تستعد إيران لملء الفراغ الذي سيخلفه الانسحاب الأميركي من أفغانستان في نهاية عام 2014، وفقاً لما يقوله العديد من المسؤولين الأميركيين والأفغان، الذين يتخوفون من أن طهران تتحرك بنشاط وتموّل مشاريع إغاثة وتوسع نشاطها الاستخباراتي.


لميس فرحات: على الرغم منأن الإنفاق الإيراني في أفغانستان لا يقارن بالمليارات التي تغدقها الولايات المتحدة، إلا أن قدرة طهران على تنفيذ مشاريع تعمل من خلالها مع المواطنين الأفغان مباشرة تعطيها أفضلية، قد تمكّنها من استخدامها كورقة ضغط، إذا ما قررت الولايات المتحدة أن تضرب المنشآت النووية الإيرانية في مرحلة ما.

ويعتبر بعض المسؤولين الأفغان أن إيران أشد خطراً من التهديد التقليدي، الذي يمثله إرث طالبان والقاعدة على أفغانستان، إذ يلاحظون أن النفوذ الإيراني يزداد في المنطقة، وأن طهران قادرة بإشارة واحدة منها على أن تحشد عشرين ألف أفغاني، الأمر الذي يعتبر أشد خطورة من الانتحاريين القادمين من باكستان.

الأموال التي تتدفق كمساعدات إلى أفغانستان ليست المشكلة، فالقضية الأساس هي المكان الذي تنتهي فيه هذه الأموال ولأي هدف تستخدم.

تلقى عدد من المسؤولين البارزين في الحكومة الأفغانية دعماً كبيراً من إيران طيلة الأعوام الماضية، كما إن الرئيس حامد كرزاي أقرّ بنفسه منذ عامين بتلقي مكتبه مساعدات مالية من طهران تصل قيمتها إلى مليون دولار أميركي.

الأموال الإيرانية تتدفق إلى مؤسسة الرئاسة الأفغانية، لكن ما يقلق المسؤولين الأميركيين والأفغان هو أن المساعدات والأموال الأميركية تكون موثقة وأكثر تنظيماً، بينما الأموال الإيرانية تتحرك كالأشباح، ولا يعرف طريقها، وإلى أين ينتهي بها المطاف؟.

تستغل إيران نقاط القوة المتوافرة لديها في غرب أفغانستان، حيث ينطق الكثير من الأفغانيين باللغة الفارسية، وينتمون إلى الطائفة الشيعية، إلى جانب وجود عدد لا يستهان به من الأفغانيين الذين يعملون في إيران. كما تعدّ إيران المورد الرئيس للطاقة الكهربائية في غرب أفغانستان.

السؤال الرئيس هو سبب تركيز إيران على أفغانستان، والدافع وراء سعي إيران إلى الحصول على موطئ قدم هناك؟. وعلى الرغم من الغموض الذي يلفّ الملف الإيراني في أفغانستان، والتوجّس الذي يشعر به عدد من المسؤولين الأفغان والأميركيين، إلا أن لإيران قليلاً من الحق في أن تكون مهتمة بالشأن الأفغاني.

السبب الرئيس الذي يجعل ايران مهتمة بالشأن الأفغانستاني هي الحرب التي تشنها لمكافحة المخدرات، فملف المخدرات يؤرّق إيران، حيث تدخل عبر الحدود الأفغانية-الإيرانية كميات كبيرة من الأفيون الأفغاني، والسلطات الإيرانية تواجه مشكلة حقيقية في هذا الصدد.

إلى جانب ذلك، أدت العقوبات الغربية التي ضربت الاقتصاد الإيراني إلى دفع طهران لردود فعل عديدة، منها توجيه رسالة جدية إلى الولايات المتحدة، مفادها بأن الضغوط التي تمارس عليها ستؤدي إلى ضربات مواجهة ضد أميركا، إنما بعيدة عنها، وأفغانستان واحدة منها.

وتسعى طهران من وراء محاولتها الدخول إلى أفغانستان إلى كسر عزلتها الدولية، لا سيما في ظل انشغال سوريا، التي تعد حليفتها الرئيسة في الشرق الأوسط بمجريات الثورة والحركة المعارضة، ووضع حزب الله في موقف دفاعي على خلفية القتال الدائر في سوريا.

يشار إلى أن الأداة الأساسية التي تستطيع إيران من خلالها بسط نفوذها في أفغانستان تتمثل في لجنة الإمام الخميني للمساعدات الإنسانية، التي تنخرط بشكل مباشر مع الفقراء في أفغانستان، من خلال تقديم المساعدات الاقتصادية ومحاولة جمع معلومات استخباراتية، وفقاً لمسؤولين أفغان وغربيين.