يُعد الملياردير اليهودي جاك روزان قبانة الميزان في حسم أصوات اليهود الاميركيين لصالح اوباما في الانتخابات المرتقبة، واعتمد روزان على ذلك حينما وجه انتقاداته للرئيس الاميركي على مواقفه من إسرائيل، وكشفت معطيات عبرية علاقات الملياردير اليهودي بزعماء العالم، بالإضافة إلى الرئيس الليبي السابق.


بات الملياردير اليهودي الاميركي جاك روزان كلمة السر في حسم أصوات يهود الولايات المتحدة لصالح المرشح الديمقراطي باراك اوباما، فرغم تحفظ يهود الولايات المتحدة على اداء الرئيس الاسود في قضايا داخلية وخارجية، إلا ان روزان المقرب جداً من اوباما ومعظم رؤساء الولايات المتحدة السابقين، يرى في حديث لصحيفة هآرتس العبرية ان الرئيس ذا الاصول الافريقية، سيحصل على اصوات 70% من اصوات اليهود الاميركيين، وان فرص نجاح المرشح الجمهوري ميت رومني ستكون ضعيفة.

تحفظات على أصول اوباما

لم تكن تكهنات الملياردير اليهودي مجرد توقعات رجل مخضرم، ساقته علاقاته المتشعبة الى قياس مدى تأييد الناخبين لمرشح رئاسة، وإنما اعتمد جاك روزان على قراءة واعية لواقع العلاقة بين يهود الولايات المتحدة وباراك اوباما، إذ يؤكد أن كثيراً من يهود الولايات المتحدة لهم تحفظات على اصول اوباما الافريقية والإسلامية، ولا يتجاهلون ابداً التصاق اسم والده quot;حسينquot; باسمه، ولا يستنكفون الحديث عن بشرته السوداء، التي دخلت البيت الابيض للمرة الاولى في تاريخ الولايات المتحدة، غير انه لابد من التأكيد ان هؤلاء اليهود هم اعينهم الذين صوتوا للمرشح ذاته باوصافه ونعوته نفسها.

كما اعرب روزان عن توقعاته بأن يهود الولايات المتحدة لن يصوتوا بنسبة 75% لصالح المرشح الديمقراطي في انتخابات 2012، وإنما ستقل النسبة لتصل الى 70% فقط، فاليهود الاميركيون جزء من نسيج الولايات المتحدة، وسيصوتون لصالح صاحب التأثير الايجابي على حياتهم وحياة اسرهم.

خلال الاشهر الاخيرة ظهر الملياردير الاميركي اليهودي جاك روزان في كل مكان في الولايات المتحدة، وخلال كلمة الرئيس باراك اوباما في مؤتمر الحزب الديمقراطي، التقطت الكاميرات صوراً له وهو يجلس مزهواً بنفسه في مقصورة نائب الرئيس الاميركي جو بايدن، وقبل ذلك بأيام قليلة تبادل روزان احاديث طويلة مع الرئيس الاميركي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولم يترك الفرصة لاوباما ليختلي بنفسه بعد خطابه المطول، وإنما التقطه امام الحضور ليعلق على بعض ما جاء في الخطاب، وحدث الشيء نفسه حينما حلّ ضيفاً على العشاء، الذي اعده اوباما لعدد من زعماء العالم في فندق quot;والدورف استورياquot; في نيويورك، وسرعان ما التقى اوباما لعدة مرات في واشنطن، وشارك في العديد من الحفلات المخصصة لدعمه، كما استضاف الرئيس عينه والعديد من الشخصيات اليهودية البارزة في قصره الفاره في مانهاتن.

وبحسب هآرتس، يعد جاك روزان من اقوى الاصوات اليهودية في الولايات المتحدة تأثيراً ونفوذاً، ليس على الرئيس باراك اوباما فقط، وانما على كافة رؤساء الولايات المتحدة السابقين، على الرغم من ذلك إلا انه يعتبر quot;رجل ظلquot; لا يعرفه كثير من الساسة والمحللين، وعن اوباما يقول روزان: quot;انه ليس سياسياً متسلقاً، كما انه لا يهوى ترتيب علاقاته الشخصية على المعانقة وتوزيع القبلات، فهو انسان يتمتع بمميزات خاصة، مفعم بالحرارة والنشاط، يمكنك ان تشرب معه البيرة، عندما زارني في منزلي حرص ان يلهو مع احفادي لمدة 20 دقيقة كاملة، وعندما التقيته في البيت الابيض منذ بضعة اشهر، كان حريصاً على ان يحكي لزوجته ميشال، ان احد احفادي ابلغه برغبته ان يكون بديلاً له على مقعد الرئاسةquot;.

