منذ مقتل قياديّ جهويّ حزب نداء تونس المُعارض بمحافظة تطاوين (جنوب)، شغلت رابطات حماية الثورة التونسية الحيّز الأكبر من حديث السياسيّين وباتت محور جدلٍ جديد يشقّ الساحة السياسية بين مُطالب بحلّها ومؤيد لها.
تونس: طالبت أحزاب معارضة تونسية بحلّ ما يُسمّى بلجان حماية الثورة التي تتهمها بأنها quot;ميليشيات عنيفةquot; تتبع حركة النهضة الاسلامية، المُكوّن الأساسي للحكومة.
في المُقابل، نفى قياديون بـquot;الرابطة الوطنية لحماية الثورةquot; هذه الاتهامات مؤكدين عزمهم على مواصلة كشف الفساد والمطالبة بإقرار قانون العزل السياسي الذي يستهدف رموز النظام السابق.
لجان لـquot;حماية الثورةquot;
الرابطة الوطنية لحماية الثورة، جمعية تونسية تحصلت على الترخيص القانونيّ خلال شهر يونيو/حزيران الماضي.
وتهدف الرابطة، حسب قانونها الأساسيّ، إلى quot;المحافظة على أهداف الثورة ومكتسباتها وكشف منظومة الفساد والتصدّي إلى عودة رموز النظام السابقquot;.
ويقول محمد معالج، رئيس الرابطة الوطنية لحماية الثورة، في مقابلة مع (إيلاف) إن quot;الرابطة الوطنية لحماية الثورة هي مواصلة لنضالات شباب الثورة في اعتصامي ساحة القصبة الأول والثاني واللجان الشعبية التي تم تشكيلها لحماية الأحياء إبّان فرار الرئيس المخلوعquot;.
وأوضح معالج: quot;الرابطة لا تمثل كل الثوريين واللجان الشعبية لحماية الثورة التي تم تشكيلها بعد ثورة 14 يناير، وإنما تمثل جزءً يضم كل فئات المجتمعquot;.
وحسب محمد معالج، تتكون الرابطة الوطنية لحماية الثورة من أكثر من عشرين فرعا جهويا ومحليّا بكامل التراب التونسيّ إضافة إلى مكتب تنفيذيّ يجتمع بصفة دورية لاتخاذ المواقف والقرارات.
وعُرفت الرابطة بتنظيم تحركات احتجاجية وحملاتٍ ميدانية وأخرى عبر مواقع التواصل الاجتماعي ضد عودة أزلام نظام الرئيس المخلوع.
وتُطالب الرابطة بسنّ قانون العزل السياسيّ لمنع المنتسبين إلى حزب التجمع المنحلّ (الحزب الحاكم في عهد النظام السابق) من العودة إلى الحياة السياسية.
وفي شهر يوليو/تموز الماضي، طالبت الرابطة في بيان لها السلطات التونسية بالتراجع عن تعيين الشاذلي العياري، الذي كان عضوا بمجلس المستشارين سابقاً، محافظا جديدا للبنك المركزيّ التونسي مُعتبرة ذلك quot;انقلابا على أهداف الثورة ويفتح الباب أمام عودة رموز النظام السابقquot;.
وتعتبر الرابطة الوطنية لحماية الثورة حزب نداء تونس الذي يقوده الباجي قائد السبسي، الوزير الأول السابق، امتدادا لحزب التجمع المنحلّ.
وأعلنت الرابطة في ندوة صحافية الأثنين الماضي عزمها تتبع حزب نداء تونس قضائيا للمطالبة بحلّه بسبب quot;استخدام أعضائه لقنابل مولوتوف بمحافظة تطاوينquot;.
ميليشيات عنيفة لصالح quot;النهضةquot;
مثلت حادثة مقتل لطفي نقض، منسق حزب نداء تونس المعارض بمحافظة تطاوين (جنوب)، اثر تظاهرة احتجاجية نظمتها quot;الرابطة الوطنية لحماية الثورةquot; بالجهة، حدثا مفصليّا في موقف أحزاب المعارضة التونسية من لجان حماية الثورة.
ويعتبر quot;حزب نداء تونسquot; الذي يقوده الباجي قائد السبسي، الوزير الأول السابق، أن مقتل لطفي نقض كان quot;أول عملية اغتيال سياسيquot; في تونس بعد الثورة.
