على ذمة أحد المسؤولين الليبيين، بشار الأسد هو المسؤول عن موت معمر القذافي، إذ قدّم للفرنسيين رقم هاتفه الفضائي فأطبقت عليه استخباراتهم وقتلته، لأن هذا ما أراده الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.

صلاح أحمد، وعبدالاله مجيد:قالت مصادر مطلعة إن الجواسيس الفرنسيين الذين كانوا يعملون في سرت، ملاذ القذافي الأخير، تمكنوا من إصطياد الدكتاتور الليبي بعد حصولهم على رقم هاتفه الفضائي من النظام السوري. ونقلت صحيفة ديلي تلغراف عن مسؤول استخباراتي سابق في طرابلس إن الرئيس السوري بشار الأسد غدر بنظيره المستبد من أجل أن يبقى هو في السلطة.
الأسد والقذافي في عناق ودي
وبحسب المسؤول الاستخباراتي السابق رامي العبيدي، أعطى الأسد باريس رقم هاتف القذافي مقابل تخفيف الضغوط الفرنسية عليه بعد تحول الاهتمام الدولي من ليبيا الى الأهوال المتعاظمة في سوريا. وقال العبيدي لديلي تلغراف: quot;مقابل هذه المعلومات حصل الأسد على وعد من فرنسا بتخفيف الضغط السياسي عليه، وهذا ما حدث حينهاquot;.
استخبارات أجنبية
جاء ما كشفه العبيدي، الذي كان مسؤول شؤون الاستخبارات الخارجية والعسكرية في المجلس الانتقالي الليبي، بعد تصريحات محمود جبريل رئيس وزراء المجلس سابقًا وزعيم أكبر الكتل السياسية في ليبيا حاليًا، اكد فيها ضلوع عميل لمخابرات أجنبية في مقتل القذافي من دون أن يحدّد جنسيته.
وتبعا لخبر، أوردته صحيفة laquo;ديلي ميلraquo; البريطانية، فقد تمكن هذا العميل من التغلغل في صفوف المجموعة التي كانت تعتدي بوحشية على العقيد إثر اعتقاله العام الماضي وأطلق عليه رصاصة من مسدسه في رأسه فأرداه قتيلا.
أما الدافع لهذا العمل، كما يقول المصدر المطلع، فهو laquo;منع القذافي من إفشاء أسراره خلال التحقيق معه وبضمنها خبايا علاقاته مع الرئيس الفرنسي السابق والأموال التي أغدقها عليه شخصياraquo;. ومعلوم ربما أن عددا من الزعماء الأوروبيين الغربيين، أبرزهم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير - أقاموا صلات وثيقة مع العقيد وزاروه في خيمته مرارا انطلاقا من حرصهم على مختلف العقود التجارية معه.
فثمة اتهامات تُوجه لساركوزي، الذي خاطب القذافي بعبارة laquo;القائد الشقيقraquo; خلال زيارة دولة قام بها هذا الأخير لباريس، وتقول إنه تلقى منه ملايين الدولارات لتمويل حملته الانتخابية الرئاسية في 2007. وقالت الصحيفة البريطانية إن نظرية المؤامرة هذه ستحمل مضامين هائلة بالنسبة إلى الحكومة البريطانية التي أرسلت سلاحها الجوي لقصف طرابلس رغم أن الهدف المعلن كان هو laquo;إنقاذ أرواح المدنيينraquo;!.
وبالطبع فقد كان laquo;إنقاذ أرواح المدنيينraquo; حجة للالتفاف على قرار الأمم المتحدة القاضي فقط بحظر الطيران في الأجواء الليبية ويمنع التدخل بأي شكل كان في الصراع على الأرض بين القذافي والقوات الثائرة عليه. لكن المعروف ايضا هو أن سقوط العقيد ونظامه في نهاية الأمر تم بفضل القصف الجوي اليومي ونشاط laquo;الخبراء العسكريينraquo; على مسارح المعارك من لدن القوى الغربية خاصة فرنسا وبريطانيا.
ونقلت صحيفة كوريري ديلا سيرا الايطالية عن دبلوماسيين غربيين في طرابلس قولهم: quot;إذا كان ثمة عميل أجنبي ضالع في مقتل القذافي فمن المؤكد أنه عميل فرنسيquot;.
ولاحظ مراقبون أن نبأ الصفقة تلك مع النظام السوري قد يحرج حلف شمال الأطلسي، الذي ادعى في البداية أن قواته لا تستهدف أفرادًا.
بحسب الرواية الرسمية للحلف الأطلسي، رصدت طائرة استطلاع تابعة للسلاح الجوي الملكي البريطاني موكبًا كبيرًا من العربات يحاول الفرار إلى سرت في 20 تشرين الأول (اكتوبر) بعد شهرين على هروب القذافي من طرابلس. فقامت طائرات الحلف بقصف الموكب من دون أن تعلم من كان فيه، قبل أن يعثر مقاتلون ليبيون على القذافي مختبئًا في أنبوب لتصريف المياه، ليقتلوه فورًا.
ويتخذ هذا بعدا دراميا هائلا له في حقيقة أن شابا ليبيا يدعى بنعمران شعبان (22 عاما) - كان قد ظهر على هذا الشريط ملوّحا بمسدس قال إنه قتل به القذافي - لفظ أنفاسه الأخيرة في باريس يوم الاثنين الماضي. وكان أنصار القذافي قد اعتدوا على هذا الشاب في يوليو / تموز الماضي. لكنه نُقل لاحقا لتلقي العلاج في باريس التي بقي فيها حتى وفاته متأثرا بجراحه تلك.
عملية فرنسية حصرًا
قال العبيدي إن فرنسا هي التي دبرت العملية أساسًا بإرشاد المقاتلين الليبيين إلى موقع كمين نُصب للقذافي لاعتراض موكبه. وأشار إلى أن فرنسا لم تكن مهتمة بالقذافي بعد القبض عليه، لكنها شجعت المقاتلين على القبض عليه حيًا.
وأخبر العبيدي ديلي تلغراف بأن الاستخبارات الفرنسية قامت بدور مباشر في قتل القذافي لأنهم quot;اعطوا التوجيهات باعتقاله ولم يكترثوا إن كان سيُدمى أو يُضرب طالما انه سيُعتقلquot;.

