سعى الرئيس العراقي جلال طالباني اليوم إلى التخفيف من حدة تهديدات رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني باللجوء إلى تقرير المصير والإستقلال عن العراق وإنشاء الدولة الكردية مؤكدًا أن تقرير المصير لا يعني الانفصال مشددا على ان الأكراد قد اختاروا الفيدرالية نظاما للبقاء ضمن العراق وذلك وسط إنتقادات نيابية لتهديدات بارزاني تلك.


قال الرئيس العراقي جلال طالباني وزعيم الاتحاد الوطني الكردستاني في كلمة خلال اجتماع لناشطين أكراد في مدينة اربيل عاصمة اقليم كردستان (220 كم شمال بغداد) إن الإتحاد ومنذ تأسيسه ناضل من أجل تحقيق العديد من الشعارات ومنها الديمقراطية للعراق وحق تقرير المصير للأكراد وكلا الشعارين تم تحقيقهما.

وأشار إلى أنّ quot;حق تقرير المصير يعني حق جميع الشعوب أن يقرروا مستقبلهم سواء ضمن إطار الدولة المستقلة أو الكونفيدرالية أو الفيدرالية أو الحكم الذاتي وكل ما يقرره الشعب ويختارهquot;.

وأكد في كلمته التي وزعها مكتب الاتحاد الاعلامي اليوم quot;أن حق تقرير المصير لا يعني الإنفصال دائماً والإستقلال نحن حينما صوتنا على الدستور في العراق (عام 2005) حددنا حق تقرير مصيرنا في الفيدرالية والآن الفيدرالية موجودة وهي نوع من حق تقرير المصير وهذا كان شعار الإشتراكيين في القديم والذين يدعون بأن حق تقرير المصير يعني الإنفصال مفهومهم له خاطئquot;.

وتحدث طالباني عن quot;التحالف الاستراتيجيquot; بين حزبه الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني مشددا على أهمية هذا التحالف ودوره في quot;تحقيق الإستقرار لإقليم كردستان والحفاظ على المكتسبات التي حققها الشعب الكرديquot;. وحول الأوضاع السياسية الراهنة في العراق والعلاقات بين حكومتي أربيل وبغداد، أكد طالباني أهمية الحوار بين مختلف القوى والكتل السياسية مشددا على أهمية ان يكون هناك حوار بين الحكومتين لحل جميع الخلافات والعودة للدستور لانهاء جميع المشاكل.

وجاء حديث طالباني عن تقرير المصير للأكراد إثر تصريحات لبارزاني دأب على إطلاقها خلال الاسابيع الاخيرة هاجم فيها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي متهما إياه بممارسة الدكتاتورية ومؤكدًا أن الأكراد لن يقبلوا العيش من جديد تحت ظل الدكتاتورية مهددا بالاستقلال ومشددا على حق الشعب الكردي في تقرير المصير.

وفي آخر تصريحاته هذه مساء أمس فقد شدد بارزاني على أن استقلال الأكراد خيار مطروح في ظل ما يعيشه العراق من راهن سياسي مأزوم غير أنه ربط ذلك الخيار بتطورات الأحداث على الأرض، واصفاً إياه بالحق المشروع لكنه رفض تحقيق الاستقلال بالعنف قائلا quot;بل يجب أن يتم بالحوار والتفاهم مع الشعوب المجاورةquot;.

وأعرب بارزاني في مقابلة مع قناة دبي الفضائية عن تفاؤله بمستقبل الأكراد quot; لأن وعيهم صار مرتفعاً جداً وأصبح لديهم نضج سياسي وثقة أكبر كما باتوا بعيدين عن حالة الاقتتال الداخلي مصنفاً كل ذلك في خانة الانجاز الكبير. ووصف بارزاني الفهم العربي لحقيقة الوضع الكردي بأنه يعاني قصوراً حاداً موضحا أن الأكراد يعتزمون العمل بجد من أجل تعريف الشارع العربي به مضيفاً ان الشارع العربي عليه أن يفهم حقيقة أن الأكراد ليسوا ضيوفاً أو مهاجرين بل أصحاب الأرض وهم شعب عريق من أقدم شعوب المنطقة، لذلك من حقهم أن يختاروا الاتحاد طواعية مع أشقائهم العرب في العراق كما من حقهم أن ينفصلوا.