دعوة لتحسين العلاقات مع نتنياهو

لم يخف روزان خلال لقائه الاخير ولقاءاته السابقة مع اوباما، تحفظه وانتقاده لمواقف عديدة اتخذها الرئيس الاميركي، خاصة ما يتعلق منها بتردي علاقته برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، ودعاه الى تحسين علاقته برئيس الوزراء الاسرائيلي، كما تعهد بذلك مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فلم يجد اوباما امامه بداً من التعهد بالحفاظ على امن اسرائيل، مشيراً الى ان هناك خلافات في وجهات النظر مع نتنياهو، إلا ان ذلك لا ينطوي على مواقف شخصية، وأضاف مازحاً: quot;بيني وبين زوجتي خلافات في وجهات النظر، فما المشكلة اذاً؟quot;.

اهمية لقاء روزان الاخير مع اوباما، لم تقتصر على توجيه بعض الانتقادات للرئيس الاميركي والرد عليها او تبريرها من جانب الاخير، وانما جاءت في وقت هيمن غضب الطائفة اليهودية في الولايات المتحدة على اوباما، على خلفية ما وصفته صحيفة هآرتس على لسانهم بسياسة الرئيس الاميركي المناهضة للحكومة الاسرائيلية، الامر الذي حمل معه مؤشرات سلبية تشي باحتمالات عزوف اليهود عن دعم اوباما في انتخابات 2012، لكن زيارة روزان جاءت في الوقت المناسب، فرفعت اجواء المقاطعة السياسية التي كانت من نصيب اوباما لولا تدخل الملياردير اليهودي.

لم يكن اوباما اول رئيس اميركي يقيم معه جاك روزان علاقة صداقة حميمة، فكانت له علاقات من هذا النوع مع سلفه الجمهوري جورج دبليو بوش، وأعرب في اكثر من مناسبة عن تقديره وامتنانه لوقوف بوش الى جانب اسرائيل سياسياً واقتصادياً وربما عسكرياً، وكان روزان من اقوى الداعمين مادياً لحملة بوش الانتخابية في عام 2004، ووصفت صحيفة quot;فوروردquot; اليهودية روزان بأنه اكثر الشخصيات اقتراباً من بوش في العالم اليهودي المنظم، ووصلت العلاقة بين روزان وبوش بأن الاخير كان يناديه بـ quot;روزيquot;، كناية عن قوة علاقة الصداقة بينهما.

القذافي وولي عهد ابوظبي

طالت علاقات الملياردير اليهودي العديد من زعماء العالم، خاصة اولئك الذين كانوا على خلافات مع الولايات المتحدة، وجاء في مقدمهم رئيس كوبا quot;فيدل كاستروquot;، إلا ان الرئيس الباكستاني السابق برفيز مشرف كان اكثر استجابة لمطالب روزان، وبحسب هآرتس تمكن الاخير من اقناعه بالقاء خطاب تاريخي امام مؤتمر الكونغرس اليهودي، وكان روزان يترأس في حينه الكونغرس، وبفضل العلاقات العميقة بين الرجلين، نجح روزان في ترتيب لقاء بين سفير اسرائيل لدى الامم المتحدة quot;رون بروسؤورquot;، ونظيره في الخارجية الباكستانية، وقاد هذا اللقاء الى اجتماع آخر بين وزير الخارجية الاسرائيلي حينئذ سيلفان شالوم ونظيره الباكستاني.

علاقات روزان متشعبة للغاية وشملت مختلف دول العالم، إلا انه يتحفظ كثيراً عند الحديث عنها، ويؤكد لقاءه اكثر من مرة بالزعيم الليبي السابق معمر القذافي، وحل عليه ضيفاً في خيمته الشهيرة بمدينة طرابلس، وكان الملياردير اليهودي ممثلاً عن الادارة الاميركية في تلك الزيارة، كما احتلت القضية الايرانية موقع الصدارة في مباحثات اللقاء.

كما يحتفظ روزان بعلاقات مماثلة مع قيادتي ماليزيا واندونيسيا، كما زار اكثر من مرة كوريا الشمالية، ونقل لتل ابيب رسائل طلبت فيها بيونغ يانغ ايفاد طلبتها لدراسة الزراعة في اسرائيل، كما يتمتع روزان بعلاقات صداقة مع زعماء افارقة من بينهم رئيس الغابون quot;علي بونغو اونديمباquot;، وقبل عامين استغل روزان علاقاته لاقناع الغابون بالتصويت في مجلس الامن الدولي، لصالح فرض عقوبات اقتصادية على ايران.