدثت قبل إنشاء الهيئة بحسب تصريح رئيسها قال:quot; في حال حدوث قضايا فساد لاتسقط مع مرور الزمن بالتقادم ويحق لها التحقق فيها وهذا نظام مطبق في الدولةquot;.

وعن بداية أداء الهيئة أكد الراشد أن الموظفين لم يكتملوا، ويعتبرون قلة ولا يغطون جميع أنحاء المملكة وأمامها مشوار طويل وعوائق كثيرة لاجتيازها وتحتاج إلى مختصين قانونيين ذوي خبرة في مجال الفساد المالي والإداري لمساعدتها على تنفيذ عملها على أكمل وجه.

وكان رئيس الهيئة محمد الشريف أعلن في حديث إذاعي سابق أن الخطوط الهاتفية المخصصة لتلقي البلاغات عن قضايا الفساد بدأت تزدحم بالاتصالات، ولذلك تعمل quot;الهيئةquot; على زيادة عدد الموظفين الذين يستقبلون الاتصالات.

وشدد على أنه يجب على المواطن أو المبلّغ التأكد من واقعة الفساد قبل التوجه للهيئة، لأن إطلاق التهم من دون قرائن ووثائق يعد من الشكاوى الكيدية، التي يكون الهدف منها الإساءة لأشخاص معينين أو أجهزة معينة، وستكون هناك عقوبة لكل من يحاول الإساءة للأشخاص عن طريق الهيئة، وذلك بحسب ما يثبت من نية المبلّغ، وبحسب درجة الإساءة، فدرجة الإساءة عندما يقول إن هذا الشخص فاسد تختلف عمن يقول هذا الإنسان خائن، ومن تتأكد الهيئة من محاولته تشويه سمعة الآخرين، يُحقَّق معه ويُجازَى وفقاً لما ينتهي إليه التحقيق.

وأكد قرب اعتماد ضوابط عمل هيئة مكافحة الفساد، التي سيكون منها إعداد قواعد لحماية النزاهة تتضمن مكافآت مادية ومعنوية لمن يدلون ببلاغات صادقة عن قضايا فساد.

وتباينت أراء السعوديين في مواقع التواصل الاجتماعي حول هذا الإعلان إذا عبر الكاتب الصحافي في جريدة الوطن فهد الدغيثر عبر صفحته في تويتر أن قضية الأدوية المسروقة بصراحة ليست انجازا إذا كانت العصابة تطمس عبارات على العلبة بطريقة فاضحة أي شخص يستطيع كشفهم.

أما الروائي والكاتب الصحافي في جريدة الجزيرة يوسف المحميد استغرب عبر تويتر عن أن تكشف الهيئة اختلاس لقاء وأدوية من مستودعات الصحة، وانه بعد سنة من إنشاء الهيئة لم تكتشف سوى هذه السرقة.

ويبلغ عدد العاملين في الهيئة ما يقرب 80 موظفا، وبحسب الميزانية المخصصة للتوظيف في الهيئة سوف يبلغون مع نهاية السنة إلى 250.