نفى الرئيس العراقي جلال طالباني أمره بوقف تنفيذ حكم الإعدام بأي محكوم، لأنه لا يملك الحق الدستوري لإلغاء أحكام سابقة بالإعدام صدرت بحق سجناء سعوديين في العراق، داعيًا مروجي الشائعات إلى تبيّن أحكام الدستور العراقي قبل إطلاق تصريحاتهم.


ردًا على اتهامه بايقاف تنفيذ أحكام الاعدام بسعوديين مُدانين بتنفيذ أعمال ارهابية في بلاده، فقد اكد الرئيس العراقي جلال طالباني أن الدستور لا يمنحه حقًا حصريًا في ايقاف تنفيذ هذه الاحكام ليطبقه على هؤلاء السعوديين المُدانين، واصفًا هذا الاتهام بأنه تضليل للرأي العام المحلي والخارجي.
وقال طالباني في بيان صحافي وزعه مكتبه الاعلامي اليوم حول اتهامات نائب عراقي له بايقاف حكم الاعدام ضد سجناء سعوديين محكومين بالاعدام إنه لا يملك حقًا يؤهله دستورًا لاتخاذ هذا الاجراء داعيًا كل من يصدر أو ينشر تصريحات لها تفاعلات قانونية وسياسية أن يكون على بينة من احكام الدستور والتشريعات تجنباً لتضليل الرأي العام المحلي والخارجي.
وقال مكتب طالباني في بيانه: quot;نسبت وسائل الاعلام الى برلماني عراقي قوله إن فخامة رئيس الجمهورية quot;أوقف حكم الاعدامquot; ضد سجناء من مواطني احد البلدان العربية الشقيقة. إن مثل هذا التصريح، في حال دقة نقله، ينم عن عدم دراية بالدستور العراقي الذي ينص على استقلالية القضاء واحترام قراراته ، ولا يمنح في أي من بنوده رئيس الجمهورية حقًا حصريًا في ايقاف تنفيذ احكام الاعدام . فالمادة 72/ اولاً من الدستور تنص على أن رئيس الجمهورية يصدر العفو الخاص بتوصية من رئيس مجلس الوزراء ويستثني من ذلك ما يتعلق بالحق الخاص والمحكومين بارتكاب الجرائم الدولية والارهاب والفساد المالي والاداري . وكان يجدر بكل من يصدر أو ينشر تصريحات لها مفاعيل قانونية وسياسية أن يكون على بينة من احكام الدستور والتشريعات تفادياً للوقوع في مطبات الزلل والخطأ، وتجنبًا لتضليل الرأي العام المحلي والخارجيquot;.
وكان النائب العراقي والمشرف العام على بعثة هيئة الأوقاف العراقية عيفان السعدون أكد الجمعة الماضي أن طالباني وجه بوقف حكم الإعدام ضد أي معتقل سعودي مضيفاً أنه لا أحد يستطيع قانونًا تنفيذ حكم الإعدام ما لم يصادق عليه رئيس الجمهورية.
ومن جانبه طالب نائب عن كتلة المواطن البرلمانية الممثلة للمجلس الاعلى الاسلامي برئاسة عمار الحكيم امس بإقامة الحد على من أجرم بحق الشعب العراقي، معتبرًا أن إقامة العدل لا تتحقق إلا بذلك فيما أبدى استغرابه من ايقاف حكم الإعدام والعفو عن بعض المحكومين السعوديين.
وقال علي شبر إن quot;رئيس الجمهورية جلال طالباني ونوابه هم المفوضون بالمصادقة على أحكام الإعدام ضد من أجرم بحق الشعب العراقي بمن فيهم المعتقلون السعوديونquot; مطالبًا بـquot;إقامة الحد ضد هؤلاء لأن إقامة العدل لا تتحقق إلا بذلكquot;. وابدى استغرابه من quot;ايقاف حكم الإعدام والعفو عن السعوديين الذين فخخوا السيارات وشاركوا بدماء العراقيينquot;.
