ضمن فاعليات منتدى الطاقة العالمي المعقود في دبي، فتح النقاش واسعًا، في جلسات عدة، حول آفاق التحول إلى الاقتصاد الأخضر والنمو الذي ينتجه، وما دون هذا التحوّل من عقبات أهمها نقص الاستثمارات المرصودة، مع التشديد على شراكة القطاعين العام والخاص في هذا المجال.


بيروت: تواصلت جلسات النقاش ضمن منتدى الطاقة العالمي 2012 الذي تستضيفه الإمارات، وتناول المشاركون فيها عددًا من القضايا المهمة المتعلقة بالطاقة المتجددة، فتطرقوا إلى المصادر المتاحة للطاقة البديلة، وتناولوا الأزمة التي يواجهها العالم حاليًا، بسبب التغير المناخي الناتج من ارتفاع نسبة انبعاثات الغازات الدفيئة، وخصوصًا الغازات الكربونية.

تحدٍ إماراتي

ففي إحدى الحلقات الحوارية، تناول المتحاورون الطاقة البديلة، فأجمعوا على ضرورة البحث عن مصادر نظيفة للوقود الأحفوري والطاقة النووية، لافتين إلى أن تقنيات الطاقة النظيفة quot;تشكّل حلًا متاحًا للتحكّم بالتغيّر المناخي ومنع تلويث البيئة الطبيعيةquot;.

وناقش المشاركون في هذه الحلقة إيجابيات الطاقة البديلة وسلبياتها، بما فيها الطاقة المتجددة والوقود الحيوي، كما ناقشوا أحدث التقنيات المستخدمة في هذا الاطار، وأهمية الاستثمار في البحوث والتطوير لتحفيز النمو في قطاع الطاقة المتجددة.

وخلال النقاش، أكد محمد بن ظاعن الهاملي، وزير الطاقة في دولة الإمارات، أن الإمارات تقدم كل التسهيلات والاحتياجات اللازمة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (ارينا) وللأعضاء فيها، مشيرًا إلى الدور المتنامي للطاقة المتجددة عالميًا، في ظل زيادة الطلب على مصادر الطاقة.

وقال: quot;الجمع بين تلبية احتياجات سكان دولتنا وتوريد النفط إلى الخارج، يمثل تحديًا كبيرًا، لكننا في الإمارات نجحنا في تحقيق التوازن المطلوب بين طرفي المعادلةquot;.

وأشار الهاملي إلى أن الإمارات طوّرت مصادر الطاقة وعملت على تنويعها، مدللًا على ذلك بالعديد من الأمثلة، منها مدينة مصدر في أبوظبي، ومجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية، إضافة إلى استضافة الوكالة الدولية للطاقة المتجددة.

تقلص الموارد

وفي جلسة اخرى، تناولت التغير المناخي على الأرض، قال المشاركون إن الأزمة الأهم التي يواجهها العالم حاليًا تكمن في معدل التغير المناخي، بسبب زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، وخصوصًا الكربونية، التي تشهدها دول العالم كافة. وأوضحوا أن السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو التحول التدريجي للاقتصاد الأخضر، وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة.

وفي مداخلة خلال الجلسة، قال أرنود مونيتينوج، وزير الطاقة الفرنسي، إن المشكلة الكبرى التي تواجهها الاقتصادات كافة، والصناعية على وجه الخصوص، هي تقلص موارد الطاقة غير المتجددة، بسبب الافراط في استهلاكها وإغفال أهمية البحث عن موارد بديلة.

وبيّن مونيتينوج أن فرنسا ودول السوق الأوروبية quot;اعتمدت النمو الأخضر في صلب سياستها الاقتصادية، عبر تحديد أهداف مشتركة ضمن بروتوكول كيوتو للحد من الانبعاثات الكربونيةquot;، مؤكدًا أن اعتماد مبدأ الاقتصاد الأخضر يفتح الباب أمام حل مشكلة البطالة.

المطلوب تمويل

وأشار فاتمير ميديو، وزير الطاقة الألباني، في مداخلته إلى العوامل والبنود المسؤولة عن الجمع بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة والمحافظة على مواردها، وفي مقدمها تنويع الموارد، لأنّ الانكباب على استهلاك مورد بعينه، خصوصًا إذا كان غير متجدد، سيؤدي إلى نفاده مهما كبر الاحتياطي منه. كما شدد على أن زيادة المساحات الخضراء حول العالم تعمل على تنقية الهواء من الانبعاثات الكربونية.

أما إيريك إيستواردو، وزير الطاقة في غواتيمالا، فألحّ على ضرورة الاستخدام العقلاني والمتوازن لموارد البيئة، وأهمية اعتماد نظم الاقتصاد الأخضر، لضمان خلق آلية إنتاج نظيفة، وخلق شرائح عدة جديدة من الوظائف.

