تؤكد أحزاب السلطة الفائزة أن الاقتراع الماضي كان نزيهًا وأتى فوزها مستحقًا، بينما ترى الأحزاب المعارضـة المهزومة أن الاقتراع لم يكن شفافًا، وأن التزوير هو الذي صنع الفارق، وأن التجربة نفسها ستتكرر في الاقتراع المقبل.

ما تزال آثار الانتخابات التشريعية التي شهدتها الجزائر في العاشر من أيار (مايو) الماضي تصنع الحدث في ذلك البلد. فمع اقتراب موعد انتخابات البلديات والمحافظات في التاسع والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي، تتخوف الأحزاب السياسية المعارضة من تكرار التجربة السابقة، وتحقيق أحزاب السلطة فوزًا ساحقًا بأغلبية المقاعد البرلمانية.
الادارة غير محايدة
انتقدت حركة النهضة الإسلامية المعارضة في بيان لها صدر اليوم، استلمت quot;إيلافquot; نسخة منه، السلطة لعدم توفيرها ما أسمته بالأجواء الملائمة لإجراء انتخابات محلية شفافة ونزيهة. وأضافت الحركة في بيانها أن الذي يحدث الآن هو تكرار لمهزلة الانتخابات التشريعية الماضية.
وأضافت: quot;السلطة لم تع الدرس بعد مما حدث في التشريعيات، ضاربة عرض الحائط بكل نداءات الطبقة السياسيـــة المطالبة بضرورة توفير أجواء نجاح العملية وتجنب الأخطاء والتجاوزات السابقةquot;.
وسجلت الحركة في بيانها جملة ملاحظات، اعتبرتها انتهاكًا مسبقًا لسير الاقتراع المقبل، ومن ذلك quot;حدوث تعسف في التعاطي مع القوائم الانتخابية وممثلي الأحزاب على المستوى المحلي، ما يؤكد عدم حياد الإدارةquot;.
واستغربت الحركة عدم الاستجابة لمطالب اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات، وإهمال التوصيات الواردة في تقريرها المتعلق بالتشريعيات السابقة، الأمر الذي اعتبرته تمهيدًا لتزوير الانتخابات المحلية المقبلة.
وبناءً على هذه الملاحظات، ترى الحركة أن quot;الحل يكمن في تأجيل الانتخابات المحلية، نظرًا لتأخر تنصيب اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات، وما تبعها من لجان ولائية وبلدية والتي لم تنصب لحد الساعة، وهو ما أدى إلى حدوث تأخر في التحضيرات، أدت إلى عدم مواكبة العملية الانتخابية ومراقبتها، حيث لم يتم مراقبة ومتابعة عملية مراجعة القوائم الانتخابية، سواء الاستثنائية أو العادية والطعن فيها، وكذا عدم القدرة على مراقبة ومتابعة عمليات معالجة ملفات المرشحين على مستوى الولايات، والخروقات التي سجلت من قبل الإدارة، وهي أهم مرحلة في العملية الانتخابية، يضاف إليها التأخر الكبير في عملية إجراء القرعة لتوزيع الحصص التلفزيونية والإذاعية للأحزاب السياسية، وهو ما يعرقل السير الحسن للحملة الانتخابيةquot;.
ودعت الحركة في بيانها quot;الطبقة السياسية لضرورة التشاور واتخاذ الموقف المناسبquot;.
تخوف من التركيز
قال مصطفى هميسي، الناطق الرسمي باسم حزب الحرية والعدالة، في تصريحه لــ quot;إيلافquot;، إن المسألة quot;ليست مسألة الشك في نوايا السلطة تجاه تزوير العملية الانتخابية، وإنما الأمر يتعلق بتجارب سابقة، بحيث أصبحت الأحزاب السياسية تتخوف في كل موعد انتخابي من حدوث عملية التزوير بناءً على تجارب سابقةquot;.
وبشأن الضمانات التي قدمتها السلطة لنزاهة الانتخابات، قال هميسي: quot;ليست هناك أية ضمانات جديدة، وحزبنا لا يطالب بذلك، وإنما ندعو هذه السلطة فقط إلى احترام القانون، من خلال إلزام الإدارة بالحياد، وعدم انحيازها لأي حزب، ومن خلال استقلال القضاء وعدم التدخل في عمل القضاةquot;.
وفي ما يتعلق بطلب حركة النهضة تأجيل الانتخابات المحلية المقبلة، قال هميسي: quot;لكل حزب سياسي أجندته الخاصة، لكن في تقديري أن هذا المطلب غير واقعي بالنظر إلى المرحلة التي وصلت إليها التحضيرات الخاصة بعملية الاقتراعquot;.
من أحزاب إلى نقابات مبتزة
قاسى عيسي، القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني، قال في إفادته لـ quot;إيلافquot; إن الضمانات التي قدمتها السلطة كفيلة بنجاح الاقتراع المقبل، والدور الآن على الأحزاب المشاركة، quot;ومدى قدرتها على مراقبة الانتخابات من خلال تكثيف تواجد مراقبيها في مراكز الاقتراع المنتشرة عبر التراب الجزائريquot;.
وهاجم عيسى الأحزاب السياسية الجديدة بشدة، وقال إنها تعرقل عملية التحضير من خلال مطالبها غير المعقولة، وعن ذلك يقول: quot;التأخر في تشكيل اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات سببه العدد الكبير للأحزاب التي قررت المشاركة في الانتخابات، واغلب هذه التشكيلات السياسية أحزاب ضعيفة وغير قادرة على المنافسة، لا تملك قواعد شعبية حقيقية، وهم يطالبون بمطالب غير منطقية وغير معقولة، وبعضها يقوم بعملية ابتزاز السلطة، وتحولت من أحزاب سياسية إلى نقابات مبتزة من خلال مطالبة البعض بالحصول على مستحقات مالية كبيرة لأعضاء اللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخاباتquot;.
وردًا على إعلان حركة النهضة طلبها تأجيل الانتخابات المقبلة، قال عيسى: quot;هذا المطلب غير واقعي، لأن العملية الانتخابية تخضع للقانون والنصوص القانونية لا يمكن مراجعتها أو تعديلها، إلا بعد مرور عام على تطبيقها، لذلك هذا المطلب غير واقعي، ولا يمكن تحقيقه في أي حال من الأحوالquot;.
وكان الوزير الأول، عبد المالك سلال، أوضح أن على الإدارة quot;أن تكون حيادية إلى أقصى حد، حتى تجري الانتخابات القادمة في أحسن الظروف، وفي جو سياسي ملائمquot;. ولاحظ الوزير الأول أن quot;الانتخابات المحلية ستشهد مشاركة قوية للأحزاب السياسية وللقوائم الحرة، بينها 52 حزبا بالنسبة لانتخابات المجالس الشعبية البلدية و51 حزبا بالنسبة للمجالس الولائية بالإضافة إلى القوائم الحرةquot;.