ويوم الاربعاء الماضي قال المتحدث الرسمي باسم وزارة العدل العراقية أن عدد السعوديين في السجون العراقية يبلغ حالياً نحو 38 سجيناً، وذلك بعد إطلاق سراح سجناء وإعدام آخرين، مشيراً الى أن العدد تراوح خلال الأشهر الماضية ما بين 50 و60 سجيناً. واكد المتحدث حيدر السعدي quot;أن المعتقلين السعوديين في السجون يحظون بتعامل إنساني بعيداً عن المذهبية أو الطائفيةquot;. واضاف أنه quot;لم تسجل أية حالة إضراب لأي سجين سعودي، إضافة الى أن غالبية السجناء لديهم محامون وموكلون للترافع عنهم وذلك بمتابعة سفارة الرياضquot;. ونفى السعدي علمه برفع عقوبة بعض السجناء من المؤبد إلى الإعدام، وقال إنه quot;لا علم لوزارته بذلكquot; مستدركاً أنه quot;يمكن أن يكون تغير الحكم بعد النظر من قبل هيئة التمييز العراقيةquot;.
ويأتي تأكيد وزارة العدل العراقية هذا على خلفية ما تناقلته بعض وسائل الإعلام المحلية بإضراب عدد من السجناء السعوديين، نظراً لسوء المعاملة، إضافة إلى رفع العقوبة من السجن المؤبد إلى الإعدام لبعض المعتقلين وتضارب الأنباء حول أعدادهم في العراق. وكان محامي المعتقلين السعوديين في العراق عبد الرحمن الجريس قال إن بعض السجناء هناك يتعرضون للتعذيب على أساس طائفي من بعض السجانين العراقيين.
وفي الثالث عشر من الشهر الماضي اكد مستشار الأمن الوطني العراقي فالح الفياض أنه ليست لدى بلاده نية لإيقاف الإعدامات بحق سجناء متهمين في جرائم إرهابية، وشدّد على أن ذلك يشمل السجناء السعوديين. وقال الفياض رداً على سؤال حول الضغوط الدولية التي تواجه العراق في شأن الإعدامات التي تتم للسجناء العرب quot;ليس هناك توقف في هذا الشأن والقانون سيطبّق بحق المتهمين، ومنهم السجناء السعوديون، مثلما يطبق القانون بحق السجناء العراقيين في السعودية، والبلدان يتفهمان ذلكquot; .
وشدد على أنه quot;ليس هناك تقصد في الإعدام بالنسبة إلى السجناء السعوديين وهناك مجرمون عراقيون في السعودية يواجهون حكم الإعدامquot;.
وأعلنت وزارة العدل العراقية، في الثامن عشر من آذار (مارس) الماضي عن توقيع اتفاقية مع نظيرتها السعودية لتبادل السجناء غير المحكومين بالاعدام مؤكدة أن الاتفاقية ستدخل حيز التنفيذ بعد ثلاثين يوماً من تاريخ تبادل المذكرات الدبلوماسية المؤيدة بين الطرفين. واشارت الى عدم قدرة الحكومة على تبادل السجناء الذين صدرت بحقهم أحكام فيما اعتبرت أن ذلك يأتي لعدة أسباب منها تعارض ذلك مع الدستور العراقي وتنفيذ الرياض لأحكام إعدام بحق عراقيين.
ومن جهتها أعلنت وزارة الداخلية العراقية في شباط (فبراير) الماضي عن اتفاق العراق مع السعودية على مرحلة جديدة من التعاون الأمني في مكافحةquot;الإرهابquot; والمخدرات والتهريب عبر الحدود. وقد بدأت العلاقات السعودية العراقية بالتحسن بعد منتصف شباط الماضي عقب تسمية الرياض سفيراً غير مقيم لدى بغداد بعد أكثر من 20 سنة من القطيعة الدبلوماسية.