وحدد أليماهو تيغينو، وزير الطاقة والمياه الإثيوبي، عنصر التمويل وتوفير الاستثمارات الكافية واصفًا ذلك بالعائق الرئيس أمام الدول الآخذة في النمو الاقتصادي حاليًا، لتحقيق توازن بين نموها وحماية البيئة وتطبيق معايير الاقتصاد، موضحًا أن تقنية هذا النمو مرتفعة القيمة بشكل كبير، ما يشكل أزمة أمام الدول النامية.

تحديات كهربائية

وحول طاولة مستديرة عنوانها تحديات تأمين الكهرباء عالميًا في ظل النمو السكاني ومحدودية الموارد الطبيعية، أكد المتحلقون quot;أهمية التكامل والتعاون الإقليمي بين الدول المتجاورة، والاعتماد على الطاقة المستدامة البديلة، ودخول الاستثمارات الخارجية في مجال الطاقة إلى الدول الفقيرة لتأمين الكهرباء. وأشاروا إلى أن العالم يحتاج إلى مليارات من الدولارات في العقدين المقبلين لتلبية الاحتياجات المتزايدة من الطاقة الكهربائية.

وفي هذا الاطار، قال إسحاق كتالي، وزير الطاقة الناميبي، إن دولته تنتج حاليًا 40 بالمئة من إجمالي استهلاكها من الطاقة، فيما تعتمد على دول الجوار للحصول على النسبة الباقية، وأن التحدي الأبرز أمام حكومته يتمثل بإيصال التيار الكهربائي إلى المناطق البعيدة والريفية، وارتفاع كلفة الكهرباء.

ولفت كيرا بوكي، وزير الطاقة في جمهورية كاريباتي، إلى أهمية تخفيض تكلفة الطاقة وترشيدها في وقت تحتاج فيه دولته إلى إمدادات الكهرباء إلى جميع المناطق، وزيادة القدرة الإنتاجية، لا سيما في الطاقة المتجددة. وقال إن بلاده ستنفذ قريبًا مشروع طاقة شمسية يرفع الإنتاج بنسبة 6 بالمئة.

من جهته، أشار الدكتور عوض إبراهيم، وزير الطاقة الليبي، إلى أن الإنتاج الحالي في ليبيا يبلغ 6300 ميغاواط، وأن نسبة النمو السنوية التي كانت تبلغ سابقًا 8 بالمئة لم تسجل أي ارتفاع في العام الماضي بسبب الأحداث، ثم ارتفعت هذا العام بنسبة 3 بالمئة، وأن إنتاج الطاقة في بلاده يعتمد 70 بالمئة على الغاز الطبيعي.

وأوضح أن لدى ليبيا خطة لرفع الطاقة المنتجة في العام 2020 إلى 20 ألف ميغاواط، وسترتفع الاستثمارات إلى 20 مليار دولار أميركي في السنوات المقبلة، واضاف أن ليبيا تدرس حاليًا استغلال الطاقة المتجددة والبديلة.

شراكة العام والخاص

ولأن التنويع في المصادر أو الانتقال ولو تدريجيًا إلى الاقتصاد الأخضر، أكد المشاركون في الجلسة النقاشية التي عقدت تحت عنوان quot;الشراكات بين القطاعين العام والخاصquot;، أن هذه الشراكات بين القطاعين وسيلة مهمة لتحقيق الطاقة الآمنة والمتاحة والمستدامة للجميع في ضوء وضع البنى التحتية المطلوبة، وهي ضرورة ماسة لتنشيط الدورة الاقتصادية.

في هذا السياق، قال فاكلوف بارتسكا، وزير الأمن والطاقة في جمهورية التشيك: quot;نحن في جمهورية التشيك نعتبر قطاع الطاقة ثاني أكبر قطاع بعد الأمن، الأمر الذي يدل على الاهتمام الكبير به من قبل الحكومةquot; .

وأضاف: quot;تطورنا كثيرًا في مجال الحد من استهلاك الطاقة، وتمكنا من تحديد كمية الوقود اللازم لتشغيل المركبات، لكن في الوقت نفسه نرى وجود استهلاك متزايد على المستوى الفردي، ما دفعنا إلى إشراك القطاع الخاص في استثمارات خضراء تؤمن مصادر نظيفة، نتحول إليها تدريجيًاquot; .

وقال جودي هيرارا، ممثل وكالة الطاقة في المكسيك: quot;الدعم الحكومي للطاقة يشكل أساس التنمية في الدولة، كون نصف الأسر المكسيكية من الفئات متدنية الدخلquot;، لافتًا إلى أن الحكومة تدعم قطاع الطاقة الكهربائية، بما نسبته 80% من قيمتها المالية، بينما تأتي البقية من شركات خاصة.