أبلغ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وفدًا كرديًا يترأسه القيادي برهم صالح ضرورة ملامسة المشاكل بواقعية والتحرك بشكل حقيقي لوضع الحلول على أساس الدستور وعدم الاكتفاء بتبادل عبارات المجاملة حيث يسابق وفدان كرديان رسمي وحزبي الزمن في بغداد حاليًا للتوصل الى حلول للمشكلات بين حكومتي بغداد واربيل قبل حلول عيد الاضحى الجمعة المقبل.


بحث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، خلال اجتماعه في بغداد اليوم مع وفد يضم ممثلين عن الاحزاب الكردية في اقليم كردستان برئاسة برهم صالح رئيس حكومة الاقليم سابقًا ونائب الرئيس جلال طالباني في زعامة الاتحاد الوطني الكردستاني،جميع الملفات العالقة بين الاقليم والحكومة الاتحادية في بغداد.

ودعا المالكي quot;الى وضع مصلحة العراق فوق كل اعتبارquot;، مشيرًا الى أن الجميع يقوى بقوة العراق وتماسكه والعكس صحيح، وأكد على ضرورة ملامسة المشاكل الواقعية والتحرك الحقيقي لوضع الحلول على اساس الدستور وعدم الاكتفاء بتبادل عبارات المجاملةquot;.

وجرى خلال اللقاء الاتفاق على ضرورة الابتعاد عن الاثارة في الاجواء الاعلامية ووضع آليات للحوار المباشر وبحث المشاكل التفصيلية ومعالجتها على اساس الدستور.

وفي بغداد حالياً يسابق وفدان كرديان رسمي وحزبي الزمن للتوصل الى حلول للمشكلات بين حكومتي بغداد واربيل قبل حلول عيد الاضحى الجمعة المقبل، حيث باشر نائب رئيس حكومة كردستان عماد احمد مباحثات ذات طابع اقتصادي ومالي مع مسؤولي الحكومة الاتحادية، وذلك بعد ساعات من مباشرة وفد سياسي وحزبي برئاسة برهم صالح اتصالات مع قادة القوى السياسية.

وخلال الساعات الاخيرة اجرى الوفد الحزبي والسياسي مباحثات مع الرئيس العراقي جلال طالباني ومع زعيم التحالف الوطني الشيعي ابراهيم الجعفري ومع رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم ثم مع قيادة التيار الصدري الذي يتزعمه الزعيم الشيعي مقتدى الصدر تناولت امكانية حل الخلافات السياسية وتنفيذ الاتفاقات السابقة بين القوى السياسية وخاصة تلك التي افضت الى تشكيل الحكومة الحالية اواخر عام 2010.

مباحثات سياسية للوفد الحزبي الكردي

وفي اليوم الثاني من زيارته الى بغداد الاثنين واصل الوفد السياسي والحزبي الكردي الذي يضم ممثلين عن القوى والاحزاب الكردية، ويترأسه برهم صالح، مباحثاته مع المسؤولين العراقيين بعقد اجتماعه مع رئيس الوزراء نوري المالكي على أن يلتقي بقية القيادات السياسية في وقت لاحق اليوم.

واجرى الوفد الكردي امس مباحثات مع قيادة التحالف الوطني العراقي quot;الشيعيquot;، حيث تم التأكيد على الالتزام بالحوار لحل المشاكل السياسية في البلاد من خلال الدستور واعداد خارطة طريق لانهاء جميع الملفات العالقة بين حكومتي بغداد واربيل واكدا الاتفاق على وقف الحملات الاعلامية بين الجانبين.

وفي ختام الاجتماع قال رئيس التحالف ابراهيم الجعفري إن الجانبين اكدا عزمهما على حل المشاكل بشكل يحفظ للعراق وحدته وثرواته واستخدامها لصالح مجموع الشعب العراقي من خلال التمسك بالدستور الذي يضمن انهاء الملفات العالقة.

ومن جهته اشار صالح الى أنه قد تم الاتفاق على اللجوء الى الحوار الذي يجب أن يكون سيد الاحكام. واشار الى أن المشاكل هي ليست بين حكومتي بغداد واربيل وانما هي مشاكل عامة تعاني منها البلاد.

