تقوم سيدات مصريات من جماعة الإخوان المسلمين، بنشاطات مختلفة على الأرض وبدأن يحققن إنجازات رغم افتقارهن للوعي الإنثوي والكثير من حقوقهن.
القاهرة:في أعقاب ثورة الـ 25 من كانون الثاني/ يناير عام 2011، التي غيّرت الكثير في المشهد السياسي في مصر وبدلت الأوضاع وغيرت الأحوال رأساً على عقب، بدأت تنزل السيدات المصريات إلى الشارع، بعد سنوات قضتها في الكواليس بعيداً عن الأضواء، وبدأن في الظهور باعتبارهن قوى سياسية بارزة وحيوية في البلاد.
فبعد أن ولت حقبة نظام مبارك، وقواته الأمنية، التي كانت تشتهر بمداهمتها لمنازل رموز المعارضة، خاصة جماعة الإخوان، دون مراعاة للحرمة أو لأي شيء آخر، بدأ الواقع يتغيّر، وإن كانت للماضي جراحه التي مازالت بحاجة لفترة من الوقت كي تندمل.
سندس عاصم لم تكن تبلغ من العمر سوى خمسة أعوام حين داهمت قوات الأمن إبان حقبة مبارك منزل أسرتها بعد منتصف الليل، لتلقي بالقبض على والدها، وتحتجزه في الحبس لمدة 18 شهراً، حيث قالت عن تلك الواقعة quot; كنا صغاراً، وكنا خائفين، وكانت تلك التجربة مؤذية للسيدات وللأطفالquot;.
وتتذكر سندس كذلك قائلةً quot;إن خطيئة أبيها التي دفعتهم لإلقاء القبض عليه هي انتماؤه للمكتب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، التي تم حظرها، بعد عقود من النشاط، حتى ساهمت بمجهودات كبيرة في الانتفاضة الشعبية الضخمة التي أنهت فترة حكم الرئيس مباركquot;.
ومع زوال حكم مبارك، بدأت تشعر سندس بالارتياح، لاسيما مع استمرار نجاح الإخوان على نحو سريع في تعزيز قوتهم السياسية في أكبر بلدان العالم العربي. وسبق لسندس أن درست الإنكليزية والاتصالات وتقوم الآن بتحرير موقع جماعة الإخوان المسلمين الذي يصدر على شبكة الإنترنت باللغة الإنكليزية. كما أنها تسافر مع حزب الحرية والعدالة، في الوقت الذي يسعى فيه قادته للترويج لقضيتهم باعتبارها مشروعاً ديمقراطياً موثوقاً به لدى الغرب الذي لطالما كانت تراوده شكوك بشأن نوايا الإسلاميين ويخشى من أن يكونوا في طريقهم لفرض رؤيتهم الإسلامية.
ومن خلال المقابلة التي أجرتها صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية مع سندس في منزلها الكائن في منطقة quot;دريم لاندquot;، التي تقع خارج القاهرة بعيداً عن فوضى وغبار العاصمة، أكدت سندس أن تأثير المرأة في الجماعة يحظى بنفس أهمية الرجل.
وتابعت حديثها بالقول :quot; تقوم السيدات بمعظم الأعمال على الأرض، خاصة أثناء القيام بحملات. فهن اكبر في العدد، ويتسمن بالطلاقة في شن الحملات، وبمقدورهن أن يكن أكثر إقناعاً. ويمكنني القول إن بعض السيدات نجحن في انتخابات الرئاسة الماضية في جذب 300 شخص .. وذلك على الرغم من ضيق الوقت الذي كان متاحاً أمامنا. وقد ساعدنا بذلك الرئيس محمد مرسي في تحقيق الفوز بالانتخاباتquot;.
ومضت الصحيفة تقول في السياق عينه quot;إن هناك كثيراً من القادة في الجماعة، بمن فيهم الرئيس محمد مرسي، يعتقدون أن الرئاسة وكذلك المناصب العليا في الجماعة، ومنصب المرشد، أو المرشد الأعلى، خارج حدود وقدرات المرأةquot;.
لكن الصحيفة رأت أن quot;الأخوات المسلمات ثمة شيء من المفارقة، ويتحديْنَ الصورة النمطية الإسلامية. وليس هناك من شك في أنهن ناشطات سياسيات ماهرات ويعتمدن الآن بشكل متزايد على تعزيز أهداف حزب الحرية والعدالة.
وقالت أميمة أبو بكر وهي خبيرة مصرية في الإسلام والمساواة بين الجنسين :quot; معظم الأخوات محترفات وناشطات ومفعمات بالحيوية للغاية، لكن ليس لديهن الوعي الأنثويquot;.
ومع هذا، يتزايد اهتمام وانخراط quot;الأخوات المسلماتquot; بصورة تدريجية في عالم السياسة، وهي العملية التي تتسارع الآن، ويأملن أن تقود في النهاية إلى الاعتراف بدورهن الحاسم.
وأعقبت الصحيفة بلفتها إلى أنه تم إنشاء quot;الأخوات المسلماتquot; كجزء من جماعة الإخوان، بعد سنوات قليلة من تأسيس الحركة عام 1928 من جانب حسن البنا.
وقالت quot;الأخواتquot;، اللواتي حاورتهن الصحيفة، إن quot;كل شيء يفعلنه، سواء كان مساعدة المحتاجين أو تدريس الإسلام أو المشاركة بالحملات للفوز بالمناصب، يصب في خدمة الله. وأضافت أميمة كامل التي تعتبر المرأة الأبرز في جماعة الإخوان quot; هدف كل امرأة هو معرفة الإسلام، لأن ذلك قد يغير حياتها ويحسنها، ومن ثم مشاطرة وتوضيح ما تعلمته للناس. ولهذا فإنك تتعلم النصوص وتقوم بممارستها ومن ثم القيام بنشرها، وهو ما يحتاج إلى وقت وتدريب، ويمكن تطبيقه بسهولةquot;.
وعاودت سندس لتقول إن الانضمام للإخوان quot;يعتبر مشروعاً شاملاً، ينطوي على شخصيتك، والطريقة التي نشأت عليها، وكذلك الطريقة التي تتطابق من خلالها مع الآخرينquot;. وأضافت quot; أن الأخوات يعتبرن احترام قرارات القيادةواحداً من ابرز أصول جماعتهنquot;.
ثم تحدثت الصحيفة عن عدة نماذج سابقة وحاضرة، موضحةً الإسهامات التي قدمتها كل واحدة في خدمة الجماعة. فيما أشارت كثير من السيدات المتحررات إلى أنهن يعتبرن الأخوات وقدرتهن على التأثير في المجتمع تهديداً أكبر من رجال الإخوان.
وفي الختام، نوهت فاينانشيال تايمز إلى ثمة حقيقة، ربما لم يكن يتصورها البعض، وهي أنه وبحسب اعتراف بعض quot;الأخوات المسلماتquot;، فإن جماعة الإخوان لم يسبق لها أن اكترثت بشكل كبير من قبل بحقوق المرأة. وقالت هنا أستاذة في كلية الطب تدعى نيرمين حسن :quot; المياه الراكدة بدأت تتحرك، وبدأنا نفكر فيما نعرفه عن حقوق المرأةquot;.
التعليقات