وحمّل الاتحاد الجهوي للشغل بتطاوين (النقابة العمالية الأكبر في تونس) رابطات حماية الثورة مسؤولية أحداث العنف التي جدّت بمحافظة تطاوين الأسبوع الماضي.
وليست المرّة الأولى التي توجه فيها هذه الاتهامات إلى رابطات حماية الثورة.
وكان حزب نداء تونس قد اتهم خلال شهر أغسطس/آب الماضي رابطات حماية الثورة بمُهاجمة اجتماع عام عقده الحزب بمحافظة صفاقس (وسط).
كما اتهمت أحزاب معارضة رابطات حماية الثورة باستخدام العنف اللفظي والمادي خلال اعتصام سُمّي بـquot;اعتصام تحرير اعلام العارquot; نفذته الرابطات أمام مقرّ التلفزيون الرسمي ويُطالب بتطهير قطاع الإعلام.
ويرى رضا بلحاج الناطق الرسمي باسم حركة quot;نداء تونسquot; في تصريحات خاصة لـ(إيلاف) أن هذه اللجان quot;تستعمل العنف وتضمّ عددا من المنحرفين يعملون على حماية حركة النهضة خصوصاً التي تستعملهم ضد خصومها السياسيينquot;.
ويعتبر بلحاج أن quot;حكومة الترويكا تقود البلاد نحو مأزق بسبب غياب مفهوم الدولة والقانون، لقد كان من المفروض إيقاف أعضاء الرابطة بتطاوين حالاًquot;.
وقال بلحاج إن تساهل الحكومة مع هذه quot;الميليشياتquot;، على حد قوله، مردّه عدم رغبة الأطراف الحاكمة في تنظيم انتخابات حرة وديمقراطية.
إلى ذلك، نفى محمد المعالج في إفادته لـ(إيلاف) اعتماد الرابطة على العنف في ممارسة أنشطتها ووجود أي صلة بحزب حركة النهضة، موضحا أن quot;قانوننا الأساسي كان واضحا إذ منع المسؤولين بالأحزاب السياسية من الانخراط بالرابطةquot;.
وأضاف معالج: quot;نحافظ على نفس المسافة من كل الأحزاب التي تؤمن بأهداف الثورةquot;.
ولكن رئيس الرابطة الوطنية لحماية الثورة لم ينفِ حصول بعض التجاوزات في عدد من التحركات الاحتجاجية. وأرجع معالج ذلك إلى أن هذه التحركات quot;كانت ذات طابع ثوريّquot;.
المعارضة تُطالب بحلّها
تظاهرت أحزاب معارضة الاثنين الماضي بشارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة تونس تنديدا بما اعتبرته quot;تفشيّا لظاهرة العنف السياسيquot;.
وطالبت الجبهة الشعبية (تضم أحزاب يسارية وقومية) وأحزاب الجمهوري والمسار ونداء تونس بحلّ رابطات حماية الثورة.
وجدد الحزب الجمهوري (معارض)، في ندوة صحافية عُقدت الاربعاء، مطالبته بحلّ quot;رابطات حماية الثورةquot; محمّلا إيّاها مسؤولية تفشّي ظاهرة العنف السياسي في البلاد، فيما وصفتها أمينته العامة ميّة الجريبي بـquot;المجموعات الارهابيةquot;.
أما راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة الاسلامية الحاكمة، فعبّر عن موقفه الرافض لحلّ quot;رابطات حماية الثورةquot; قائلا بأنّها quot;استمدت شرعيتها من نضالها ولا أحد له الحق في إنهاء هذه الشرعيةquot;.
وقال رئيس الرابطة الوطنية لحماية الثورة في ندوة صحافية ان quot;من يُطالب بحلّ مجالس الثورة كمن يُطالب بحلّ الشعب بأكملهquot;.
وصرّح معالج لـ(إيلاف): quot;بينما يُطالب البعض بحلّ الرابطة، قمنا خلال الأسبوع الماضي بافتتاح فرع جديد لنا بمحافظة سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية بطلب من مناضلي الجهةquot;.
وأكد معالج أن الرابطة الوطنية لحماية الثورة ستكشف قريبا عن أسماء وملفات متعلقة بالفساد في عهد النظام السابق.
التعليقات