ويسعى الوفد الكردي خلال مباحثاته في بغداد الى انهاء الملفات العالقة مع الحكومة المركزية وحل الخلافات بين الجانبين وتنفيذ المادة الدستورية 140 حول المناطق المتنازع عليها ومرتبات وتسليح قوات البيشمركة الكردية وحصة اقليم كردستان في موازنة البلاد لعام 2003 وتشكيل الحكومة لقوات خاصة لحفظ الامن في كركوك من دون التنسيق مع الاقليم.

كما تتناول المباحثات الخلاف حول اقدام الحكومة المركزية على تشكيل قوات خاصة لحفظ الامن في محافظة كركوك الغنية بالنفط والمتنازع عليها والتي يطالب الاكراد بضمها الى اقليمهم الشمالي وذلك من دون التنسيق مع الاقليم. فقد اعلنت وزارة الدفاع العراقية في الثالث من تموز (يويلو) الماضي عن تشكيل quot;قيادة عمليات دجلةquot;برئاسة قائد عمليات ديالى الفريق عبد الأمير الزيدي للإشراف على الملف الأمني في محافظتي ديالى وكركوك. ولاقى هذا القرار ردود فعل متباينة حيث اعتبره التحالف الكردستاني quot;استهدافاً سياسياً بامتيازquot; للاقليم.

مباحثات الوفد الكردي الحكومي الرسمي

وبالترافق مع ذلك حل ببغداد وفد كردي رفيع آخر يترأسه عماد احمد نائب رئيس وزراء اقليم كردستان حيث دخل في مباحثات مباشرة الليلة الماضية مع وفد وزاري اتحادي يترأسه نائب رئيس الوزراء العراقي روز نوري شاويس. وخلال الاجتماع عرض الوفد الكردي مقترحاته بخصوص بنود مشروع قانون الموازنة العامة للعام المقبل 2013 وحصة الاقليم فيها والبالغة 17 في المئة والتي يطالب نواب بتخفيضها الى 13 في المئة وهو امر يرفضه الاكراد بشدة.

وقدم الوفد الكردستاني عرضاً مستفيضًا للأسس الدستورية والقانونية لحصته في الموازنة وفي تصدير نفطه المنتج في الاقليم. وقد اتفق الجانبان على أن يصدر إقليم كردستان 250 ألف برميل من النفط في اليوم بشرط أن تقوم الحكومة العراقية بدفع مستحقات الشركات النفطية في الاقليم تنفيذًا للاتفاق الموقع بين الطرفين في 13 من الشهر الماضي والمصادق عليه من قبل رئاسة مجلس الوزراء العراقية ورئاسة مجلس وزراء كردستان. وضمانًا لتنفيذ هذا الاتفاق فقد تقرر وضع نص هذه الإتفاقية بشكل مستقل في قانون الموازنة العراقية العامة.

وحول النفقات السيادية من موازنة عام 2013 والتي طرأت عليها زيادة بشكل أثر سلباً على نسبة حصة إقليم كردستان من الموازنة العامة، فقد إتفق الجانبان على أن الفقرات الخاصة بالنفقات السيادية تحتاج إلى مراجعة ووضع مقاييس واضحة لها. يذكر أن حصة كردستان من الموازنة تحسب بعد استقطاع هذه النفقات السيادية.

وبالنسبة للنفقات الحاكمة والتي تضم قسيمة المواد الغذائية ونفقات الانتخابات وتوسيع الكهرباء ومصاريف نزاعات الملكية وتوفير المحروقات لمحطات إنتاج الطاقة الكهربائية والأدوية ودعم الفلاحين والحج والعمرة فقد إتفق الجانبان على صرف تلك النفقات بشكل مباشر لإقليم كردستان على خلاف الأعوام الماضية، حيث كانت تمنح تلك النفقات بالتنسيق مع وزارة المالية العراقية.