معمر القذافي لحظة اعتقاله واغتياله من قبل الثوار الليبيين

بدأت الاستخبارات الفرنسية تراقب هاتف القذافي الفضائي، بعد الحصول عليه من النظام السوري، وتمكنت من تحقيق اختراق بالغ الأهمية عندما اتصل بأحد المسؤولين الكبار الموالين له.
وعلى الرغم من إبلاغ ضباط الاستخبارات العسكرية التركية والبريطانية الذين كانوا في سرت بمخطط الكمين، إلا أنهم لم يقوموا بأي دور في quot;عمليةٍ فرنسية حصرًاquot;، على حد تعبير العبيدي.
ساركوزي أراده ميتًا
بعد مقتل القذافي، اختلف العبيدي مع أقوى جناح في المجلس الانتقالي الليبي، بسبب علاقته باللواء عبد الفتاح يونس، القائد العسكري للثوار الليبيين الذي قُتل في تموز (يوليو) العام الماضي، ويُعتقد أن عناصر من داخل صفوف الثوار قاموا باغتياله. إلا أن هذا الخلاف لم يكن سببًا في إزاحة العبيدي من مسؤوليته عن الاستخبارات.
ونقلت كوريري ديلا سيرا عن مصادر قولها إن أحد أسباب الدور القيادي الذي قامت به الاستخبارات الفرنسية في مقتل القذافي كان رغبة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي في رؤيته ميتًا، بعدما هدده الزعيم الليبي السابق علنًا بكشف تفاصيل المبالغ المالية الكبيرة التي تبرع بها لحملة ساركوزي الانتخابية عام 2007. وقال دبلوماسيون غربيون quot;إن أسباب ساركوزي للتخلص من العقيد بأسرع وقت ممكن كانت وجيهة للغايةquot;، بحسب الصحيفة الايطالية. إلا أن متحدثًا باسم وزارة الخارجية الفرنسية رفض تأكيد أو نفي ما أوردته كوريري ديلا سيرا.

خسارة ساركوزي

يذكر أن ساركوزي - الذي خسر انتخابات مايو / ايار الماضي الرئاسية لمرشح الاشتراكيين فرانسو هولاند - ظل ينفي تلقيه أي أموال من الزعيم الليبي الراحل. ويذكر أيضا أن سلسلة من المتاعب القضائية مازالت تلاحقه وكلها يتعلق بالفساد المالي.