وعبر بارزاني عن رفضه للاتهامات التي تصف الأكراد بأنهم أدوات في يد قوى إقليمية ضد قوى داخلية مؤكدا ان الأكراد أصبحوا من الوعي بما لا يمكن أي قوة من توظيفهم لخدمة مصالحها وقال إن الأكراد يقفون على المسافةنفسها من أي خلافات بين تركيا وإيران ويرفضون إقحامهم في صراعات إقليمية أو دولية.

وقد اثارت كلمة بارزاني عن تقرير المصير والاستقلال التي ألقاها في المؤتمر الاول للتجمع العربي لنصرة القضية الكردية في اربيل الجمعة الماضي والتي نبه فيها الى مخاطر الدكتاتورية والتفرد في السلطة، ردود افعال لدى عدد من النواب حيث أكد حسين الاسدي النائب عن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي quot;ان اقليم كردستان يتجه الى الدكتاتورية اكثر من أي مكان آخر في العراقquot;.

وقال في تصريحات صحافية quot;على رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني أن يراجع نفسه قبل أن يصف حكومة بغداد بالدكتاتورية وان ما موجود في الاقليم يمثل دكتاتورية حقيقية تمارس فيه بشكل واقعي ويومي وان الحكم في الاقليم يتجه حاليا نحو الدكتاتورية اكثر من أي مكان اخر في العراقquot;.

وأضاف quot;ان تصريحات بارزاني تهدف الى تكريس شعور لدى الأكراد بأنهم مهمشون وانه من الضروري اقامة الدولة الكردية خاصة وانه أشار في اكثر من مناسبة الى تقرير المصير وإلى أنّ اقامة الدولة الكردية حق طبيعي للكردquot;.

وأوضح quot;ان الرحلات المكوكية التي قام بها بارزاني الى دول في العالم والخليج العربي تهدف الى الوصول الى قبول دولي باقامة الدولة الكردية باعتبار ان الأكراد موزعون بين اكثر من دولة في سوريا وايران وتركيا وجزءا من الاتحاد السوفيتي المنحل بالإضافة الى العراق وتكون اربيل هي المنطلق لهذه الدولة الكرديةquot;. وأكد quot;ان هذه التصريحات لا تخدم الأكراد الذين ينتمون الى شعب العراق الواحد ولا تصب في المصلحة الوطنية لانها تمزق النسيج الوطنيquot;.

ومن جانبه، قال النائب عن ائتلاف دولة القانون عبد السلام المالكي ان إلقاء بارزاني التهم جزافا ومن دون مبررات امر غير مقبول من اي احد. وأضاف quot;ان المالكي لو كان دكتاتورا لما تجرأ بارزاني او غيره على وصفه بهذا الوصف ونحن نطالب بارزاني وغيره ممن يتهمون المالكي او حكومته بالدكتاتورية ان يقدموا ولو دليلا واحدا على هذا الامرquot;.

وأضاف quot;ان المالكي مرتبط بحكومة وبرلمان ومثل هكذا أمر لا يجعل من حكومته حكومة دكتاتورية وعلى بارزاني ان يتذكر انه جزء من حكومة شراكة وطنية،حصل التحالف الكردستاني فيها على العديد من المناصب والوزارات المهمة والسيادية quot;.

وأشار إلى أنّ اقليم كردستان quot;ما زال يمتلك عددا كبيرا من اسلحة الجيش السابق بما فيها طائرات وأسلحة ثقيلة. وهذا ليس من حق الاقليم لان قواته هي حرس للاقليم، اما مثل هذه الأسلحة فهي من استحقاق الجيش العراقي الذي هو من يحمي حدود العراق سواء في شمال او جنوب العراقquot;.

وقد رد التحالف الكردستاني على هذه الإنتقادات الموجهة الى بارزاني حيث قال الناطق باسم التحالف مؤيد الطيب ان بارزاني اول سياسي في تاريخ العراق تولى منصبا تنفيذيا من خلال الانتخابات المباشرة. وأضاف في تصريح صحافي quot;ان جميع السياسيين جاؤوا الى الرئاسة من خلال التوافقات السياسية ولا احد منهم تولى منصبه بطريقة انتخابات المباشرة هذهquot;.