وكان وزير التخطيط العراقي علي الشكري اكد مؤخرًا أنه تم الإبقاء على نسبة 17% حصة إقليم كردستان من الموازنة بعد استقطاع المبالغ السيادية والحاكمة مثل نفقات البطاقة التموينية ووزارة الدفاع والخارجية لتصل النسبة المتبقية إلى 13.4% من مجمل الموازنة.

واضافة الى ذلك فقد تقرر أن يعقد الوفدان إجتماعًا باشراف وزير المالية العراقي ووزير التخطيط في حكومة إقليم كردستان وبمشاركة وزير التخطيط العراقي والأمين العام لمجلس الوزراء ومسؤول مكتب رئيس الوزراء ووزير المالية والإقتصاد في حكومة الإقليم ونائب رئيس ديوان مجلس الوزراء من اجل انهاء الجانب الفني من القضايا المطروحة.

وفي ختام الإجتماع قرر الجانبان إحالة مضمون الإتفاقات هذه على شكل ملف إلى مجلس النواب العراقي بهدف المصادقة عليه وإتخاذ القرارات اللازمة بخصوص فقرات وبنود الإتفاقية المشتركة كما تقرر الإستمرار في هذه الإجتماعات بين وفدي حكومتي بغداد واربيل.

وكان اتفاق قد تم الشهر الماضي بين حكومتي بغداد واربيل لانهاء النزاع بشأن المدفوعات النفطية حيث نص على دفع الحكومة الاتحادية مستحقات الشركات النفطية الاجنبية العاملة في كردستان مقابل استمرار الاخير بالتصدير ورفع نسبة الانتاج الى 200 الف برميل يوميًا. وكانت الحكومة الاتحادية هددت اوائل شهر ايلول الماضي بتقليص ميزانية اقليم كردستان باكثر من 3 مليارات دولار لتعويض خسائر صادرات النفط.

وسبق لاقليم كردستان أن اوقف في نيسان (ابريل) الماضي شحناته من النفط احتجاجًا بسبب مدفوعات لشركات أجنبية مستحقة على بغداد لكنه استأنف تصدير النفط في السابع من آب (اغسطس) الماضي بموجب الاتفاق بين الحكومتين. ولا يتوقع خبراء ومراقبون أن تنتهي الخلافات النفطية بشكل نهائي ما لم يتم اقرار قانون النفط والغاز بسبب التباين في آراء وتوجهات الكتل السياسية في اربيل وبغداد حوله، الامر الذي مازال يعطل تشريعه في البرلمان العراقي.

وفي وقت سابق قال فاضل نبي وكيل وزارة المالية العراقية إن الحكومة تلقت مشروع ميزانية بقيمة 118 مليار دولار لعام 2013 على أساس سعر 90 دولارًا لبرميل النفط وتتوقع عجزًا قدره 15.5 مليار دولار.

وتأتي زيارة الوفدين الكرديين الى بغداد في وقت تشهد العلاقات بين بغداد وأربيل أزمة مزمنة تفاقمت منذ أشهر عندما وجه بارزاني انتقادات لاذعة وعنيفة إلى المالكي تضمنت اتهامه بـquot;الدكتاتوريةquot; قبل أن ينضم إلى الجهود الرامية لسحب الثقة عن رئيس الوزراء بالتعاون مع القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر ومجموعة من النواب المستقلين.

ويعود أصل الخلاف القديم المتجدد بين حكومتي بغداد وأربيل إلى العقود النفطية التي ابرمها الإقليم، والتي تعتبرها بغداد غير قانونية فيما يقول الإقليم أنها تستند إلى الدستور العراقي واتفاقيات ثنائية مع الحكومة الاتحادية.

يذكر أن العلاقة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة اقليم كردستان تشهد توتراً منذ عدة اشهر تتعلق بخلافات سياسية ودستورية وبعض الملفات العالقة ابرزها التعاقدات النفطية للاقليم وادارة الثروة النفطية والمادة 140 من الدستور الخاصة بتطبيع الاوضاع في المناطق المتنازع عليها بينها محافظة كركوك وفي ادارة المنافذ الحدودية والمطارات وغيرها من الصلاحيات الادارية والقانونية.